2019/08/21

حسن أحراث// يوم غادرنا دهاليز ابن رشد بالدار البيضاء..

التاريخ: 16 غشت 1991؛

التوقيت: حوالي الساعة الثانية بعد الزوال؛
المناسبة: عفو بمناسبة 14 غشت؛
الوجهة: منزل عائلة الرفيق نور الدين جوهاري بحي سيدي معروف بالدار البيضاء.
كانت لحظة فرح وحسرة في نفس الآن. فرحنا لانتصار معركة الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري، وتحسرنا لغيابهما..
تفاجأت عائلة الرفيق نور الدين بزيارتنا غير المتوقعة. فلم تكن حتى لتتخيل ذلك؛ ونفس الشيء حصل مع عائلتي بمراكش بعد الاتصال الهاتفي بها. وسبب المفاجأة هو الإدراك العميق لقوة تشبثنا بمعركتنا وبمواقفنا ودربنا النضالي.. 
بالفعل، لم نساوم ولم نطلب عفوا ولم نرضخ.. كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة الينا نحن كذلك جوهاري (تاريخ الإفراج الفعلي: يناير 1992) وأنا (تاريخ الإفراج الفعلي: فبراير 1999).. أطلق سراحنا (أزيل القيد من معصمينا) ونحن مضربان عن الطعام وفي حالة صحية سيئة...
كان العناق حارا، فردا فردا.. الأم فاطنة (القديسة كما لقبها الرفيق نور الدين) وزهرة وعبد الرحيم وعبد اللطيف ونزهة وفاطمة وسعيد...، ووجوه طيبة أخرى..
كان الاحتضان مثاليا.. عمت أجواء الفرحة صفوف العائلة ومحيطها..
بالنسبة لي، كان الزمن متوقفا، في انتظار وصول عائلتي قادمة من مراكش..
في الصباح الموالي، حضر الوالد محمد والوالدة هنية والصهر الوفي إبراهيم ورزاز.. وتواصل العناق الحار بمراكش، وكذلك الاحتضان..
والآن بعد ثمانية وعشرين (28) سنة، أتحسر للغيابات في صفوف العائلتين: الأم القديسة فاطنة والأب محمد وزهرة وعبد اللطيف ونزهة وإبراهيم...
وأتحسر أيضا للغيابات في صفوف مجموعتنا، مجموعة مراكش 1984: محمد عباد وعبد الرحيم علول ومحمد صالح بوحمزة؛ ولغياب العديد من أفراد العائلات (أمهات وآباء...)، وأخيرا لغياب الفقيد عبد السلام بداوي أخ الرفيق يوسف بداوي... 
أرجو الصحة والعافية للجنود الصامدة التي تقاوم في صمت، رفاق وعائلات ومعتقلين سياسيين...
إنها مسيرة فرح وحسرة وأمل...
مسيرة النجاحات والإخفاقات...
مسيرة الدروس والصمود ومواصلة المعركة...
فأن تغادر جحيم ابن رشد ودهاليزه، وما يرمز اليه ذلك من إضراب لامحدود عن الطعام لأزيد من ست سنوات وحصار قاتل بدون زيارة وبدون حركة (التقييد الى الأسرة طيلة مدة الإضراب) ودون علاج أو نظافة...، يعني أنك ولدت من جديد.. يعني أنك هزمت الجلاد وطقوس الجلاد وحقده ودمويته.. يعني أنك أهديت الشهيدين وكل شهداء شعبنا ورود الأمل وأكدت مواصلة دربهم وخدمة قضيتهم...
فلم يسبق أن دام إضراب عن الطعام لأزيد من ست سنوات، كما لم يسبق أن منعت الزيارة عن معتقل لما يزيد عن ست سنوات (استثناء مقبرتي تازمامارت وقلعة مكونة)...
لقد ولدنا من جديد كما ولد بعض من تبقى من جحيم تازمامارت ومجموعة من الرفاق المعتقلين السياسيين بالسجن المركزي بالقنيطرة وبسجون أخرى.. 
وتخليدا للمناسبة، أقدم الفيديو رفقته من معتقل تازمامارت كما أصبح اليوم... 
وأطرح السؤال: كيف "نساهم" في إخفاء/إتلاف دليل مادي على الجرائم المقترفة من طرف النظام؟!! 
بالفعل، جرائم النظام لا تنتهي، قبل تازمامارت وبعدها. فقط، لنحافظ على الذاكرة (من يذكر أو يتذكر من قضوا نحبهم في مقبرتي تازمامارت وقلعة مكونة؟!!)، ولنصن الرصيد النضالي لأبناء شعبنا...
فمعتقل تازمامارت صار أطلالا ودهاليز ابن رشد بدون معالم، لكن القمع مستمر ومتجدد ومتجبر...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق