أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء (المقصلة) يوم 26
يونيو 2018 أحكاما انتقامية في حق المعتقلين السياسيين (معتقلي الريف) وصلت 20 سنة سجنا نافذا. وتباينت ردود الفعل بخصوصها من مندد ومستنكر الى غاضب وساخط. ذرفت الدموع وساد الحزن والألم والأرق في صفوف المعتقلين السياسيين والعائلات والمناضلين والكثير من أبناء وبنات شعبنا الأبي. من حقنا أن نحزن ومن حقنا أيضا أن نبكي ومن حقنا ان نعبر عن تأثرنا بكل الأشكال. علما أن دموعنا دموع قوة وعهد على مواصلة المشوار، وليست أبدا دموع ضعف أو استسلام أو دموع تماسيح. لا أتحدث عن المنتشين والفرحين بإجرام النظام، أزلام النظام (محامين ومرتزقة...).
لقد وصلت ردود الفعل الى الدعوة الى الإضراب العام بمنطقة الريف (الحسيمة بالخصوص) والى تنظيم مسيرة وطنية بالدار البيضاء يوم 08 يوليوز 2018.
الى جانب ذلك، تحدث الرميد (وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان) وقال ما قال. إنه من العار الإنصات الى ما قال. إنه يضحك على ذقوننا في واضحة النهار باسم حقوق الإنسان التي يناقض وحزبه الرجعي والظلامي مرجعيتها "كما هي متعارف عليها عالميا". إنه يستهزئ ممن جالسوه وناقشوه وانتظروا تدخله وسخاءه...
عقدت أحزاب "الأغلبية" اجتماعاتها، وصرحت بما صرحت ووعدت ضمنا ما وعدت به. نددت "المعارضة" (وأي معارضة؟) بما نددت به وتوعدت بما توعدت به.
ونحن؟ ماذا نقول؟ وماذا نفعل؟
هل ستنطلي علينا الحيلة مرة أخرى؟
هل سنصدق الوعود والوعيد؟
هل سنصدق النظام؟
هل سننتظر "الاستئناف"؟
هل سننتظر"العفو"؟
هل سنصدق الوقفات والمسيرات والشعارات والعناقات واللقطات؟
هل نلجأ الى التباكي وتضميد جراح بعضنا البعض عبر العالم الافتراضي؟
هل سنستريح بعد "إزالة العياء" (لغة كرة القدم)؟
هل نكرر أنفسنا (كاريكاتوريا)؟
ندعم هذه المعركة (معركة "قبيلتنا") ونتجاهل المعركة الأخرى (معركة "قبيلتهم")؟
نؤازر هذا المعتقل (لأنه من "قبيلتنا")، ونتناسى المعتقل الآخر (لأنه من "قبيلتهم")؟
نسكت على الكثير من التراكمات المشوهة والمذلة ونتعايش معها، وحينما نصفع على حين غرة نستفيق وكأننا لم نسكت أو نتعايش معها.
نفضح القوى السياسية المتواطئة مع النظام وكذلك القيادات النقابية البيروقراطية ومرتزقة العمل الجمعوي، وتصدر في حقنا أحكام التهميش والعزل وفتاوي النبذ والتشهير والافتراء.
نندد بالتنسيق أو التحالف مع القوى الظلامية والشوفينية أو العمل بجانبهما، وهنا "نرجم" بوابل من السب والقذف والتجريح.
نادينا بمقاطعة ما يسمى بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ولم يكن لندائنا صدى. دعونا المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف للانسحاب من هذه المؤسسة الرسمية المسوقة لمشاريع النظام، وتم الالتفاف على دعوتنا ومحاصرتها.
نادينا بمقاطعة الانتخابات انسجاما وتجاوبا مع نبض شعبنا، ولم تستجب العديد من القوى السياسية التي "تندد" الآن بالأحكام الانتقامية.
سقط العديد من الشهداء بين أيدينا وعلى نار هادئة، ومن بينهم الشهيد مصطفى مزياني، ولم يحزن "الحزينون" الآن و"الغاضبون" الآن و"المستنكرون" الآن... ولم يحرك "المثرثرون" الآن ساكنا... كانت تصفية حسابات مقيتة على حساب أرواح أبناء شعبنا...
رفعنا صوتنا عاليا للتنديد بالمؤامرات التي تحاك ضد مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وخاصة مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي، فوجهت لنا تهم العدمية ودعم العنف وهلم جرا، وحتى تهم الارتزاق باسم المعتقلين السياسيين...
