أولا، لا يسعني سوى الوقوف إجلالا واحتراما لنضالات أبناء شعبنا الأبي في كل مناطق وطننا الحبيب، وبشكل خاص لبطولات أبناء جرادة.
إن انتفاضات شعبنا بمنطقة جرادة وغيرها تعبير حقيقي عن رفض كل أشكال الاستغلال والاضطهاد اللذين نعانيه في بلدنا الجريح. إنها تجلي واضح لنضج التناقضات الاقتصادية والاجتماعية التي أوصلت البورجوازية الكبيرة ناهبة خيراتنا للتربع ضمن أغنى أغنياء العالم، وأنزلت سواد الشعب الى أدنى مستويات المعيشة والتردي الاقتصادي. إن الانتفاضة الشعبية بجرادة تجسيد عفوي لمستوى تناقض المنتجين الحقيقيين للثروة وبين مالكي وسائل الانتاج المتخمين بفضل تعب وشقاء وجراح العمال والكادحين .
إن القول بعفوية الاحتجاجات لا يمس مصدرها الموضوعي المؤسس لوجودها وتمظهرها الآن وغدا، بل يمس بالضرورة الجانب الذاتي للصراع الطبقي، أي غياب أي توجيه سياسي ثوري للاحتجاج ليتلاءم مع المضمون الطبقي للصراع وليندمج ضمن التراكمات الكمية والنوعية التي من شأنها أن تؤسس للثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية. لقد كشفت الانتفاضات الشعبية في ربوع الوطن في ظل هذه الظرفية السياسية التي تمتاز بورقة الضوء الأخضر المسلمة الى الأنظمة الرجعية للدفاع باستماتة عن مصالح الامبريالية ببلدانها وضمنها مصالحها. إن المرحلة السياسية الآن تستلزم منا الاستفادة ما أمكن من كل تضحيات أبناء شعبنا، ليس فقط لبناء الذات، وهو السؤال القديم/الجديد، بل وفي علاقة جدلية بناء وتأسيس للحركة الجماهيرية خاصة الحركة العمالية. لقد آن الأوان لوضع نضال العمال، خاصة عمال المناجم على سكته الصحيحة تنظيميا وسياسيا، نظرا للزخم النضالي الكبير الذي راكمته تجربتهم الإنتاجية الشاقة وكذا تجاربهم النضالية. فينبغي أن يكون لاستشهاد عامل هنا صدى له بمناجم أخرى، وينبغي العمل وبجد بعيدا عن الرومانسية "المتمركسة" على توحيد نضال عمال المناجم. ولن يتأتى هذا إلا عبر محاصرة البيروقراطية والارتباط الوثيق والمنظم بعمال المناجم، سواء بمناجم عوام أو بوازار أو ايمضر أو غيرها
إن بناء الذات بعيدا عن الزخم النضالي والمساهمة في توجيهه لهو لعب بالمفاهيم، لا أقل ولا أكثر. لقد كشفت التطورات الآنية عجزا حقيقيا في صفوف المناضلين، خصوصا على مستوى التأطير السياسي والنظري والتنظيمي للمعارك.
كفانا جلدا للذات والانزواء النظري البعيد كل البعد عن الممارسة الواقعية!! وهنا لا أقصد التجريبية، بل تطور جدلية النظرية والممارسة؛ أي التأثير في الواقع والتأثر به وفق بوصلة النظرية العلمية، الماركسية اللينينية.
جرادة مرة أخرى، الى جانب الحسيمة وزاكورة ونضالات عمال المناجم والعمال الزراعيين وعمال النسيج والفلاحين الفقراء...، تكشف ضعفنا وتأخرنا عن الزخم النضالي، رغم انخراطنا فيه ومتابعته كمناضلين..
لكننا سياسيا وتنظيميا، متأخرون كثيرا..
فكم يلزم شعبنا من تضحية ومن صرخة...؟!!
وكم يلزم المناضلون من دعوة للوحدة النضالية الفعلية...؟!!
إنه مسار شاق، وسنواصل المسير حتى النهاية...
شارك هذا الموضوع على: ↓