2019/10/28

أحمد بيان// حرب الانتماء الى "الرموز" تقتل.

هناك ماركسيون حقا. لكن كم يكفيهم من الوقت ليقنعوا العالم بذلك؟
 فهناك أيضا من يدعي الماركسية ليسيء إليها؛ وهناك من يدعي الماركسية وهو جاهل بها. بل أكثر من ذلك، هناك من يدعي الماركسية ليحارب الماركسيين.
وهناك لينينيون حقا. لكن كم يكفيهم من الوقت ليقنعوا العالم بذلك؟ فهناك أيضا من يدعي اللينينية ليسيء إليها؛ وهناك من يدعي اللينينية وهو جاهل لها. بل أكثر من ذلك، هناك من يدعي اللينينية فقط ليحارب اللينينيين.
وقس على ذلك، هناك ماركسيون لينينيون (نسبة الى ماركس ولينين) وماويون (نسبة الى ماو) وغيفاريون (نسبة الى غيفارا) و...
لكن كم يكفي من الوقت لإثبات الانتماء الى نظرية هذا الرمز أو ذاك أو الى هذه الرموز أو تلك؟
وما جدوى أو الغاية من ذلك في نهاية المطاف؟
إنها متاهات يستفيد منها النظام والمشبوهون والمندسون...
وهناك من يمارس التضليل والافتراء والتشويش على المناضلين ونضالاتهم باسم النضال والانتماء الى الرموز المناضلة، بعيدا عن النقد العلمي أو النقد الذاتي أو حتى أبسط قواعد الممارسة الثورية..
لنحيي (بمعنى الحياة) تلك الرموز من خلالنا، بدل الموت من خلالها...
إن السؤال السديد هو كم يكفي من الوقت لإنجاح ثورة شعبنا؟ وكيف؟
كفى من حروب الانتماء الدونكيشوتية..
كفى من موضة الشعارات ومرض "الترف الفكري" (النقاش من أجل النقاش) ومن حروب الانتماء...
كم قرأنا من كتاب لماركس وانجلس ولينين وستالين وماو و...، وماذا بعد؟
كم رددنا من مقولات (جاهزة)!!
كم "تعاركنا" حول مواضع الواو والفاصلة والنقطة...!!
كم "تخاصمنا" حول "ثورية" فلان و"إصلاحية" (أو رجعية) علان، وصارا معا (فلان وعلان) الى مزبلة التاريخ!!
لنعد الى التاريخ (... الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات...)، ولنعدد الأسماء التي "أبهرتنا" من داخل الجامعات ومن داخل السجون ومن داخل المغرب ومن خارجه، ولنقدم الحصيلة...
لقد أبهرتنا تلك الأسماء ببريقها الزائف. أبهرتنا بالجمل الإنشائية المنمقة وبترديد المقولات وبحفظها عن ظهر قلب لبعض صفحات كتب ماركس ولينين وماو...
لقد أبهرتنا بسبب ضعفنا وكسلنا النظري والعملي...
لقد أبهرتنا بوقاحتها وليس بجرأتها...
لقد أبهرتنا بسبب خجلنا المرضي...
كانوا "يبهروننا" بالنهار و"يبهرون" النظام بالليل (وحتى بالنهار)..
معذرة، لا أعمم.. لقد أبهرنا حقا الشهداء.. لكن ليس فقط بالكلام، بل بالتضحية والجدية والمسؤولية...
الكثيرون انساقوا/انكبوا على قراءة ودراسة تجارب الشعوب ورموزها..
جميل أن "ننساق" أو أن ننكب على قراءة ودراسة تجارب الشعوب، جميل جدا؛
وجميل أيضا أن نقرأ وأن ندرس من أجل امتلاك أدوات التحليل العلمي (التحليل الملموس للواقع الملموس)؛
لكن الأجمل أن نقرأ وأن ندرس تجارب شعبنا. والأجمل أن يكون التحليل العلمي أداة لاستخلاص الدروس من تجارب شعبنا كما من تجارب الشعوب المضطهدة الأخرى...
إن مناسبة هذه الوقفة/الرسالة هي الانسياق، بل الغرق في وحل الصراعات الهامشية التي تفرق وتعدم فرص التنسيق والعمل النضالي المشترك، خاصة أمام المعارك البطولية لأبناء شعبنا، عمالا وفلاحين فقراء ومعطلين وطلبة...
نضالات هنا وهناك على كامل رقعة بلدنا ونحن نتباهى بانتمائنا الى هذه المرجعية أو تلك. لننتم الى هذه النضالات والمعارك من أي موقع نضالي. وتم بدون شك يصنع الفرز ويدوم الانتماء الى المرجعية العلمية، أي المرجعية السديدة.
بالفعل، لا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية. للتاريخ والأمانة العلمية، مقولة للينين، لكن تقولها أنت الآن وتقولينها أنت الآن وأقولها أنا الآن... كلنا لينين عندما نستوعبها ونمارسها، وليس فقط عندما نرددها (ببغائيا) أو عنما نستدل بها...
وبدل أن نعلن الانتماء الى هذا الرمز أو ذاك (وكثيرا ما يتم الافتخار بالانتماء لمجرد الافتخار والمزايدة وتصفية الحسابات)، لنمارس أفكاره ونظريته بما تتطلبه اللحظة التاريخية من اجتهاد وتجديد وإبداع نظري وعملي... وبدون الترجمة المبدعة لنظرية أو أفكار هذا الرمز أو ذاك نكون قد أسأنا اليه، بل نكون قد شوهنا رصيده وقتلنا تاريخه...
إن الرموز المناضلة ليست في حاجة الى التقديس أو العبادة، وليست في حاجة الى بناء الأضرحة.
وما يجب أن يستحضره الماركسيون اللينينيون هو أن لينين بالقدر الذي دافع عن الماركسية وواجه أعداءها، فإنه بنفس القدر الذي قام بدراسة واقع روسيا وتجارب شعب روسيا..
عاش شعبنا تجاربه الناجحة والفاشلة دون "حروب الانتماء". ولعل تجربة الريف مع محمد بن عبد الكريم الخطابي التي ألهمت تجارب عالمية (التجربة الفيتنامية كمثال) أكبر دليل على حاجتنا الى أنفسنا أكثر من حاجتنا الى غيرنا...
لنعدد الانتفاضات الشعبية التي صنعها أبناء وبنات شعبنا، لنعدد التضحيات التي قدمها أبناء وبنات شعبنا...
لنعلن من خلال الممارسة الانتماء الى هذه البطولات "المنسية" من حيث الدراسة والتمحيص..
20 فبراير مثلا، ماذا عن دروسها وسياقاتها في ظل مستجدات الساحة الدولية الآن (الشيلي...)؟
أسئلة حارقة نتجاهلها، لنغرق في رماد حروب الانتماء..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق