مر المؤتمر 12 للجمعية المغربية لحقوق الإنسان..نجح المؤتمر، وهنيئا لنا بنجاحه!!
هذا هو الجو العام بعد انتهاء أشغاله يوم 28 أبريل، وهذه هي ارتسامات فئة كبيرة من المؤتمرين، أو بالأحرى هذا ما تم تسويقه لنا...
عن أي نجاح نتحدث؟
إننا نتحدث عن النجاح الذي نريد، والأهداف التي نود تحقيقها ..النجاح الذي يبقينا في سدة الحكم والقرار..
المؤتمر 12 هو المؤتمر 11 (وربما 10 و13)، لاشيء تغير، لاشيء تحسن ..
إن ما يقوم به الحزب "الحاكم" داخل الجمعية، هو ما يترجم بشكل جلي في مؤتمرات أكبر منظمة حقوقية في البلد..هو ما قام به في المؤتمر 11 وكرره في 12 وسيعيده في 13...
ففي المؤتمر 12 (كما 11)، سادت الزبونية الحزبية بإسم التمثيلية النسبية، وعرف توزيع الكعكة بين الأحزاب اليسارية المكونة لقيادة الجمعية..توزيع يتم بناء على الحجم العددي لكل حزب..وهنا أستحضر ما حدث ذات اجتماع من اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر 11: كنا نرفع حناجرنا ضد البيروقراطية التنظيمية داخل الجمعية..ضد التمثيلية النسبية..ضد إقصاء الكفاءة النضالية..ضد قتل روح الشباب المناضل..ضد إقصاء المناضل الديمقراطي..ضد تخريب الجمعية تنظيميا وحقوقيا.. ضد التضييق عليها من الداخل، ورغم أننا كنا قلة على رؤوس الأصابع، استطعنا إحراج قيادة الجمعية التي لم يبق أمامها إلا الخروج من جحرها الإقصائي، معقبة على لسان كبير قومها وقوم الحزب ب:" كنا تنديرو العادة السرية شحال هادي، أما دابا رجعناها علنية، ولي بغا كلامو يكون يجيب ناسو..."فكانت الرسالة واضحة وهي: نحن أقوياء !!
نعم أنتم أقوياء، أقوياء ضد الديمقراطية..أقوياء ضد قوانين ومبادئ الجمعية..أقوياء في التناقض وفي الإقصاء..أقوياء في ترويج الخطاب الإزدواجي..
وإبان المؤتمر 11 أيضا، وبالضبط على الساعة الواحدة ليلا (وللتوقيت دلالة)، تمكن الحزب الحاكم من خرق القانون بمقرر تنظيمي، يسمح للرئيس بولاية أخرى، بمبرر الهجمة والتضييق!!! وهل سنواجه التضييق علينا بخرق القانون واللاديمقراطية!؟ ولم لا يتم خرقه مرة أخرى مادام التضييق لا زال قائما؟!
وفي المؤتمر 12، تكرر العبث، وتكرر الإقصاء..ومعه ضاعت المصداقية النضالية، وانفلتت البوصلة الحقوقية..
في المؤتمر 12، (مثل11)، تم اختيار لجنة الترشيحات بعناية، وهي طريقة غير ديمقراطية بالمطلق!!! وهي من تتكلف بمهمة اختيار أعضاء اللجنة الإدارية..لها كامل الصلاحية في الكولسة، ومن أعطاها هذا الحق ؟!! هو حق السياسة. إنها الحقيقة والعار على التقدمية ...تختار كل عضو بناء طيفه السياسي !! هل داخل حزبنا أم لا؟ هل متحكم فيه ؟ هل ينتقدنا؟ وغيرها من الأسئلة والمعايير...وطبعا يتم احترام تمثيلية الأحزاب الأخرى (كوطتهم/ حقهم /نصيبهم )، التي ترضى بالفتات المقترح عليها قبل المؤتمر. وهي أيضا لها معاييرها التي لاتختلف عن معايير الخط السياسي المتحكم في الجمعية، ولا علاقة لها بمسار المناضل ودرجة اشتغاله ميدانيا...
يعني هذا أن المؤتمر عبارة عن مسرحية ، المخرج (الحزب الحاكم) يحدد فصولها بدرجة 95% ، وما على المؤتمرين إلا المشاركة (التصويت/التصفيق/الشعارات...).
وفي سياق ذكر الأحزاب المشاركة في المهزلة، لا بأس من استحضار شيء من الخبث السياسي لأحد منتسبيها وقيادييها : فكان طيلة أشواط اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر 11 ضد التمثيلية النسبية، يدافع بشراسة عن دمقرطة الجمعية واحترام مبادئها...لكن عندما وصلنا إلى أشغال المؤتمر، غير جلده..تنكر للمعقولية، بمعنى لم يكن صادقا في تدخلاته بقدر ما كان يضغط من أجل المزيد من الفتات..وذاك ما حصل!! (حزبه خدا حقو)..
إن الغريب والمحزن والمؤسف هو التناقض الذي تعيشه مكونات الجمعية..تناضل سياسيا وتروج إعلاميا عبارات رنانة من قبيل:
- تريد دولة الحق والقانون، وفي نفس الوقت، لاتحترم قوانين الجمعية، وتحرم البعض من حقه في التواجد التنظيمي داخل هياكلها !!
- تريد التوزيع العادل للثروة، وبالمقابل تغيب العدل بين أعضاء الجمعية!!
- تريد استقلال السلط، وهي لم تستطع الفصل بين الحزبي والجمعوي!!
- تسوق خطاب لا للمصالحة مع الفساد، ونجدها قد استدعت للمؤتمر رموز هذا الفساد!!
ما ذكرته، هو غيض من فيض فقط، أما الكواليس والحقائق فهي كثيرة جدا..وقد يختلف معنا البعض في كون السياسي لاينفصل عن الحقوقي..فنؤكد صحة وواقعية هذا ولا نرفضه. لكن، أيها "المناضل"، إن السياسة تمارس بالجمعية وليس فيها !!تمارس ضد النظام القائم ومؤسساته المعادية لحقوق الإنسان، وليس ضد من هم داخل التنظيم الحقوقي..ليس ضد من يضحون بوقتهم ومالهم وصحتهم خدمة للجمعية وأهدافها.. ليس ضد الأحرار والأشاوس، الذين لايعرفون سوى النبل والصدق في مبادئهم ونضالاتهم..الذين يرفضون الريع الحقوقي كيفما كان، لا هم من الذين يزغردون له متى كان في صالحهم ،و لا هم من الذين يسخطون عليه عندما يكون ضدهم !!
إنها الفوضى!! ما نتيجة هذه الفوضى أو بعض منها ؟
النتيجة هي أن هذا العبث انعكس وينعكس على صلابة الجمعية حقوقيا وتنظيميا وإعلاميا..عبث جعلها تقاوم الفراغ، معتقدة أن مصدر التضييق هو "الدولة" فقط..لا ولا ثم ألف لا، فالتضييق نصنعه نحن أيضا..نؤسسه ونقننه بتجييشنا لأشخاص ينالون عضوية اللجنة الإدارية والمكتب المركزي وما هم بأهل لذلك!! نصنع ذاك المناضل المحنط الذي يتقن فن التجسس على المناضلين ويقدم التقارير عنهم، وبه نزكي البعض ونقصي البعض الآخر..نصنع الريع ونهدي العضوية لمن نريد ضدا في التدرج التنظيمي..
النتيجة هي أننا نقدم خدمة مجانية للنظام ليزيد من هجمته علينا ويعمق جراح تراجعنا.. وينفرد بالشعب انتهاكا لحقوقه..
إن العبث ينفر المناضلين من الإشتغال في الفروع، ويصدم من علمناه أو تعلم خيرا في الجمعية..
إن العدو الحقيقي لحقوق الإنسان يعرف دواليب ما يدور في الجمعية..وإن لم نعد لجادة الصواب؛ سندرك يوما أننا كنا نطارد خيط دخان..
نحن من مناضلي الجمعية، وقد نظل كذلك..نحبها ونغير عليها..صحيح أنها نظيفة مقارنة مع كل الإطارات الحقوقية والسياسية والنقابية، لكن نريدها أكثر نظافة في تنظيمها وخطها الحقوقي، وفي تدبير مشاريعها، وفي احترام مبادئها..حتى نحقق كافة الحقوق للجميع..
عندما ننتقد الفعل الحقوقي أو السياسي أو النقابي، فالنقد يكون موجها بالضرورة للإطار وخطه وليس للأشخاص..نقد بناء وليس هداما..من أجل الحقيقة وفضح الإنتهازية والوصولية والبيروقراطية...ومن يفهم غير هذا ويعمل على تأويل مقالاتنا بالشكل الذي يخدمه؛ فهو إما معني مباشرة بما نكتب أو ليس مناضلا مبدئيا أو خارج التاريخ ..لأن المناضل هو الذي يعترف بالخطأ ويصصحه ويقبل الحقيقة كيفما كانت مرارتها..
الحقيقة حقيقة وسنظل على السعي وراءها..
شارك هذا الموضوع على: ↓