إذا "اقتربنا" من دائرة الاعتقال السياسي نتهم بالارتزاق، وإذا "ابتعدنا" (ولو الى حين) نتهم بالخيانة والتواطؤ...
هناك قول مأثور: "إذا نطقت مت وإذا سكتت مت، قلها ومت". ونحن نقولها وسنقولها دوما وأبدا...
صرخنا بملء فمنا ومن خلال كتاباتنا بأن سنوات الجمر والرصاص مستمرة، بل جاثمة على صدورنا وخانقة لأنفاسنا، فنعتنا بالجنون واعتبرنا دينوصورات زمن مضى.
باختصار، نتفهم وضعية العائلات، ولا يمكن إلا أن ندعمها ونؤازرها وأن نتفهم ردود فعلها. وأجمل وأكبر دعم للمعتقل السياسي هو دعم ومؤازرة عائلته بدون انتقائية أو تمييز. أما المناضل، فلا يأبه لعدد السنوات التي قد يحاكم بها. ببساطة لأنه مناضل. فهذا الأخير، يمكن أن يقتل كما يمكن أن يعتقل أو يشرد. بالفعل حدثت متغيرات عديدة ببلادنا وبالخارج. ولم يعد "لقب" المناضل اليوم كما "لقب" المناضل بالأمس. لقد صار "لقب" المناضل الآن ولدى الكثيرين مطية لتحقيق أغراض ذاتية ليس إلا (كان ذلك في الماضي بنسبة أقل). ويمكن مراجعة لوائح "المناضلين الصناديد" على الأقل منذ 20 فبراير 2011 الى اليوم، حتى لا أقول منذ الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات... إلخ؛ وحتى لا أقول أين المعتقلين السياسيين السابقين من مختلف المجموعات والأجيال؟ وبالتالي فمن يتفاجأ بعدد سنوات السجن التي قد تصدر عن مشانق النظام هنا أو هناك، يمكن أن يطرح على نفسه السؤال: "هل أنا مناضل"؟ أو أن يطرح عليه السؤال: "هل أنت مناضل"؟
طبعا، المناضل إنسان وله إحساس، وله نقط قوة ونقط ضعف، لكن ليس لحد عدم توقع الأسوأ في ظل نظام لا يرحم. إن الصراع في أشد مراحله ليس غير "أن تكون أو لا تكون"، حيث تزول المجاملات ويموت التسامح. وتصير المصالح اللغة أو العملة الوحيدة التي "تسود وتحكم".
إن النظام القائم بالأمس هو نفسه النظام القائم اليوم. فقط، هناك استفادة كبيرة من المستجدات العلمية والتقنية (التكنولوجية) ومن الواقع، وخاصة من ضعفنا وهشاشتنا وتشتتنا وخيانات بعضنا، ومن دعم الامبريالية والصهيونية والرجعية...
إن معركة المعتقل السياسي معركتنا ومعركة شعبنا. ومعركة إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين معركتنا ومعركة شعبنا. لنتكتل على أرضية سياسية نضالية واضحة ومبدئية. فأمام المناضل التاريخ ووراءه التاريخ... كما أمامه الشعب ووراءه الشعب...
وأنبه هنا الى ذهاب النظام بعيدا في مؤامرة عزل المناضلين، ومن بينهم بعض المعتقلين السياسيين السابقين، عن المعتقلين السياسيين الحاليين وعن عائلاتهم، وذلك من خلال زرع مرتزقة مشوشة وتوظيف إطارات جمعوية مشبوهة لهزم المعتقلين السياسيين وإضعاف عائلاتهم، وبالتالي تقديمهم للنظام للانفراد بهم والعمل على كسر شوكتهم وتدجينهم/ترويضهم، بما يجعل منهم أداة طيعة لخدمة مشاريع النظام من مواقع مختلفة. ولنا تجربة مريرة مع أبطال "الإنصاف والمصالحة" والعديد من رموز ما يسمى بالقوى "الوطنية والديمقراطية"، بدء من حزب الاتحاد الاشتراكي والى حزب "آخر العنقود". دون أن ننسى رسائل النظام الى المناضلين خارج السجن. إنه مصيركم، النظام أمامكم والنظام وراءكم..
لقد كشر النظام على أنيابه، ولم يعد مجال بعد للتردد أو الوهم. إنها لحظة فرز فاضحة.
هل قدرنا دائما إخلاف الموعد مع التاريخ؟!!
كفى من هدر فرص تقدم الفعل النضالي...
شارك هذا الموضوع على: ↓