29‏/09‏/2019

عزالدين اباسيدي// وهم تدمير المناضلين الحقيقيين من طرف العدو

إن أصل وجذر وجوهر المسألة، أي الوهم، يرجع أولا الى الارتباط والاندماج الكلي
للمناضل بالقضية، قضية الثورة والتغيير، قضية تحرر الشعب المغربي من براثن الاستغلال والاضطهاد، قضية الارتباط بالنظرية الماركسية اللينينية، والعمل على بث الوعي السياسي في صفوف الجماهير الشعبية، وخاصة البروليتاريا، والعمل على بناء الحزب السياسي الثوري الماركسي اللينيني المرتبط أشد الارتباط وأوثقه بالحركة العمالية لدلها وإرشادها الى هدفها النهائي ومهماتها السياسية وصيانة استقلالها السياسي والنظري عبر الدعاية السياسة والتحريض السياسي والعمل السياسي ليصل العمال الى قناعة أن تحريرهم لن يكون إلا عبرهم ولتستطيع الطبقة العاملة إنجاز رسالتها التاريخية الكبرى بتحرير نفسها وتحرير الشعب من العبودية السياسية و الاقتصادية.
ويرجع هذا الوهم ثانيا الى نظر ووعي وتحدي المناضل والى انخراطه في العمل تحت كل الظروف لإنجاز المهام المرتبطة بالقضية، وذلك في محاولة لكسر هذا التحدي من طرف العدو. وإن صلابة وصمود المناضل الثوري يعتبران سلاحا قاطعا يمتلكه المناضل، مما يمكنه من الانتصار في الصراع الدائر بينه كمناضل ثوري مقتنع بالقضية ومندمج بها ومستعد للتضحية من أجلها ومن أجل خلاص شعبه وبين نظام متعفن فاسد رجعي وعميل. وإرث النظام الاستعماري في القمع لا يحتكم الى نظم أخلاقية حيث ممارساتهم هي ممارسات استعمارية عنصرية، وسلوكهم فاشي النزعة، غارقين في بحر من القذارة والعفونة والخسة، بحيث أن استمرار اضطهادهم مقرون بممارسة أبشع أنواع الاضطهاد ودفاعهم عن استغلالهم مقرون كذلك باستمراره في ممارسة أبشع أنواع الاستغلال. ولا يهمهم في الحرب على المناضلين أن يستغلوا ويستثمروا كل شيء حتى العواطف الإنسانية والأبناء، تجدهم يلجؤون الى المساس بالشرف الإنساني ويسببون العاهات الجسدية الجسيمة والعقلية وتشويه السمعة وملاحقة المناضلين بالأضاليل والأكاذيب والإشاعات والتخويف. وهذه هي مهمة الطابور الخامس المختص في تنفيذ المهام القذرة أي "المراقة الصماطة البركاكة" المخبرين العملاء الذين يعشون على الابتزاز المندسين في الجمعيات الثقافية والمنظمات النقابية المرتزقين المستعدين لتقديم أي خذمة لمن يدفع أكثر، الذين يستفيدون من وضع الفساد والريع وأصحاب المصالح الاقتصادية والسياسية المشكلين للوبيات الفساد.
إن صلابة المناضل تعني الثبات الحديدي على الموقف البطولي المتحدي لإرادة العدو الطبقي وأجهزته القمعية، وامتلاك الإرادة الحديدية القوية في مقارعة العدو المسندة على الاقتناع العميق بالقضية هو الصخرة التي تتكسر عليها كل الرهانات الخاسرة وكل الدسائس وكل المؤامرات وكل عمليات العزل والمحاصرة والخنق والقتل والتشويه والإذلال والاستخفاف بالمناضل ومحاولة ضرب تاريخه وتضحياته وتبخيس النضال وطمس التاريخ واستصغار التضحيات واعتبار النضال لعبة أطفال في متناول الكل (المرتزقة والانتهازيين والوصوليين)، وهو فقط خاص ومحصور عند أصحاب المصالح الذين لهم الضوء الأخضر بالدعم والتشجيع كمقابل لما يقدمون من خدمات لجهات النظام الغارقة في الفساد والتي تعمل على الحفاظ على الوضع السائد وتكريسه.
إن سلاح الصمود والصلابة بالإضافة الى السلاح المعنوي الذي لا يمكن محاصرته من قبل العدو والأعداء المبني على اقتناع المناضل وإرادته القوية المقاتلة وقناعاته وإنسانياته وأخلاقياته التي تعترك بمرارة مع خطة الأجهزة القمعية للنظام وأزلامه وكذا أصحاب المصالح الاقتصادية والسياسية المستفيدين من الوضع السائد، وضع سيادة وانتشار اقتصاد الريع والفساد، يجعل المناضل يقاوم كل لحظات الضعف والوهن، وذلك من خلال استنهاض صبره وطول نفسه وليستجمع شريط حياته النضالية والاجتماعية واستحضار تضحيات رفاقه وتضحيات الشهداء، ليعلن تجاوزه للضغوط، وليعمل على إسقاط محاولات وحسابات وغطرسة النظام. فالاستخفاف ونظرة الاحتقار يتكسران على صخرة الاقتناع بالقضية. وليس هناك ما يمكن تقديمه للقضية أغلى من الحياة، وليس الشرف المزيف الذي يسمعه النظام ويروجه أزلامه وأبواقه عبر إلصاق الإشاعات والاتهامات في محاولة لضرب المصداقية والسمعة والتاريخ لتضييق الخناق وحصر هامش تحرك المناضلين، خصوصا والفشل الذريع الذي لاقته كل محاولات الإيقاع بهم وتدميرهم.
وهذا السلاح يمكن المناضل من إسقاط حاجز الخوف والرهبة ومن عدم انحناء الرأس، وبالتالي البقاء مرفوع الهامة والهمة و الانتصار على كل إهانة والرد عليها بالمقاومة والتحدي والثقة بالنفس والصمود والاستمرار في الدرب والهجوم عبر فضح إجرام النظام وعمالته وتبعيته ومناوراته لضمان سيطرته في محاولة لتأخير زواله المحتوم أمام الإدراك الذي أصبحت تتلمسه الجماهير الشعبية الكادحة بوعيها الطبقي الناتج عن وضع الاستغلال والاضطهاد والظلم والقهر والإذلال والنهب والفساد الذي أوصلها الى فقدان الثقة في ما يسمى الإصلاحات والانتخابات وبعدم جدوى التعديلات الحكومية أو لجان الكفاءات أو جدوى حتى خطابات تبرير الأزمة، خطابات الحسرة والألم على معاناتها أو خطابات تبرير النهب والفساد التي تتعرض له ثروة البلاد لتبرير سياسة الاقتراض من الخارج والديون وتبرير سياسة الخوصصة وبيع مؤسسات الشعب وتدمير الصحة والتعليم وتشريد وتجويع الفقراء واستغلال وتسريح العمال وتبرير القمع والاعتقال والأحكام القاسية والاعتقالات العشوائية والتهم المفبركة وتبرير القتل الجماعي كنتيجة لسياسة النظام المستندة على التنفيذ والتطبيق الحرفي لتوصيات المؤسسات المالية الامبريالية والأبناك العالمية المانحة للقروض...
وإن طريق الخلاص من هذا الوضع المفروض على الجماهير الكادحة بالحديد والنار، لا يمكن التخلص منه الا بالرفض والانتفاض وكسر جدار الخوف والالتحاق بمسيرة الشعوب الطامحة للتحرر من أنظمة الظلم والقهر وتكريس العبودية والتبعية للأنظمة الرجعية العميلة واقتفاء طريقها.
أخيرا إن تطور الصراع واشتداده وتأزمه بين المناضل من موقع الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة، المرتبط بقضية الشعب وقضية الشهداء وقضية الثورة والتغيير المسلح بالقناعة والصلابة والصمود في ظل هذا الوضع المتردي المرتبط بآلام وهموم الجماهير الشعبية، يجعل المناضل قادرا على اختراق القلاع المحروسة للنظام. وقد ينال ما ناله المقاومون وأعضاء جيش التحرير وكل من رفض وضع السلاح بعد اتفاقية إيكس-ليبان المشؤومة على يد الخونة وعملاء الاستعمار من تقتيل وتشويه واعتقال وتشريد... كما يمكن أن يتوقع باعتباره من نفس المعدن الأصيل، معدن المقاوم الحقيقي، كل الضربات والطعنات المباشرة وغير المباشرة، وليس الإكراميات أو المكافآت من طرف النظام...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق