نظمت كما هو معلوم يوم الأحد 08 يوليوز 2018 بمدينة الدار البيضاء مسيرة منددة
بالأحكام الانتقامية الصادرة في حق معتقلي الريف. والملاحظ أو الذي أثار الانتباه والتساؤل هو غياب أو مقاطعة هذه المسيرة من طرف جماعة العدل والإحسان.
والآن، وبعد الدعوة الى تنظيم مسيرة أخرى يوم الأحد 15 يوليوز بمدينة الرباط، أصدرت الجماعة بلاغا تؤكد فيه مشاركتها، وتدعو الى "المشاركة المكثفة" فيها (نص بلاغ الجماعة رفقته).
إن الجماعة هنا تتفاعل وتتجاوب مع من يدعو الى العمل بجانبها والتنسيق معها و"أشياء أخرى". ولا يهمها المعتقلين السياسيين أو عائلاتهم...
فهل كانت مسيرة 08 يوليوز بالدار البيضاء محطة "شياطين" من أجل "الشياطين"؟
وهل ستكون مسيرة 15 يوليوز بالرباط محطة "ملائكة" من أجل "الملائكة"؟
علما أن عددا كبيرا من المناضلين والمواطنين لن يتمكنوا من المشاركة في مسيرة "الملائكة". فلن يكون بمقدور جلهم التنقل وبنفس الأعداد من المدن البعيدة عن الرباط، بعدما تنقلوا الأسبوع الماضي وفي ظل شروط صعبة. إنه استنزاف مجاني. إنها مسيرة "الملائكة" بامتياز، و"الشياطين" (المناضلون) الى "النار" والسجون المنسية...
إن الجماعة تلبي بخلفية سياسية ولأهداف سياسية الدعوات "المبطنة" والصريحة الموجهة اليها، بما يفصح عن مناورات سياسية قائمة على امتطاء معاناة المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، وعلى تكريس التعاطي الانتقائي والانتهازي مع محن أبناء شعبنا داخل السجون وخارجها.
إن مآسي الجماهير الشعبية المضطهدة صارت مناسبات لاستعراض العضلات وتقديم الإشارات السياسية الى هذه الجهة السياسية أو تلك.
فليس غريبا أن يستمر التردي الاقتصادي والاجتماعي رغم المسيرات "المليونية" والوقفات والإضرابات...
وليس غريبا أن تصدر الأحكام الانتقامية الخيالية رغم الانتفاضات والاحتجاجات. إن النظام أدرى بمعاني ودلالات "مسيراتنا" و"احتجاجاتنا".
وببساطة، إنه يعرف حقيقة "الرموز" السياسية القابضة على خناق/عنق الممارسة السياسية ببلادنا من خلال الأحزاب السياسية الرجعية وحتى الإصلاحية، ومن خلال النقابات ذات القيادات البيروقراطية المتواطئة ومن خلال كذلك التنسيقيات والائتلافات الهجينة واللجن؛ وذلك في ظل الغياب الفظيع للبديل السياسي القادر على التأثير، بل تغيير موازين القوى لفائدة قوى التغيير الجذري.
وبقليل من النباهة والذكاء السياسيين، لا يمكن مجانبة الصواب عند طرح والإجابة عن الأسئلة التالية:
ما هو أثر وتأثير المسيرات المسماة "مليونية"؟
هل الأعداد الهائلة المشاركة في هذه المسيرات عاجزة فعلا عن الانخراط في مهام التغيير الحقيقي، أم أنها جيوش مكبلة؟
كيف يزداد إجرام النظام القائم من قمع وقهر واستغلال في أجواء هذه المسيرات "المجلجلة"؟
الى متى سنبقى ننظم المسيرة تلو المسيرة؟
نعم للكم الذي يخلق الكيف ويصنع الفارق في واقع الصراع، ولا للكم المغشوش أو الكم من أجل الكم.
لقد فقدت الأشكال النضالية مضمونها الكفاحي من خلال الممارسات البهلوانية الفاقدة للشرعية النضالية الطبقية. فصار الإضراب العام بدون طعم وكذلك المسيرات والوقفات وباقي الاحتجاجات، رغم كل الجهود المبذولة والتضحيات المقدمة...
كفى من "الخرجات" التي تدغدغ العواطف وتمتص الغضب. إننا في حاجة الى ضبط وتحديد مكامن الخلل وبالتالي الاشتغال على تصحيحها وتجاوزها، ونفس الشيء بالنسبة لمداخل التغيير الجذري الفعلي الذي يضع حدا لعربدة النظام المتواصلة ببشاعة.
ليقترب المناضلون من البؤر النضالية الحارقة، وخاصة العمال والفلاحين الفقراء، لننتزع المكتسبات ونراكم الانتصارات وفي مقدمتها فرض إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين...
نص بلاغ الجماعة:
"بسم الله الرحمن الرحيم
جماعة العدل والإحسان
الدائرة السياسية
الأمانة العامة
بلاغ
استجابة لنداء معتقلي حراك الريف وعائلاتهم والقاضي بتنظيم مسيرة شعبية بالرباط يوم الأحد 15 يوليوز 2018، انطلاقا من باب الأحد على الساعة العاشرة (10) صباحا، تنديدا بالأحكام الجائرة الصادرة مؤخرا، تدعو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان عموم المواطنين والمواطنات للمشاركة المكثفة في هذه المسيرة الشعبية، من أجل إطلاق سراح المعتقلين، وفك الحصار المضروب على الريف، والتنديد بالأحكام الظالمة، ودعما لعائلات المعتقلين في محنتهم.
الأربعاء 27 شوال 1439، الموافق 11 يوليوز 2018"
شارك هذا الموضوع على: ↓