أثار إعلان الحكومة عن تشكيل لجنة وزارية للرد عن تقارير المنظمات "الحقوقية" الدولية بعض ردود الفعل في صفوف المنظمات "الحقوقية" بالمغرب، والتي في أغلبها (أي ردود الفعل) تسير نحو التأكيد على أولوية معالجة النقط الواردة في تلك التقارير بدل تشكيل "لجنة وزارية" للرد عليها.
بالفعل، هناك تقارير دولية تفضح العديد من الاختلالات في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، سواء في شق الحقوق المدنية والسياسية أو ما تعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وبدون شك، فالنظام لا يهمه معالجة تلك الاختلالات أو غيرها، كما يتوهم البعض، حقوقيا كان أو نقابيا أو سياسيا. وما نسميه نحن اختلالات، بل جرائم، يعتبر بالنسبة إليه ممارسة مدروسة وممنهجة وآليات ضرورية لخدمة مصالحه الطبقية وضمان هيمنته واستمراره. ومن الطبيعي الانتقال من أسلوب تجاهل تلك التقارير وفي أحسن الأحوال التعليق عليها، كما كان في السابق، الى اعتماد آلية جديدة (لجنة وزارية) للرد عنها.
إن النظام يجدد جلده ويطور أدواته ويعمل على فك العزلة عنه. باختصار، النظام يضبط ساعته ويحين خريطة طريقه، في الوقت الذي نغرق نحن في "متاهاتنا" ونواصل شرودنا وركوب "الخيال"...
إن مسؤوليتنا النضالية تقتضي إنتاجنا لتقاريرنا القائمة على حقيقتنا الفعلية. ولا يمكن الوصول الى هذه الغاية دون التجذر في واقعنا والارتباط الوثيق بالفاعلين والمؤثرين الطبقيين الحقيقيين واعتماد التحليل الملموس للواقع الملموس. فمن المخجل أن ننتظر المنظمات "الحقوقية" الدولية لتقدم لنا حقيقتنا أو تكشف عن "أسرارنا" (أسرارهم)... كما من غير المقبول أن نشرب من المنابع الملوثة لبعض منظماتنا "الحقوقية" التي تتوالد كالفطر طمعا في التمويل والمناصب، وبالتالي التشويش على الفعل النضالي الجاد والمسؤول...
والخطير في تقارير المنظمات "الحقوقية" الدولية، ليس فضح الاختلالات التي تزعج النظام وحواري النظام، وهو فضح سطحي ومحتشم في أغلب الأحيان، إن الخطير هو سكوت تقاريرها عن العديد من الاختلالات، بل الجرائم، علما أن لديها كل الإمكانيات للوصول الى المعلومة. إنها حال منظمة الأمم المتحدة، دمية الامبريالية المدللة، التي تبارك الجرائم هنا وتندد بأخرى هناك...
وإذا كانت هذه التقارير تمتح من تقارير منظماتنا "الحقوقية"، فإن هذه الأخيرة بدورها تسكت عن "العديد من الاختلالات، بل الجرائم". وفي كثير من الأحيان، تكيل بأكثر من مكيال في لعبة تواطؤ مكشوفة. وحتى لا نبقى في حدود "الاتهام"، نقدم كمثال تجاهل العديد من المعتقلين السياسيين القابعين في زنازين النظام الصدئة، وغض الطرف عن الكثير من الخروقات التي تمس الأشكال النضالية ذات العمق الكفاحي وعن المضايقات والاستفزازات التي تطال المناضلين غير "الطيعين"، ومنهم بالخصوص المناضلين الماركسيين اللينينيين.
ومن بين المفارقات العجيبة ببلادنا وجود وزير لحقوق الإنسان منتم الى القوى الظلامية التي ترفض أي "تطبيع" مع شعار "كونية" حقوق الإنسان، وهو الشعار الذي لا تخلو منه أدبيات منظماتنا "الحقوقية"... إنها إهانة عن سبق الإصرار لمنظماتنا "الحقوقية"، هذه الأخيرة التي تتعايش معها، أي مع الإهانة، بكل أريحية... ولننتظر مرة أخرى رد فعلها بشأن "الخطة الوطنية من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان"، التي حبكتها الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان وتتهيأ لإطلاقها...
وإذا كان النظام يغازل تلك المنظمات "الحقوقية" الدولية ويراودها عن نفسها، فإننا من موقعنا النضالي نستنكر انتقائيتها غير البريئة والمنسجمة وانتهازية بعض منظماتنا "الحقوقية" المتواطئة وحربائية رموزها...
فما حك جلدنا غير ظفرنا. لنتضامن مع رفاقنا داخل السجون وخارجها، ولننتج تقاريرنا، ولننخرط في معارك أبناء شعبنا (عمالا وفلاحين فقراء وطلبة ومعطلين ومعتقلين سياسيين...). إن لدينا ما يكفي من الجرأة والاستعداد لمواجهة الزيف بالحقيقة...
وليشكلوا اللجن والمجالس، وليردوا على بعضهم البعض أو ليفضحوا بعضهم البعض...، فلا يصح في آخر المطاف غير الصحيح...
شارك هذا الموضوع على: ↓