تفاقمت في السنوات الأخيرة حدة حملات الطرد في صفوف العمال عموما والمناضلين النقابيين على الخصوص.
كما أن حملات محاربة التنظيم النقابي قد أصبحت سلاحا بالمرصاد لكل محاولات العمال والمناضلين الالتئام في شكل منظم لمواجهة طغيان وتجبر الباطرونا وممثليها. والأكثر إثارة للانتباه هو التدخل السافر لجهات، لا علاقة لها بمسلسل الإنتاج، في توجيه حملات التضييق والحصار ضد المناضلين العماليين، بل وترهيبهم...
لقد أصبح لزاما علينا، رغم التأخر الملحوظ، القيام بحملات مضادة ومنظمة كذلك لمواجهة هذا الهجوم القمعي الكاسح والمنظم للحفاظ على الطاقات العمالية المناضلة في جميع المواقع العمالية (وغير العمالية)، مهما كان أداؤها النضالي. فالسلاح الذي لا غنى عنه هو سلاح التأطير النقابي والسياسي والتنظيمي، وهو تعلم وتعليم المناضلين كيفية رسم وتحديد الأهداف الرئيسية والثانوية، والأهداف قريبة المدى والأهداف بعيدة المدى. يجب إذن تعلم وتعليم كيفية تحديد أدق تفاصيل العمل المنظم داخل المعامل وخارجها في صفوف العمال. فمن غير المقبول أن نكتفي ببلاغات الإدانة والتنديد بطرد هذا المناضل أو ذلك، في حين أنه من المفروض توجيهه لتفادى تسليط الأضواء عليه داخل المعمل وخارجه (هذا لا يعني أنه يمكننا الحسم نهائيا مع طرد المناضلين النقابيين وغير النقابيين في ظل الوضع القائم، وهذا نقاش آخر لا يسمح المجال لخوضه في هذا العمل المقتضب).
إن النضال داخل المعامل يتسم بصعوبات جمة تعترض كل من يشتغل داخلها ويؤمن بقضية العمال وبالنضال من أجل تغيير أوضاعهم، ولا يوجد حل جاهز لتذليل تلك الصعوبات، بل يمكن ذلك عبر العمل الدؤوب والمنضبط وفق تصور وأفق واضحين. أما غير ذلك فهو مجرد تضييع للفرص وتبديد للطاقات العمالية المناضلة وتركها عرضة للطرد والتشريد أو عرضة لسماسرة النضال من القيادات النقابية البيروقراطية أو للابتزاز من طرف إدارات الشركات وهو المآل الأكثر ترجيحا.
ولنا من التجارب الحالية والسابقة ما يكفي لاستنباط العبر والدروس لتجاوز بعض النواقص وتصحيح بعض الأخطاء لتقليل الخسائر في صفوف الطبقة العاملة، فالمكاتب النقابية العمالية التي يتم تأسيسها حديثا لا تدوم لأكثر من أسبوعين وفي أغلب الأحوال لعدة شهور ثم تتلاشى بسبب طرد معظم أعضاء المكاتب النقابية، كما أن بروز أو وجود مناضلين منفردين لا يستمر كثيرا لينتهي بقرار الطرد بعد فبركة التهم الجاهزة.
وإنها لفرصة مناسبة لدحض وتصحيح بعض التصورات الخاطئة التي تحاول بوعي أو بدونه عزل نضالات العمال النقابية عن النضال السياسي والتنظيم، التي تحاول إبعاد العمال عن قضيتهم الرئيسية قضية التحرر من عبودية الرأسمال، عبر وحدتهم وتنظيمهم...
شارك هذا الموضوع على: ↓