15‏/11‏/2018

حمان الأطلسي// عندما تعوي ذئاب السياسة

ما هو المعيار الذي يمكن أن نركن اليه للحكم على جيل كامل بالفشل الاخلاقي؟ 
ما سبب هذه الحمى الهوجاء والوصاية الأخلاقية العمياء؟ 

من أعطاكم الحق لوصف هذا الجيل بأبشع النعوت؟ 
أولا، الضباع لا تحتج. لأنها خنوعة خاضعة مسلوبة القرار، وبالعامية نقول: فلان "مضبع"؛ يعني خاضع ومسير متحكم فيه. اذن، اتهام هذا الجيل بهكذا نعت هو قفز عن الحقيقة والواقع. هذا الجيل يا سادة انتفض وناضل ولو بأسلوبه العفوي البسيط. قفز وقرر عدم الخضوع، فكيف يكون ضباعا؟ طبعا، سيكون العكس لو كان صاحبو هذه النعوت وغيرها يضعون سقفهم السياسي كمعيار للحكم على الشخص بل الجيل بكامله. أي عقل ناضج حتى لو كان مثاليا يشكك في ذكاء جيل بأكمله؟ أي تفاهة هذه التي تضعون فيها أنفسكم؟ ليس غريبا أن تجند بعض العناصر وتندس في صفوف التلاميذ من أجل توجيه احتجاجاتهم وتشويهها. وليس مفاجئا أن تساهم هذه العناصر المجندة والمندسة في شل الاحتجاجات وإجهاضها. إنها سيناريوهات مألوفة بالنسبة للنظام.
الأخلاق يا سادة نتيجة موضوعية، وليست ذاتية. أكرر، ليست ذاتية، أي أنها تمظهر طبيعي لحركة الواقع لحركة الصراع الطبقي. تسيطر أخلاق الطبقة الحاكمة لأنها المتحكم في دواليب السلطة وأجهزتها الأيديولوجية. الصراع لصالحها، وبالمقابل ترسم الطبقة المضطهدة ملامح أخلاقها، أي أخلاق المستقبل في خضم صراعها. الأخلاق تتغير بتغير وتطور الصراع يا سادة. من يحكم على جيل 2000 بأخلاق 1970، فهو ثابت جامد، لم يستوعب الصراع بعد، ولم يفهم أن سيرورة الصراع من (...) وإلى (...) قد أفرزت ما أفرزت من أخلاق كانت إيجابية أو سلبية. أن تحكم على الجيل من لباسه فأنت تافه، بل أكثر من تافه. لأنه ببساطة ليس هم من ينتج اللباس، بل الشركات العالمية التي أصبحت تتحكم في أذواق الناس، هي التي تفرض ثقافتها. فحتى "نحن" الجيل "الذهبي" (كم أكره هذه العبارة) "الملتزمون جدا" نجد صعوبة في اختيار لباسنا. لأننا أمام ما هو معروض وليس المطلوب. 
الحقيقة ببساطة، احتجاج التلاميذ تجاوز سقف فهمكم للواقع، ولم تستطيعوا أن تؤقلموا سقفكم السياسي الخنوع "المضبع". هذا الجيل كشفكم، وبدون وعي. ففكروا لو أنهم وعوا كشفهم لكم، ستلامسون وبدون أي جدال أنكم الضباع وليس هم. وما لم يكشفه وعي الجماهير الآن من مكامن الضعف والخيانة يكشفه التاريخ غدا. ليس هذا الجيل من ينبغي أن يكون موضع الحكم، بل المواقف السياسية وحامليها هم من يقع تحت رحمة الحكم. 
ماذا فعلنا؟ وماذا قدمنا لهذا الجيل لكي نحاسبه؟ هل تعمقنا بداخله وأطرناه ووضحنا له الرؤية؟ حتى لو قمنا بذلك، ونحن لم نفعل، لا يحق لنا الحكم عليه أو نعته بأبشع النعوت.
هذا الجيل تجرأ وصرخ وميز بين الجانب الشكلي للحكم والمضمون الحقيقي للسلطة بالبلاد. استوعب أن "سي العثماني" دمية من بين دمى قديمة استهلكت، ودمي جديدة قيد الصيانة والتحديث، ودمي لم تخرج بعض للعرض في السوق السياسية، ودمى لم يضع بعد صانعها شكلا لها. أما المضمون فواحد، "صنع في القصر" علامة مسجلة. 
أبعدوا أيديكم المتسخة عن هذا الجيل وأغلقوا أفواهكم ...



شارك هذا الموضوع على: ↓




↓للتعليق على الموضوع
تعليقات
1 تعليقات

1 التعليقات:

رسالة أقدم الصفحة الرئيسية