04‏/11‏/2019

محمد حومد// ولاية حكم ثانية للوزير الأول الكندي

عاش الشعب الكندي على إيقاع الحملة الانتخابية الفدرالية منذ النصف الأخير من
شهر شتنبر إلى أن أعلنت نتائج الاقتراع يوم 21 اكتوبر على صعود الحزب الليبرالي برئاسة جوستى ترودو (Justin Trudeau) للمرة الثانية على التوالي إلى سدة الحكم شرط ألا يحصل أي تحالف بين الأحزاب الثلاث الأخرى المنافسة له وهذا احتمال ضئيل، اللهم إذا كان الهدف هو طرد جوستى ترودو من الساحة السياسية والعودة إلى الانتخابات من جديد٠
إن عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب الليبيرالي الكندي، 157 من أصل 338، لا تشكل الأغلبية، وبالتالي فالحكومة الكندية هي حكومة أقلية وأي مشروع برلماني لن يصادق عليه إلا بموجب تحالفه مع حزب آخر غير حزب البيئة يمكنه من تحقيق النصف زائد الواحد داخل البرلمان ولهذا يعتقد البعض أن الحزب الحاكم سيكون في وضعية صعبة إلا أن العكس هو الصحيح لأن على يمينه حزب المحافظين بقيادة أندرو شير(Andrew Scheer) وعلى يساره حزب الجديد الديمقراطي بقيادة جامس سينغ (Jagmeet Singh)أما حزب الكتلة الكيبيكي بقيادة إيف فرانسوا بلانش (Yve-François Blanchet)قد يدعم اليمين أو اليسار على حد سواء فالمشروع اليميني للمحافظين هو الغطرسة و صفقات بيع الأسلحة وتقليص الضرائب على الأغنياء و الحد من القطاعات العامة ٠٠٠وهذا لا يزعج كثيرا الليبيراليين أما المشروع اليساري فلا يتجاوز رفع الحد الأدنى للأجور بنسب هزيلة ٠٠٠٠
لقد عرفت الحملة الانتخابية عدة مناظرات بين قياديي بعض الأحزاب ذات النفوذ السياسي والإعلامي، ثلاث منها كانت شبه رسمية أو أكثر تدقيقا شاركت فيها نسبة كبيرة من الأحزاب وكانت لها دعاية واسعة وعامة، اثنان منها باللغة الفرنسية وواحدة باللغة الإنجليزية ، إن الساهر على هذه المناظرات هي مؤسسات الإعلام المحلية في الشكل و المضمون و الملفت للنظر هو السماح لأحد الأحزاب الحديثة التأسيس بالمشاركة في جل المناظرات و أخص بالذكر حزب الشعبي الكندي لصاحبه ماكسيم بيرنيي (Maxime Bernier)المنشق عن حزب المحافظين فهزيمته فضيحة للإعلام الذي ضخم من حجمه ولم يحصل ولو على مقعد واحد فرئيسه هزم هو الآخر في عقر داره بإحدى دوائر مقاطعة الكيبيك فهل سيشارك هذا الحزب مرة أخرى في مناظرات الانتخابات القادمة !! إنها الديمقراطية على المقاص٠
إن هذه المناظرات وما يدور من خلالها ومن حولها تحت تأثير عامل الإعلام يلعب دورا رئيسيا في توجيه الرأي العام رغم هزالة القيمة الحقيقية السياسية والفكرية للأطراف المتصارعة، فمن حيث الشكل فعدد المناظرين الستة مقارنة مع المدة الزمنية المخولة لكل واحد منهم، التي تتضمن الإجابة على عدد هائل من الأسئلة المتفرعة بدورها عن كثرة المواضيع العريضة لا يسمح بالتمييز الحقيقي بين المناظرين، لإن كل متدخل لن يتجاوز خمس دقائق إجماليا في الموضوع، إنها السياسة الديمقراطية على المقاص، أما من حيث المضمون فمواضيع النقاش الفكري والسياسي هي عبارة عن شعارات عامة من قبيل المالية، الهجرة، الاقتصاد، السياسة الخارجية، البيئة٠٠٠كل ما في الأمر هو مقتطفات لكل متدخل وأي زلة سيستغلها الإعلام ليطفو بها على السطح و الكل منا يعلم أن للاقتصاد وحده الساعتين من المناظرة غير كافية ولو لمتدخل واحد٠٠٠إنه التدجين السياسي٠

طيلة الحملة الانتخابية والإعلام يحث المواطنين على التصويت بحيث هناك من يرى في إلزامية التصويت نموذجا وواجب وطني ومن تخلى عنه يعاقب قانونيا ومع ذلك فإن نسبة التصويت لم تتجاوز 65% ومن طرائف الديمقراطية أن يحصل الحزب الليبيرالي على أكثر المقاعد من حزب المحافظين ويحصل هذا الأخير على عدد أكثر من الأصوات، فالملاحظ هنا هو تقنية توزيع الدوائر لها دور رئيسي في نتائج الانتخابات التي بلغ عدد الأحزاب المشاركة فيها حوالي 16 الحزب بما فيهم الحزب الشيوعي والحزب الماركسي اللينيني٠
إن الناخب الكندي وهو يتابع عن كثب هذه الحملة الانتخابية و على رأسها الأحزاب الستة هل سيثق في حزب الصدارة الليبيرالي ، يجد غالبية المهاجرين فيه حضنا دافئا، الذي اطلعتنا بعض الصحف عن ممارسات رئيسه العنصرية في إحدى المحطات من حياته الغير بعيدة ، البلاك فايس، (Black Face) أم في حزب المحافظين الذي أصبح يهب مع رياح مقاطعة كيبيك لإرضاء الكيبكيين رغم أن حزب المحافظين له تاريخ صراع مرير مع مقاطعة كيبيك منذ عقود إعلان استقلال هذه الأخيرة عن كندا أم في حزب الكتلة الكيبكية الذي لا وجود له خارج مقاطعة كيبيك، يطمح للاستقلال عن كندا ولكن لا يريد الاستقلال لباقي الشعوب أم في حزب الديمقراطي الجديد اليساري الذي سارع إلى محو عبارة الاشتراكية من برنامجه العام في إحدى مؤتمراته السابقة إنه يدافع بشدة على المهاجرين ورئيسه الحالي من اصل مهاجر أم في حزب البيئة الذي يدافع بشدة عن الطبيعة ويتغاضى عن جوهر الموضوع وهو فائض الانتاج تحت الاستغلال المفرط للطبقة العاملة من طرف الرأسماليين الذين يستنزفون المواد الطبيعية وقوة العمل ٠
مع كل حملة انتخابية وعود ومع كل حكومة مفاجئات٠٠٠



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق