تم في أجواء اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة (2018) تعيين أمينة بوعياش رئيسة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأحمد شوقي بنيوب مندوبا وزاريا مكلفا بحقوق الإنسان. وقد سبقهم "القيدوم" محمد الصبار بمسافة طويلة الى الأمانة العامة للمجلس.
لا يخفى أن هذه التعيينات ترمي الى تجميل وجه النظام وتأثيث محيطه، خاصة أمام كاميرات وأعين الخارج. كما أنها تسعى الى حجب الأضواء عن الواقع الفظيع الذي تعرفه السجون وعن الأوضاع المأساوية للمعتقلين السياسيين وعن الأحكام الانتقامية المتتالية من محاكمة صورية الى أخرى، وعن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان عامة، سواء المدنية والسياسية أو الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...
وتهدف أيضا الى سحب البساط من تحت أقدام الهيئات الحقوقية المزعجة التي ترفض مساحيق النظام وتكذب ادعاءاته ومزاعمه في مجال النهوض بأوضاع حقوق الإنسان، ومنها بالخصوص الجمعية المغربية لحقوق الإنسان..
إلا أن الأكيد أن هذه الأسماء أصغر من أن تؤدي هذه المهام القذرة. لقد صارت أوراقا محروقة. والواقع المتردي لن يغيبه أي غربال أو أي بوق. فهل استطاع الصبار "الحقوقي"/"السياسي"، القيادي السابق في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وفي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أن يخدعنا من موقعه الجديد؟ لقد صار واحدا من الخدام المنفذين للتعليمات والأوامر. فلم يحصل أن التفت الى أبسط شعار أو مبدأ من الشعارات والمبادئ التي صعد على أكتافها الى منصة المجلس.
وكذلك، هل ننخدع لبوعياش وبنيوب، القياديين السابقين في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان؟ فلن يكون حالهما أحسن من حال "رفيقهم" الصبار...
لقد ابتعدا عن ساحة "الشرف" بعد السماء عن الأرض. والنفخ فيهما كالنفخ في قرب مثقوبة. فالزمن الراهن ليس كالأمس... وحيل النظام لم تعد تنطلي على أحد داخل المغرب وخارجه.
إن ماضي أو تاريخ هذه الأسماء، بما له أو عليه، لن يشفع لها في إسهامها في استكمال مخططات النظام الإجرامية. وما قد نسوقه من فضح لها من خلال الكلمة لن يرقى الى مستوى ما تعبر عنه نضالات وتضحيات أبناء شعبنا داخل السجون وخارجها. فهذه الأخيرة أبلغ من أي مقال أو بلاغ.
فماذا يقول الثلاثي "الحقوقي" المنحدر من عالم حقوق الإنسان و"المعارضة" السياسية و"المتشبع" بثقافة حقوق الإنسان، عشية اليوم العالمي لحقوق الإنسان، عن الإضرابات عن الطعام التي يقارب بعضها الخمسين يوما (الإضراب عن الطعام المفتوح للمعتقلين السياسيين الرمادي وبولفت والمسيح وبنعزة)؟
وماذا يقول عن أوضاع السجون وعن محن المعتقلين السياسيين وعائلاتهم (الريف وجرادة والطلبة...)؟
ماذا يقول عن المحاكمات الصورية بالعديد من المدن المغربية (آخرها جرادة الجريحة)، وعن الأحكام الصورية الثقيلة؟
ماذا يقول عن القمع الشرس الذي يطال كافة الاحتجاجات (العمال والفلاحين الفقراء والطلبة والمعطلين والباعة المشردين...)؟
هل استفادت سفيرتنا بالسويد (قبل مسؤوليتها الجديدة) من واقع المواطن السويدي والمسؤول السويدي، أم خرجت من السويد كما دخلتها، وفاء لتجربتها في ديوان اليوسفي، الزعيم الاتحادي (حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، وتنكرا لقربها من تجربة "مجموعة 1977"؟
وهل وفى "مندوبنا" الوزاري الجديد لانتمائه السابق لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي؟ هل تذكر مأساة المعتقل السيء الذكر "درب م. الشريف"، أو سجن مكناس أو محنة أخيه جمال؟
إن الثلاثي "الحقوقي" ورقة محروقة، لن تفي بالغرض المطلوب. فكما انهارت القوى السياسية المتخاذلة وانبطحت القيادات النقابية المتواطئة، ستواصل الأسماء "الحقوقية" المختارة ركوعها، كما حصل مع الأسماء التي سبقتها، وخاصة فرسان فضيحة "الإنصاف والمصالحة".
وأبشع ما يقومون به على خطى أسلافهم البررة هو معانقة الجلاد والسير في جنازة الضحية.
والمؤلم أن يقتات النظام من قلب "حقوق الإنسان" ومن أطراف "اليسار"، بالأمس وحتى اليوم، وغدا بدون شك..!
لكن العيب، كل العيب، أن ننتظر من المجلس الوطني لحقوق الإنسان إنصافنا أو دعمنا أو حل مشاكلنا أو الترافع عنا، أو أن نتوقع جديدا على يد فارس جموح من فرسان النظام...!!
فلتشهدي رفيقتنا الشهيدة سعيدة المنبهي، عشية ذكرى استشهادك 41.. إننا نقاوم الردة ونواجه الخيانة ونتصدى للرصاص بصدورنا العارية...
اطمئني رفيقتنا الشهيدة، وليطمئن كافة الشهداء، فشعبكم/شعبنا لن يساوم ولن يخضع.. إن المعركة الطبقية مستمرة حتى النصر..
شارك هذا الموضوع على: ↓