04‏/04‏/2019

حسن أحراث// السياسة أم النضال؟ نرى الكثير من السياسية (جعجعة)... ولا نرى إلا القليل من النضال (الطحين)...

النضال سياسة بالضرورة، والسياسة ليست بالضرورة نضالا. إن النضال ممارسة
سياسية مبدئية تروم خدمة قضية عادلة. وليست كل ممارسة سياسية نضالا مبدئيا... النضال ليس اللهاث وراء "السراب"، بمعنى اللهاث وراء الفتات المذل والقبول بالأمر الواقع بدعوى موازين القوى و"التكتيك". النضال تقييم واجتهاد/إبداع والتزام لتجاوز الإخفاق أو الفشل عبر طرح البدائل النضالية الممكنة وليس المستحيلة (طبعا). 
أما السائد أو الغالب الآن، فهو السياسة كممارسة مشبوهة وغير نضالية، أي السياسة بمعناها الانتهازي. لقد صارت السياسة تعني الابتذال والمساومة والمتاجرة (البيع والشراء) والارتزاق... لقد صارت السياسة مثل التجارة، والرابح هو "مول الشكارة". فهذا الأخير يمكن أن يسود ويحكم من خلال شراء جل الأسهم الرائجة في السوق. والصراع بات ضاريا فيما بين "أصحاب الشكارة" أنفسهم، أكثر مما هو قائم بين أعدائهم الطبقيين. 
إننا نعيش يوميا الكثير من المعارك والاحتجاجات، بل والتضحيات على كافة المستويات، إلا أننا نعيش يوميا البؤس والتردي وعلى كافة المستويات. إننا نعيش استمرار المعاناة الطبقية، آخرها وليس أخيرها مأساة العاملات بمنطقة الغرب (03 أبريل 2019)...
لماذا؟
أولا، يجب أن نقتنع/نعترف بأهمية وملحاحية طرح هذا السؤال.
ثانيا، يجب أن نعمل على الإجابة عنه.
وبداية البدايات هي استيعاب واقع الصراع الطبقي ببلادنا. ومؤشر ذلك هو الاعتراف بنقطتين جوهريتين:
- النقطة الأولى هي أن جل هذه المعارك والاحتجاجات تقودها البورجوازية الصغيرة أو المتوسطة، سواء كان الأمر يتعلق بالعمال أو الفلاحين الفقراء أو بقواعد البورجوازيتين. ومادام الأمر كذلك، فالقيادات المعنية، حزبية أو نقابية أو جمعوية، لا يهمها غير مصالحها الضيقة (وضعية مريحة). وكثير من هذه القيادات الانتهازية صار من رموز البورجوازية الكبيرة (طبقتي الكمبرادور والملاكين العقاريين). وهذا المعطى يكرس استفادة البعض دون الكل ويجزئ النضالات ويغيب القضايا الكبرى الموحدة، وبالتالي يحدث الشرخ الذي يوفر شروط إفشال كل المعارك والنضالات ويوطن مخرجات المخططات الطبقية المؤطرة بتوصيات المؤسسات المالية الامبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي...)، والقائمة على الخضوع وتقبل الأمر الواقع والتعايش معه (التطبيع) بقوة القمع والاختراق وشق الصفوف (الترهيب والترغيب)... حصل ذلك ببشاعة مع كل الانتفاضات الشعبية منذ الخمسينات من القرن الماضي، وحصل البارحة مع نضالات الجماهير الشعبية المضطهدة بالريف وجرادة وبالعديد من المناطق الجريحة رغم الثمن الباهض (شهداء وأعداد هائلة من المعتقلين السياسيين...)، ويحصل الآن بالعديد من القطاعات (التعليم والصحة...). ونحذر من مقالب القوى الظلامية التي تمتطي النضالات "الجاهزة" لأبناء شعبنا من أجل فرض ذاتها ومساوماتها المكشوفة مع النظام، ولعل أبرزها مؤامرة "الانسحاب" (تحت الطلب) من دينامية 20 فبراير سنة 2011؛ 
- النقطة الثانية هي غياب الحزب البروليتاري، حزب الطبقة العاملة. فبدون هذا الأخير الذي يهمه مصلحة العمال والفلاحين الفقراء والطلبة والمعطلين وباقي الكادحين، سنبقى نكرر "التاريخ"، بإخفاقاته وسلبياته، ببهلوانية تديننا اليوم وغدا.
لقد علمتنا المعاناة أن العاطفة لا تكفي، وكذلك الطيبوبة، وحتى عدالة القضية... وكما قال أحد الرفاق (معتقل سياسي سابق، مجموعة مراكش 1984) مساء يوم 01 أبريل 2019، كفانا من جمل "يجب أن" و"علينا أن"... نحن في حاجة الى الفعل النضالي البديل المنطلق من الواقع الملموس والتحليل الملموس... 
فقوة المناضل ألا يستدل بما قاله أو فعله فلان أو علان. ونحبذ التعبير عن مواقفنا وآرائنا وممارساتنا وفق رؤيتنا واقتناعنا الخاصين في ظل واقع موضوعي نعيشه. بدون شك، نستفيد من هذه التجربة/النظرية أو تلك ونتفاعل معها، وهو ما يستشف مما نعبر عنه ونمارسه. فكثيرا ما يلجأ البعض الى (يستنجد ب) فلان أو علان لتأكيد ودعم موقفه وممارسته، وهنا مكمن الضعف (أحيانا). لنكن مقنعين بدون سند ضرورة؛ وقبل ذلك، لنكن مقتنعين... ومكمن القوة أن نعترف عندما نخطئ (النقد الذاتي)... 
والموضة المرضية الآن، الموضة المرفوضة، الموضة البئيسة، أن نرفع شعارات قوية، من مثل "إسقاط النظام" بالسودان والجزائر، وأن نتعايش مع الواقع المذل ببلادنا من خلال شعارات مهادنة ومواقف/ممارسات متخاذلة!!!




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق