2019/02/15

فاطمة الزهراء مكلاوي// لماذا يجب تعلم الحب لا الكراهية؟

لماذا لا نفكر يوما في الاخرين دون اسحضار مصلحة معينة؟ لماذا لا نجعل حبنا لأنفسنا حبا شموليا به ننثر بذور الراحة و الحرية؟ 

أن نحب الاخر هو أن نمنحه الحرية في كل شي ليس بالضرورة أن نخنقه و نكبله، فالحب يبقى منتجا للأفكار الخلاقة و يجعلنا نبدع من أجل إسعادنا و إسعاد كل المحيطين بنا. الحب يعلمنا قول الكلمة الحسنة و يعلمني عوض الصراخ الحديث بهدوء، يعلمنا أن نضحي بأغلى شئ لدينا، لا يهم المهم أن يبقى أحبتنا بخير. الحب يعلمنا عدم انتظار المقابل من الاخرين لأننا نعطي الحب في الأصل كون طبيعتنا هكذا. تصوروا لو كان الحب هو السائد ماذا كان ليقع في العالم؟ ماذا كان ليكون حاليا هل بالضرورة كنا لنشهد الحروب و المجاعات هل بالضرورة كنا سنشهد الكراهية و الشوفينية العنصرية؟ هل بالضرورة كنا سنشهد مظاهر القتل و الدم في جميع أنحاء العالم؟ لو كان الحب هو السائد كنا سنجد مظاهر الوحشية عرضية و استثنائية، لا سائدة وعنوان حقب تطور الإنسان.
لو كان الحب سائدا لما شهدنا الناس يتفرجون ويمدحون من يعنف و يقتل، لو كان الحب سائدا لامتلأت أزقة مدننا بالكلام الجميل و الرصين و الخلوق لا كما هي الان أزقة رثة بلغتها المنحطة، لو كان الحب سائدا لكنا نشهد تطورا في مجال تصنيع الانسان الخلاق و المبدع، ولكنا نعيش حقبة إنسانية متطورة و مفرطة في إنسانيتها، ولكنا نبحث عن سبل تطوير هذه الإنسانية. الحب يمكنه أن يتجلى في سلوك مهذب و انضباط صارم لحقوق الذات والاخرين. 
فالحب هو نمط تفكير يعمل على إنتاج أفكار تساعدنا على عيش حياة نحن فيها مرتاحون لا البغض ولا الحقد ينخر تصرفاتنا فالحب هو كلمة جميلة و سلوك خلاق و مظهر فيه حياة .
من لا يحب الاخرين لا يحب نفسه و هذا أمر طبيعي و مفروغ منه لأنه في حب الاخرين حب للذات و في كرههم نفور و عدم الرضى عنها، ستكذبون إذا قلتم نحب أنفسنا و أنتم لا تحبون الاخرين ولا تحبون الراحة و السكينة لهم. تكذبون إن صدقتم أن الحب ممركز في ذواتكم ولذواتكم لأن فعل حب الذات هو لبنة كرهها و كره الاخرين و من هنا ولدت مختلف أنماط الاضطهاد و القسوة. 
لا تقولوا، أن القسوة و التعييب صفة طبيعية فيكم، ولا تقولوا أن تعريض الاخرين للمذلة و العنف مظهر من مظاهر إنسانيتكم. فكل هذه المواصفات لم تكن يوما طموح الانسان لانه لو كانت كذلك، لماذا عاش ولماذا حاول العيش أكثر؟ سأجيب لأنه يحب الحياة، و هذا الحب في ذاته لماذا هو موجود، لو كانت القسوة و الكراهية هي طبيعته، و حتى ولو كانت تلك هي الحالة الطبيعية الا يستطيع التفكير في صنع خط نقيض؟ 
طرح سيقال عنه مثاليا،؟! لكنه يدخل في إطار موقعة الذات إما في الجهة التي تنمي الجانب الإجابي أو الجهة المعاكسة التي تطور البعد العنيف و القاتل للإنسان فينا. 
هناك حقيقة مرة عشناها وعايشناها هي كوننا نعيش في مجتمع فيه ما تزال مظاهر العبودية سائدة، والمظاهر التي عشنا فيها ربت فينا مشاعر الكره و البغض و جعلتنا ننغمس في كره مفرط للاخر ونحاول جاهدين رد الأذى بمثله و الإهانة بمثلها ونحن نعاني في صمت، كوننا لا نريد هذا لكن فرض علينا و ما السبيل للحياة سوى المقاومة و القتال ضدا في مظاهر الاحتقار و الدونية. يمكنني ان أقول أن هناك أمل للعودة إن كان بحق ما نحن عليه من كراهية نتيجة للعبودية و الكراهية الخارجية فهذا التشوه يمكننا تجاوزه و التمرد عليه فقط عندما نعيد ترتيب أفكارنا، و تحديد من نحن ولأي هدف نحن موجودون؟، وعندما نجرب معنى أن نكون إنسانا لا شيئا يشبهه. يجب أن نتعلم كيف نموضع مشاعرنا و نفهما فهما صحيحا دون التشكيك فيما نفكر، لأن الشك هو الذي جعل مظاهر الحب تتراجع و مظاهر الكره و البغض تتقدم. فعوض الشك في مظاهر الكراهية و تعريضها للنقد و المحاكمة المنطقية، حكمنا على الحب بالفشل و أعلينا شأن الكراهية و أعطيناها عرش أفكارنا. 
وهذا الإعلاء يبقي صعوبة القضاء على الكراهية إن كانت بحق نابعة من الداخل و منغرسة فيه وأقول صعوبة لأنه لا يوجد مستحيل في ذلك لكن تستدعي عملية التخلص من أفكار البغض و الكره وقتا لذلك، لأنه لا يجوز القيام بقطيعة فورية مع هذا النمط، فالإنسان عندما قرر أن يكره نفسه تمادى في كرهه وتقبل هذا الواقع تدريجيا و يمكن القول أنه جاء مع حقب متتالية، تعايش معه رغم عدم انسجامه مع الذات، قبل به و أصبح يقدسه و هذه القداسة أدت إلى ميلاد كائن مشوه في مشاعره و أحاسيسه و تصرفاته.
سنكون حمقى إن انتظرنا من من هم مشوهين في مشاعرهم و تصرفاتهم نشر الحب و الوئام، و ما واقعنا الآن سوى شاهد حقيقتنا وحقيقة مشاعرنا المشوهة المقدسة.
لأننا لا نقدس مظاهر الحب و نعيب على كل من يجهر بها و نعلي صرح مظاهر النفور و الكراهية صرنا هكذا، نعنف، نهان، نضطهد، نفقر، تعساء، نتعرض للاغتصاب، للتحرش، للاحتقار، للإدلال........لا يجب أن نقع في التناقض حول ما نؤمن و نجهر به و حقيقتنا، فالحقيقة تقول أن ما نؤمن به يتمظهر في سلوكنا و في أقوالنا، و أي سلوك خارج عن نطاق ما نحن عليه ينفي ما ندعيه.




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق