24‏/04‏/2018

حسن أحراث// فاتح ماي بالمغرب: ماذا ستقدم النقابات للعمال؟!!

لن أضيف شيئا إذا قلت إن النظام القائم مسؤول بالدرجة الأولى عن المعاناة
التي تتكبدها الجماهير الشعبية المضطهدة، وخاصة الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، وعلى مدى سنوات عديدة. فمؤامرة "إيكس-لي-بان" (AIX-LES-BAINS) التي قادها الاستعمار الفرنسي قد أسست لهذه المعاناة المتواصلة منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي. وليس غريبا أن تستمر مادام مهندسو تلك المؤامرة و"ذريتهم" الهجينة والخائنة مستمرين فوق جراحنا وماسكين بقبضة من حديد بزمام الأمور.
كما أني لن آتي بجديد إذا تحدثت عن التردي الاقتصادي والاجتماعي المتفاقم وعن الاستغلال الفاحش لثروات بلادنا (تحت الأرض وفوقها) والاضطهاد المريع لأبناء شعبنا وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة الكريمة (الصحة، الشغل، السكن...)، بل واغتيالهم والزج بهم في غياهب السجون المظلمة.
إن المسكوت عنه، والذي صار مفضوحا، هو تواطؤ النقابات والأحزاب السياسية، أقصد الأحزاب التي تدعي الديمقراطية والتقدمية وأشياء أخرى، أي الأحزاب التي تنعت بالإصلاحية والنقابات المحسوبة عليها، وخاصة الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل؛ بالإضافة طبعا الى نخبة غارقة في العمالة والنذالة تحت مسمى "المجتمع المدني"، حيث يتعانق أشباه المثقفين والحقوقيين والصحافيين والإعلاميين... أما الأحزاب السياسية الرجعية، بما في ذلك الظلامية والشوفينية، فهي جزء لا يتجزأ من ذات النظام القائم الذي يخوض حربا طبقية شرسة ضد أعدائه الطبقيين. 
إننا أمام منعطف تاريخي حاسم، حيث احتداد الصراع الطبقي والحاجة الملحة للقيادة الثورية. فإما أن نكرر الأخطاء القاتلة، أي الرهان على الأحزاب السياسية المسماة إصلاحية ونقاباتها بقيادات بيروقراطية متهالكة (مافيوزية)؛ أو نقطع معها ونؤسس لأفق سياسي ونقابي جديد يفسح المجال لتتفتح نضالات شعبنا وتتوسع ولتزهر تضحيات شهدائنا وترسم معالم غدنا المشرق. 
ولوضع النقط على الحروف، لا أدعو الى تأسيس نقابات جديدة. فما يهم هو التواصل والتجذر والمساهمة في تنظيم القواعد النقابية وتأطيرها وتطوير وعيها السياسي داخل هذه النقابة أو تلك. وبالتالي أناشد المناضلين في هذه النقابات من أجل النضال للإطاحة بقياداتها وعزل أذرعها الطيعة والمتآمرة. وكبداية لذلك، عدم الاستجابة لقراراتها المتخاذلة وعدم الانخراط في مبادراتها التي تكرس واقع الخنوع والانبطاح، وبالتالي فتح أوراش محاسبتها، بل محاكمتها...
لقد عشنا تجربة 20 فبراير (حتى لا نغرق في الماضي)، وظهر جليا تخلف النقابات عن مواكبة تلك الدينامية النضالية المتميزة، رغم وجود مناضلين في مختلف مواقع المسؤولية بهذه النقابات. وتوالت التجارب النضالية، ومنها انتفاضة جرادة، وتخلفت مرة أخرى النقابات، ورغم " وجود مناضلين في مواقع المسؤولية بهذه النقابات"...
وبمناسبة فاتح ماي هذه السنة، وقبل ذلك وبعده، ماذا قدمت وماذا ستقدم هذه النقابات، أو للدقة، هذه القيادات، للطبقة العاملة وللشغيلة المغربية عموما؟
إن هذه النقابات لا تملك غير المسكنات المتجاوزة الصلاحية. ولا تملك حتى قرارها أو مصيرها. لذلك، فانصياعها المكشوف نتيجة لضعفها المرسوم بعناية (الإضعاف الذاتي قبل الإضعاف الخارجي) ولعدم استعدادها لأي معركة قد تعصف بامتيازاتها، ومنها الفساد المالي الذي ينخر جسدها المهترئ وغياب الديمقراطية الداخلية وتخليد الزعامات المتقاعدة... 
فكيف لزعيم "نقابي" تفوق ممتلكاته ثروة المحسوبين عن الباطرونا، أن يدافع عن العمال أو أن يدود على حقوقهم، فبالأحرى أن يضحي من أجلهم؟ والأمثلة عديدة في صفوف الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل.
وأعود الى وضعية/موقف المناضلين، كيف يسكتون، ومن موقع المسؤولية داخل النقابات، عن عدم الخوض في ماليتها؟
كيف يسكتون عن جرائم النقابات (أقصد دائما القيادات) بخصوص إجهاض المعارك النضالية، بل البيع والشراء في عرق ودم العمال والفلاحين الفقراء وعموم الشغيلة؟
لماذا قبل المناضلون، ومن موقع المسؤولية داخل النقابات، تمرير فضائح أنظمة التقاعد والتوظيف بالعقدة...؟ والقبول هنا بمعنى قبول الاستمرار في نفس المواقع والالتزام "بديمقراطية" مفترى عليها، رغم حصول ما حصل، وكأن ما يهمهم هو المقاعد وليس مصالح القواعد النقابية.
لماذا السكوت عن تجاهل النقابات لقضية الاعتقال السياسي، علما أن المناضلين يعتبرونها قضية طبقية؟
لماذا طمس واقع السجون وعدم الالتفات الى الأعداد الكبيرة من المعتقلين السياسيين ومآسيهم ومآسي عائلاتهم؟
ونحن مرة أخرى أمام تمرير مخطط طبقي خطير، أي قانون الإضراب، كيف سيكون، ليس موقف القيادات النقابية أو الأحزاب السياسية، بل موقف المناضلين مع "وجودهم في مواقع المسؤولية بهذه النقابات"؟ 
إن ما يجب الجهر به اليوم، وبهذه المناسبة الأممية وما ترمز اليه من كفاح وتضحية، هو مسؤولية الأحزاب السياسية والنقابات، وكذلك مسؤولية ودور المناضلين ذوي مواقع المسؤولية داخل النقابات، سواء محليا أو وطنيا، في استمرار معاناة شعبنا.
لقد آن الأوان ليتحمل المناضلون مسؤولياتهم السياسية والنقابية في مشروع التغيير الجذري المأمول، موقفا وممارسة. فلم يعد مقبولا بعد كل هذا الوضوح/الفرز الذي أبان عنه الواقع الاختباء وراء الشعارات أو موازين القوى أو ادعاء "الخلاف والاختلاف".
إن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم بمناسبة فاتح ماي، ليس بالضبط "ماذا ستقدم النقابات...؟"، بل ماذا سيقدم المناضلون من داخل النقابات أو من خارجها؟
إنها مسؤوليتنا جميعا...
وأضعف ما نقدمه في ظل شروط الجزر التي تتقاذفنا/تتجاذبنا، هو الالتزام المسؤول والفعلي بالانخراط النضالي في كافة معارك أبناء شعبنا، ومنها معركة/محطة فاتح ماي هذه السنة، والمساهمة من مواقعنا النضالية المختلفة في دعمها وتغذيتها حتى تحقيق أهدافها الثورية.

للاستئناس :




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق