2019/03/14

حسن أحراث // الاتحاد المغربي للشغل: "شرعنة" الولاية الثالثة للميلودي "بوتفليقة !!

سينظم الاتحاد المغربي للشغل مؤتمره الثاني عشر أيام 15 و16 و17 مارس 2019، أي في أجواء ذكرى تأسيسه (20 مارس 1955). إنها ذكرى ليس كباقي الذكريات؛
ليس فقط على مستوى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا وفي ظل الهيمنة غير المسبوقة للإمبريالية والصهيونية والرجعية، بل على مستوى تردي الأوضاع داخل الاتحاد المغربي للشغل.
ما يجري داخل الاتحاد الآن ليس جديدا أو مفاجئا، وكذلك تواطؤ قيادته وانبطاحها. إنه مسار مهادن وانهزامي وممتثل لأوامر وتعليمات النظام القائم. فماذا ننتظر من القائد "النقابي" الذي صار "باطرونا"؟
والغريب هنا هو قيادة نقابة عمالية (مركزية نقابية تاريخية) من طرف "باطرونا"، هذه الأخيرة التي من المفروض أن تتبوأ مكانتها الطبيعية في صفوف "الاتحاد العام لمقاولات المغرب". أما المخجل، فهو التعايش مع هذا الوضع الشاذ من طرف القواعد النقابية، وخاصة من طرف "المناضلين" النقابيين.
لقد ارتفعت عشية المؤتمر الثاني عشر بعض الأصوات منددة بخوارق/خروقات الأمين العام الميلودي مخاريق. ومما جاء في بعض تصريحاتها: "ما وقع يوم 27 دجنبر 2018 (المقصود اجتماع المجلس الوطني) هو أقرب إلى الفرجة والاحتفال منه إلى مجلس وطني، بل ما وقع يندرج ضمن سلسلة التجمعات الفولكلورية التي ينظمها الأخ الأمين العام للسماع والمديح، هذا ما يفسر تعطيل القانون الأساسي واستبدال صفة الأعضاء القانونيين الشرعيين بالمدعوين الذين تم اختيارهم بعناية ولغاية معلومة، ولن أبذل جهدا لإقناع المتتبعين، فصور وتسجيلات المجلس الوطني تجسد وتختزل ما عبرت عنه. لذلك فأي قرار يصدر عن هذا التجمع فهو من الناحية القانونية غير ذي جدوى، ولكن من حيث الشكل والصورة فهو يصب في مستنقع الفوضى والمزاجية التي تعيشهما منظمتنا، والتراجع عن مكاسب المؤتمر العاشر والاستخفاف بعقول ومشاعر المناضلات والمناضلين". 
إن المؤسف بهذا الصدد هو أن هذه "التغريدات" صادرة عن جهات فقدت حظوتها/امتيازاتها داخل النقابة (طردت أو همشت أو أقصيت...). إننا في حاجة الى جهات مناضلة مبدئية ترفض، بل تتصدى الى هذه الخوارق/الخروقات، وغير متورطة في المؤامرات والمناورات التي تؤدي ثمنها الطبقة العاملة وعموم الشغيلة بالأمس واليوم. إنها مسؤولية المناضلين النقابيين في صفوف الاتحاد المغربي للشغل وباقي المركزيات النقابية. فما ينطبق على الاتحاد ينطبق أيضا وبكاريكاتورية على الكنفدرالية الديمقراطية للشغل...
ما هو المطلوب في علاقة الأمر بالمؤتمر الثاني عشر للاتحاد المغربي للشغل؟
بالطبع لن نتوقع المستحيل، أي الانتقال بالنقابة من السيء الى الحسن بين عشية وضحاها وفي ظل التشرذم والتمزق الحاليين. فذلك مرتبط بمدى حضورنا السياسي الوازن والمنظم في خضم الساحة السياسية. إن المطلوب هو "الارتقاء" من السيء الى الأقل سوء، أو بتعبير آخر، من الأسوأ الى السيء. وهذا الطموح المتواضع مبني على الاعتراف بالضعف الذي ينخر صفوفنا كمناضلين ثوريين. فلم نستطع بعد اقتحام الساحة السياسية بالثقل التنظيمي الذي من شأنه التأثير في موازين القوى لفائدة التغيير الجذري. 
إننا نجتر عجزنا من مؤتمر نقابي الى آخر ومن خيبة سياسية الى أخرى...
نعترف في سياق النقد الذاتي أننا لم نتقدم كثيرا في درب بناء التحالفات السياسية التي تستدعيها المرحلة وواقع الصراع الطبقي. لكن وفي نفس الوقت نسجل وقع المنزلقات السياسية والنقابية الذي يحول دون الانخراط في دينامية البحث عن التقاطعات الممكنة بين القوى السياسية الحاضرة في الميدان. وبدون مثالية أو حماس، فلوقع الحروب الهامشية والاتهامات المجانية نصيب كبير في انهيار الأمل في جمع الشتات والعصف بالمصداقية وفقدان الثقة... ولا يخفى أن أيادي وأزلام النظام لها دورها الإجرامي القوي من الحركة الطلابية الى الطبقة العاملة...
إن المطلوب الآن في حده الأدنى، قبل المؤتمر الثاني عشر للاتحاد المغربي للشغل وإبانه وبعده، هو التأكيد على احترام الديمقراطية الداخلية واعتماد الشفافية المالية.
بالنسبة للديمقراطية الداخلية، فمن الإهانة للقواعد والحركة النقابية لي عنق القانون من أجل السماح للأمين العام بولاية ثالثة. الكل يعرف ما يجري بكواليس المؤتمرات لانتخاب الهياكل التنظيمية، ولن نتوقع "ثورة" في أساليب الترشيح والاختيار والتعيين والاصطفاف القائمة على درجة الولاء والانصياع والاستفادة. لكن لا مجال لقبول أو السكوت عن جريمة ذبح "الديمقراطية"، أي "شرعنة" الولاية الثالثة للميلودي "بوتفليقة". إنه الخط الفاصل بين من يزكي تواطؤ القيادات النقابية البيروقراطية، بل المافيوزية، وبين من يناضل ضدها. إنه المحك الذي يكشف صدق أو زيف الشعارات المرفوعة. إنه المرآة التي يجب أن نرى من خلالها صورة أنفسنا، فهل نحن حقا في مستوى متطلبات هذه الظرفية الصعبة، نقابيا وسياسيا؟ هل نحن فعلا ديموقراطيون؟ هل نحن فعلا مبدئيون؟ إن أي تصحيح داخل الاتحاد ليس غير رفض، بل التصدي لذبح الديمقراطية، أي "شرعنة" ولاية ثالثة بالمبرر التقليدي المفضوح "المؤتمر سيد نفسه". أتمنى هنا ألا يعتمد مهندسو الاتحاد سابقة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إبان مؤتمرها الأخير (لا هروب من قبضة التاريخ... لنا ذاكرة...)!!
هل نتذكر مجريات المؤتمر العاشر للاتحاد؟ كان الانتقال السلس من العهد الغامض للمحجوب بن الصديق (ماليا وأدبيا) الى عهد الميلودي موخاريق المكرس لنفس الغموض. من ساهم في تلك "المسرحية" ومقابل ماذا؟ وما هي نتائجها/مخرجاتها حتى قبل المؤتمر الحادي عشر؟ وماذا بعد هذا الأخير؟ 
أرجع الكلمة مرة أخرى لدعاة التصحيح، سواء انطبق عليهم لقب "السلفية النقابية" أو لقب "السفلية النقابية": "الاتحاد المغربي للشغل المنظمة الجماهيرية الشعبية لها امتداد في جل القطاعات المهنية المحورية والحيوية، ويمكنها أن تقوم بدور طلائعي في دورة الإنتاج وفي طرح البدائل للإسهام في الخروج من الأزمة وفي الرقي الاجتماعي. ولن يتأتى لها ذلك إلا باستعادة مصداقيتها وذلك بالخروج من شرنقة البيروقراطية والاستبداد، وإنصاف المناضلين الذين اتخذت في حقهم قرارات ظالمة وتعسفية، ومحاربة المفسدين المعروفين وسماسرة العمل النقابي الذين أصابوا منظمتنا العتيدة في مقتل وألحقوا، بخيانتهم الأمانة، أضرارا بليغة بالشغيلة التي تعاني الهشاشة والتسريح والتشريد والتضييق. هذه هي الانتظارات الملحة للطبقة العاملة، وهذا هو سبب الأزمة والخلاف داخل منظمتنا بين من يحن إلى البدايات حينما كان يلعب الاتحاد المغربي للشغل أدوارا طلائعية في القضايا الوطنية ودورة الإنتاج وفي معادلة السلم الاجتماعي، وهو ما سماه أحد مغردي لخلية الإعلامية للاتحاد متهكما بـ "السلفية النقابية"، وبين من يريد أن يجعل من العمل النقابي انتهازا للفرص واللعب على كل الحبال وهو ما يمكن أن نسميه بـ "السفلية أو السفالة النقابية"...".
وبالنسبة لمالية الاتحاد، من يمتلك الجرأة ليحدثنا عن قيمتها ومصادرها وآليات صرفها؟ كيف في زمن "الحق" في الولوج الى المعلومة تغيب المعلومة؟
كيف سكت ويسكت المناضلون النقابيون في صفوف الجامعات الوطنية عن هذه النقطة الحساسة؟ 
كيف لشرطة المجلس الأعلى للحسابات أن تغض الطرف عن التدبير المالي للاتحاد وباقي النقابات كل هذه المدة المفتوحة؟ لماذا تفلت النقابات، وللدقة القيادات النقابية من الافتحاص المالي (AUDIT)، بل ومن العقاب؟
رحل المحجوب بن الصديق ودفنت معه "ماليته"، وغاب عبد الرزاق افيلال وغابت معه "ماليته"، وكذلك نوبير الأموي... وقد يرحل أو يغيب الميلودي مخاريق اليوم أوغدا وستدفن أو تغيب معه "ماليته". لهؤلاء "الزعماء" المال والكرسي والحماية مقابل تقديم الولاء والانصياع للتعليمات، ومن بين هذه التعليمات إجهاض المعارك النضالية وتكسير أخرى وتمزيق وحدة العمال والشغيلة وتسييد الخنوع والقبول بالأمر الواقع...
وأخيرا، هل نستطيع في أجواء المؤتمر الثاني عشر للاتحاد المغربي للشغل أن نرفع شعار "ارحل" في وجه الميلودي بوتفليقة، وبالتالي محاسبته؟!!
إنه "أضعف" الواجب النضالي...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق