المناضل، قد يتفق وقد يختلف مع هذه الجهة المنظمة أو تلك. لكن، لا يمكن أن
يتخلف عن الانخراط في الأشكال النضالية. والحضور هو أضعف أشكال الانخراط، إذا تعذر عليه المساهمة في التنظيم والاقتراح والمتابعة؛ طبعا بفعل الإقصاء والحصار والتجييش والانفراد بالقرار...؛ وذلك حال جل، بل كل نقاباتنا وجمعياتنا ("ديمقراطيون" بلا ديمقراطية). وللتدقيق، فالحديث هنا يهم الأشكال النضالية التي تخدم القضايا العادلة. وكثيرا ما يتعلق الأمر بالأشكال النضالية المعبر عنها من طرف النقابات والجمعيات والتنسيقيات...، هذه الإطارات التي ينتمي اليها المناضلون ويبذلون قصارى جهدهم (في ظل غياب الديمقراطية الداخلية وسيادة التعليمات والأوامر) لإسماع صوتهم والتعبير عن مواقفهم.
فلا يمكن أن يتخلف المناضل عن الانخراط والمشاركة الفعالة (التعبئة والإعلام والحضور...) في معارك دعم المعتقلين السياسيين وعائلاتهم والنضال من أجل إطلاق سراحهم. لأن قضية الاعتقال السياسي، باعتبارها قضية طبقية، تدخل ضمن أولويات برنامجه النضالي.
ولا يمكن أن يتخلف عن الانخراط في معارك العمال والفلاحين الفقراء وكافة الجماهير الشعبية المضطهدة. إنها قضيته الأولى والأخيرة القائمة على أرضية الصراع الطبقي. إن انتماءه السياسي والإيديولوجي يضعه بالضرورة في الخندق الطبقي المناسب لأهداف التحرر والانعتاق...
ولا يمكن أن يتخلف عن الانخراط في نضالات بنات وأبناء شعبنا، باعة مشردين أو طلبة أو معطلين أو أساتذة أو ممرضين أو أطباء أو مهندسين، خاصة وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتنزيل المتواصل للمخططات الطبقية المدمرة...
ولا معنى طبعا، أن يسجن المناضل ذاته في بوثقة الشعارات و"الأحلام"، بعيدا عن الواقع وديناميته (مدا وجزرا)، هذه الأخيرة التي يتحكم في وتيرتها موازين القوى في كل ظرفية سياسية واقتصادية واجتماعية على حدة...
إنها قضية واحدة، تضع المناضل أمام مسؤوليته ومهامه الثورية. وكما تفرض عليه الانخراط فيها قلبا وقالبا (فكرا وممارسة) وبكل ما يقتضيه الواجب النضالي والأخلاقي من تضحيات واجتهادات نظرية وعملية لاستيعاب الواقع الطبقي في تحولاته المتسارعة والتأثيرات التي يخضع لها بفعل الارتباط الوثيق للنظام الرجعي القائم بالامبريالية والصهيونية والمؤسسات المالية التابعة لهما (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي)، تفرض عليه أيضا التصدي لكل من يسعى الى الارتزاق بهذه القضية وامتطائها وفضح خلفياته ومناوراته وأساليبه الخسيسة، وبالدرجة الأولى القوى السياسية الرجعية (ومنها الظلامية والشوفينية) والقوى الإصلاحية والقيادات النقابية البيروقراطية والمتواطئة...
إنها جدلية تفرض نفسها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، فلا يمكن خدمة قضية معينة دون تحصينها. ومن باب العبث والانتهازية المقيتة ادعاء الحفاظ على وحدتها وتماسكها من خلال السكوت عن المتربصين بها والمتآمرين عليها. فذلك ليس غير إقبارها والتعجيل بحتفها، عن وعي أو بدونه... كما أنه من باب المساهمة في قتل الأشكال النضالية السكوت عن إفراغها من مضامينها الكفاحية، لتصير آليات روتينية ومناسباتية، سواء لاستعراض العضلات أو تصفية الحسابات...
بالفعل، النظام القائم لا يتوانى في استغلال الأخطاء التي تتخلل الأشكال النضالية والتناقضات في صفوف المعنيين بها لتكريس واقع القهر والاضطهاد الطبقيين، لكن ذلك لا يسمح بتسويق الوهم والسكوت عن الخطأ أو الخطايا... فلا يصح في آخر المطاف غير الصحيح...
ولا يمكن للمناضل من حيث المبدأ والمنطلق أن يتخلف عن أي شكل نضالي وحدوي، إشعاعي أو تعبوي أو تنظيمي، يضع في المقدمة خدمة قضية شعبه.
وبالضرورة النضالية، سننخرط في محطة 21 أبريل 2019 وفي كل المحطات النضالية التي تهم قضايا شعبنا، ومنها بدون شك ودائما، محطة فاتح ماي، العيد الأممي للطبقة العاملة...
شارك هذا الموضوع على: ↓