2017/12/29

عادل الأنصاري// معركة عمال سيتلوم... الاعتصام المفتوح

بعد توقيع اتفاقية التدبير المفوض والذي بموجبه تم تفويت قطاع الماء
والكهرباء والتطهير السائل للشركة الفرنسية "فيفانداي" التي ستصبح بعد ذلك "فيوليا" المغرب في الرباط ومناطق الشمال سنة 2002، طرح التساؤل منذ تلك اللحظة عن مصير عمال الشركات العاملة في قطاع توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل سواء، الوكالات المستقلة أو الشركات المرتبطة بها بعقود. 
لقد كان توقيع الاتفاقية المشؤومة بمثابة بداية المأساة لعمال القطاع الدائمين أو المؤقتين. ونسوق في هذا الصدد النموذج من طنجة خصيصا، إذ عرفت الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء قبل تفويتها لمئات من العمال المؤقتين باسم شركات محلية على أن تكون لهم الأسبقية في الترسيم؛ وخصوصا أن أغلب العمال المؤقتين بدأوا العمل سنوات قبل التفويت ومجيء الشركة الفرنسية، حيث تعود بداية العمل لدى الوكالة لسنة 1996..
مع استقدام الشركة الفرنسية واعتبار "امانديس" فرعا لها في مناطق الشمال وخصوصا طنجة تطوان واصيلة، تم فك الارتباط بالشركات العاملة بالقطاع (العشيري وكوجنور) لتعويضهما بشركة وهمية كفرع ل"فيفانداي"، وذلك لتوهيم العمال المؤقتين وادعاء ضمان حقوقهم ليس أقلها الإدماج.
لقد خاض العمال آنذاك معركة دامت ثلاثة أشهر، أدمج بموجبها جزء من المعتصمين وتم توقيع اتفاقية جماعية على أساس الإدماج التدريجي للباقين، وذلك في محضر 22 مايو 2002. ومع توقيع الاتفاقية، تم تفويت العمال الباقين الى شركة "SMCE" التي عرفت بعد ذلك باسم شركة "امانور" التي هي في الأصل أحد فروع "فيوليا" المغرب. 
من هنا ابتدأت المأساة.. فمن تفويت الى آخر.. وتم بعد ذلك الفصل في شركة "امانور". وهكذا ونحن في 2017، نجد جزء منا يخوض الاعتصام منذ عام أمام إدارة "امانديس" من أجل تنفيذ مقتضيات اتفاقية مايو 2002، وهم عمال "امانور" الكهرباء المفوتين لشركة سيتلوم التي أغلقت أبوابها مع متم 2016.
أما عمال "أمانور"، فهم في وضع ليس أحسن حال من عمال سابقتها، أي "امانور" الكهرباء، إذ بات السيناريو المحبوك الذي أغلقت بموجبه "امانور" الكهرباء يتكرر ببشاعة.. فمن تصفية المكتسبات التاريخية للعمال الى المس المباشر بالقوت اليومي لهم وضرب استقرار العمل وصولا الى الطرد بدون سابق إنذار..
إن خوصصة القطاع جريمة في حق الشعب المغربي أولا. وما المظاهرات التي عمت المدن المعنية بالخوصصة إلا تأكيد لذلك. 
إن واقع عمال "امانورالكهرباء" المعتصمين منهم أو السائرين في طريقه والمعنيين باتفاقية ماي 2002 والتي عززتها الاتفاقية الجماعية لسنة 2012، والتي تشكل استرجاع المهن الأصلية أساسها، إذ انتقلت "امانديس" من التوزيع أساس التدبير المفوض الى الاستغلال "Exploitation" الذي يلزم على شركة "امانديس" إدماج عمال شركات المناولة لديها المشمولة بالاتفاقية الجماعية.
إن 15 شهرا واكثر من الاعتصام والاضرابات عن الطعام، لم تحرك ساكنا لدى إدارة "امانديس" رغم الإقرار الجماعي لعمال ومستخدمي الشركة بمدى مشروعية المعركة، وتضامنهم المطلق مع المعتصمين. 
إن أية معركة من ذات الطينة لو توفر لها الحد الأدنى من التضامن كما يقال، لتحققت مطالب المعتصمين من الوهلة الأولى. إن إعلان التضامن يعني الاقتناع، ويعني الدفاع عن المعركة.. وما بالك إن كان نفس الإطار النقابي؟ 
إن المسؤولية النضالية تقتضي أن يتحمل الكل مسؤولياته تجاه المعتصمين. فبعد نجاح معركة الكرامة التي خاضها عمال "امانور" وبعد المعاناة التي عاشها المعتصمون لما يزيد عن 77 يوما من الاعتصام المفتوح والمرفق بالاحتجاجات أمام "امانديس" ولجنة التتبع وشل كل مرافق الشركة في مدن تواجدها الرباط وتطوان وطنجة، تم توقيع اتفاقية النصر التي أسقطت بموجبها كل الأشكال التصفوية لإدارة الشركة ومن لف لفها. 
إن انتصارا من هذا الحجم، وفي هذا الزمن الرديء الذي توالت فيه انتكاسات المعارك العمالية، هو نقطة ضوء تفتح آفاقا جديدة للمعارك العمالية، ودرس جديد في النضال العمالي للمناضلين النقابيين الذين لا يقبلون لا المهادنة ولا المساومة ولا تحويل المكاتب النقابية الى أداة طيعة في أيادي الباطرونا وتشويه العمل النقابي بغاية كسر شوكة العمال باسم الاتفاقيات الجماعية التي لا تضمن غير "السلم الاجتماعي" (الاستقرار) للباطرونا والفتات والمعاناة للعمال.. وما التطورات التي تعرفها شركة "رونو" إلا نموذج صارخ. إذ تحول المكتب النقابي الى أداة من أدوات الادارة مسلطة على رقاب العمال.
إن أكبر تهديد لوحدة العمال هو تنصيب مكاتب متواطئة وعلى المقاس. وما تجربة "APM Terminal" ببعيدة عنا اد عمدت القيادة البيرقراطية الى تنصيب مكاتب نقابية ضد ارادة العمال ماعجل بالرحيل الجماعي للعمال لنقابة اخرى.وحتى لا تتكرر نفس المهزلة في شركة رونو التي وصل فيها الاحتقان الى حدود خوض وقفة احتجاجية للعمال امام مقر النقابة وسط الشركة متهمين المكتب النقابي بالتواطؤ .
إن المشروعية هي المشروعية المستمدة من القواعد العمالية، لا المملاة من طرف القيادات البيروقراطية التي تحرص على المصالح العليا للباطرونا؛ أما العمال بالنسبة لها، في آخر المطاف، ليسوا سوى أرقاما في بورصة "الأكثر تمثيلية".
إن نجاح المعارك النضالية يعني انتزاع المطالب، وليس القبول بالفتات الذي تمن به الإدارة. 
وإن المشروعية أيضا هي المشروعية النضالية.. 
ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق