لماذا رحلت قبل الأوان؟ لماذا اخترت هذا الشهر بالذات (فاتح مارس)؟ وتلك السنة بالذات (2007)؟
هل رحلت احتجاجا على جبننا؟ هل رحلت تنديدا بطوفان الإجرام؟
نعم، قدمت شبابك هدية لشعبك.. حكمت بسنوات ثقيلة (15).. وتجرعت السم الذي أرغمك على الرحيل المبكر...
التحقت برفيقيك الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري. واقتفى أثرك مكرهان الرفيقان عبد الرحيم علول وصلاح أبو حمزة..
مجموعة نزفت وتنزف في صمت جراء معاناة سنوات الرصاص..
أمهات رحلت، وآباء رحلوا...
مجموعة/عائلة انشطرت...
الرفيق عبد الكريم بيقاري بالمستشفى؛
الرفيق عبد المجيد مفتاح في وضعية صحية صعبة؛
الرفيق محمد فخر الدين غندي غادر المستشفى في الآونة الأخيرة؛
الرفيق خالد نارداح يقاوم مضاعفات الإضراب عن الطعام منذ استشهاد رفيقينا مصطفى وبوبكر؛
وتلك حال الرفيق لحبيب لقدور والرفيق عبد الرحيم سايف...
إنها حالنا جميعا، وإن بتفاوت.. إنها كذلك حال باقي المجموعات...
رحيل ومرض وتشرد ومآسي...
وآفة النسيان... !!
لقد خربوا أجسادنا..
لكن، لن يدمروا ذاكرتنا.. لن يقتلوا حلمنا..
إننا صامدون.. نعاهدك فقيدنا وباقي الرفاق، الغائبين والحاضرين، أن نبقى أوفياء للعهد..
لننصف بعضنا البعض في زمن "اللاإنصاف"..
لنكشف الحقيقة حيث سيادة الصمت والطمس..
دمت خالدا رفيقنا.. لن يطالك النسيان والجحود..
ذاكرة شعبك أقوى من ثقوب الأزمنة البئيسة...
***
لن ننساك رغم ذلك الرفيق العزيز عباد.. ستبقى حيا من خلال رفاقك ومن خلال كل من أحبك ويحبك.. لقد كنت رائعا.. لم يكن رحيلك في 01 مارس 2007 موتا ولا فناء، إنه ولادة أخرى من ولاداتك اللامتناهية..
فيما يلي نص حول الفقيد عباد منشور بكتاب "مجموعة مراكش.. تجربة اعتقال قاسية" (حسن أحراث) الصادر سنة 2012:
"فاجعة فقدان محمد عباد
إنها ليست فاجعة مجموعة مراكش 1984 وحدها، إنها فاجعة كل المجموعات وكل المناضلين، إنها فاجعة شعب بأكمله وبدون مبالغة. فمن يعرف المناضل محمد عباد، حب ودفء وشموخ وعطاء ومرح...، وحده يقدر حجم الخسارة التي ألمت بنا، نحن أسرته ورفاقه وخندقه الذي "تمترس" فيه بكبرياء المناضل الفذ حتى آخر نفس.
لقد التحق الفقيد برفيقيه الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري، ليطلعهما على بشاعة هذه المرحلة وعلى جبن أبطالها... لقد التحق الفقيد بقافلة الشهداء من الباب الواسع..
إنه كباقي الشهداء قد رفض المسخ والذل والتواطؤ والصمت، الصمت الرهيب والقاتل..
والآن، ماذا بعد؟ هل نقبل ب"سقوط الجبال"؟ هل نصمت مرة أخرى؟ هل نستسلم للقدر اللعين وللشؤم الذي يطاردنا الواحد تلو الآخر؟
إنها الإهانة تلو الإهانة، إنها الإمعان في الإهانة.. إنهم ينتظرون فناءنا.. وحينذاك، هل سيعتذرون وسيعلنون الحقيقة، وسيحاكمون أنفسهم بأنفسهم..؟
سينالون الأوسمة وشهادات التقدير.. إنها أحلامهم، أوهامهم..
إن رحيل المناضل محمد عباد ليس موتا أو فناء أو هزيمة، إنه سفر البطل القادم، إنه سفر الشهداء القادمين لا محالة..
إن رحيل المناضل عباد هو الحياة بعينها.. إنه إدانة صارخة للمتواطئين والمتآمرين والمتملقين.. إنه فضح للعهد الجديد ولشعارات العهد الجديد و"لنكافات" وصالونات العهد الجديد..
إن رحيل المناضل عباد هو درس لرفاقه أو لمن تبقى من رفاقه، إنه دعم لهم في معركة الوجود "المستحيل"، إنه تضحية أخرى لعل رفاقه أو من تبقى من رفاقه يستوعبون أحلام وأوهام الجلادين أسياد الجلادين..
إن رحيل المناضل عباد صرخة مدوية في أعماقنا، ستحثنا بقوة على مواصلة المعركة حتى نهايتها..
لقد عاهدنا المناضل عباد على مقاومة الاستنزاف والاندثار القسري، الفردي والجماعي، وبالتالي الثبات في وجه كل أصناف القتل كجسم واحد وكصوت واحد وكنفس واحدة، فلنتحمل مسؤولياتنا كاملة، ولنكن في مستوى العهد والطموح والآمال، ولنعاهد من آمن بطموح وآمال الشهداء والشعب المغربي قاطبة.."
شارك هذا الموضوع على: ↓