2018/01/23

محمد حومد//في ذكرى كل انتفاضة، نعيش انتفاضات... فما المطلوب؟

ونحن نخلد الذكرى الرابعة والثلاثين لانتفاضة يناير 1984 الشهيرة، نكاد نجزم أنه منذ الاستقلال الشكلي إلى يومنا هذا لم تتخلف ولو بقعة واحدة على طول وامتداد خريطة الوطن عن الانخراط والانضمام إلى الانتفاضات الشعبية والحركات الاحتجاجية المتصاعدة. فمن الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية الكبرى إلى المناطق والدواوير المنسية، مرورا بمعظم المدن والقرى... 

يكتب شعبنا بكفاحيته المعهودة تاريخا حافلا بالتضحيات الجسام والتحدي والصمود ضد النظام القائم وآلاته وأجهزته القمعية الشرسة. فلكل بؤرة ملحمتها الخاصة وسجلها اللامتناهي بأسماء الضحايا، من مشردين ومعتقلين سياسيين ومختطفين وشهداء... إنه إرث لا يمحيه الاضطهاد أو النسيان أو التخاذل... 
ومن بين الدروس التي من المفروض على المناضلين، منظمين أو غير منظمين، استخلاصها من حركية ودينامية تاريخنا المعاصر ومن المحطات النضالية التي نعيشها حتى يومنا هذا، أذكر:
ضرورة استيعاب دروة وحجم الصراع الطبقي ببلادنا في كل قطعة من أرض الوطن بدون استثناء أو تمييز شوفيني بين منطقة وأخرى؛
التعارض الفظيع والمؤلم بين حجم التضحيات والاستعداد الهائل لأبناء شعبنا، وخاصة العمال في مختلف مواقع الإنتاج، للمواجهة والتصدي للمخططات الطبقية من جهة؛ والمطالب الضئيلة التي يتم تحقيقها تارة وتارة يتم الإجهاز عليها، كبعض المكتسبات الذي يتنازل عنه النظام مضطرا أحيانا، من جهة أخرى؛
هشاشة وضعف الأحزاب السياسية التقليدية و"الحديثة" وحتى "اليسارية" (ادعاء أو شكلا)، وبالتالي عجزها عن مواصلة ومواكبة نضالات شعبنا، وتواطؤها أيضا الى جانب القيادات النقابية المتخاذلة، فسرعان ما تتنصل من هذه النضالات وترتد عنها وتطعن في مشروعيتها من أجل محاصرتها ولجم شعاراتها ومسارها؛
تربص القوى الظلامية بنضالات شعبنا للانقضاض على تجربته في الوقت المناسب وبالطريقة التي تراها تخدمها ولو في أشكالها المنحطة، كما حصل مع حركة 20 فبراير من طرف الحزب الظلامي "العدالة والتنمية" واستعراض العضلات بالنسبة للجماعة الظلامية "العدل والإحسان" من خلال مسيرات العاصمة الرباط أو عبر نضالات الريف أو غيرها...؛
منذ انطلاق حركة 20 فبراير التي نحن على أبواب تخليد ذكراها السابعة وكذلك الانتفاضات الشعبية الأخيرة التي شهدتها كل من الحسيمة وايمزورن (الريف عموما) وزاكورة وجرادة وأوطاط الحاج وتندرارة والقافلة طويلة، تتسابق بعض الاقلام والموجات الهوائية السمعية والبصرية لترويض هذا الزخم النضالي لشعبنا و"قولبته" على مقاصها الخاص، وذلك من أجل التشويه والتشويش على الحقائق الفعلية التي دفعت بأبناء الكادحين الى النزول إلى الشارع وبهدف محاصرة وتقديم المناضلين الفعليين قربانا للنظام. وللأسف الشديد فإن من بين من يدعي الانتماء الى اليسار هو السباق لترويج الشعارات الغادرة وحبك المؤامرات؛
غياب الأداة السياسية (الحزب الثوري) القادرة على تحمل المسؤولية العظمى في مواجهة النظام وأزلامه وتغلغلها في صفوف الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة، وتأطير وتوجيه معاركها حتى تحقيق الانتصار، أداة قادرة على تبني نجاحات وإخفاقات تجارب الحركة الجماهيرية وعلى رأسها الإنجازات البطولية للطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والطلبة والمعطلين وكافة الكادحين، أداة ثورية لا تقبل المساومة أو الطعن في أشكال الدفاع الذاتي لأوسع الجماهير الشعبية أو الانسياق وراء "نظرية" التآمر أو المؤامرة... 
إن المفارقة المهولة بين الفعل والحصيلة هو نتاج للغياب الفعلي والتنظيمي لتأطير هذا الزخم النضالي للجماهير الشعبية المنتفضة؛ ففي ظل هذا الوضع، وضع الاستباق نحو الانصهار السلبي في الحركات الاحتجاجية، سيجعل الشعب المغربي يقدم المزيد ثم المزيد من الضحايا... وقد تستفيد منه بعض الأطراف السياسية والظلامية، إلا أن تأطير النضالات وتنظيمها سيقلبان المعادلة رأسا على عقب، فحجم الخسائر في الضحايا سيتقلص والانتفاضات ستتعمق وتتمدد وسيكون لها وقع تاريخي سيساهم لا محالة في صنع تحرر شعبنا وانعتاقه...
إن التنظيم هو وحده القادر على صيانة مكاسب الجماهير الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة وتأطير نضالاتها لتحقيق الأهداف المنشودة عبر خطوات نضالية محكمة. والانخراط المنظم للعمال والفلاحين الفقراء في الحركات الجماهيرية عبر الإضرابات الطويلة المدى هو الضامن لانتصارها. أما مسألة السلمية أو غير السلمية فهو هراء لدر الرماد في عيون شعب لم تعد تخفى عنه مزاعم الانتهازيين، ومغازلة مفضوحة للنظام بغاية التملق وربح الرضى والفتات. والنظام يعي هذا جيدا... 
إن النزول الى لشارع هو الذي يخيف النظام، لأن الكلمة الأخيرة هي للشارع المنظم والمؤطر، والمحاكمات الصورية تؤكد ذلك. إنها لا تميز بين دعاة السلمية ودعاة غير السلمية...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق