إن التشرد والضياع والتيه السياسي المؤدي إلى العجز والإفلاس والبوار والموت
السياسي هو نتاج فقدان البوصلة السياسية، حيت النتيجة هي الشلل في المبادرات النضالية، والتذبذب في اتخاذ المواقف والقرارات النضالية والحسم فيها، والخوف والارتعاد من الأشكال النضالية للجماهير الشعبية. وهي السمة التي تطبع وتميز ممارسة القوى السياسية التي تدعي الانتساب والانتماء إلى اليسار سواء المشاركة في اللعبة التي يؤطرها ويشرف عليها ويعمل على إخراجها النظام القائم، أو المؤثثة للحقل السياسي. إذ نجدها (أي هذه القوى) تحتل موقع السبق والريادة، وبحماسة زائدة بعد أن تلتقط إشارة النظام لانطلاق الحفل أو الكرنفال أو المسرحية الانتخابية، حيت تنقض على أي فرصة للعب الأدوار المنوطة بها. وذلك كعربون الانصياع والخضوع في سباق مصيري بالنسبة إليها مع باقي القوى السياسية الرجعية، نيابة عن النظام ومؤسساته.
إن ارتفاع منسوب العويل والصراخ والتطبيل والتضليل، عبر أولا الدعوة إلى التسجيل في اللوائح الانتخابية وتبرير هذه الممارسة بقطع الطريق أمام القوى الرجعية الفاسدة وثانيا افتعال نقاش يريده ويحبذه ويشجعه النظام، يهدف الى إتقان اللعبة حتى تؤدي مفعولها المكرس للاضطهاد والاستغلال، ولكي يكون النقاش منصبا على أهمية الانتخابات ودور المؤسسات. وذلك كمحاولة لإعادة الشرعية وتجديدها وإرجاع الثقة المفتقدة لدى الجماهير الشعبية وخاصة الطبقة العاملة. والعمل أيضا على أن يشمل هذا النقاش دعاة مقاطعة الانتخابات ليكتمل السيناريو ويكون الإخراج جيدا وتكون الخدعة في غاية الإتقان. فكيف لا تنخرط هذه القوى مادام الأمر يعد عندها فرصة ذهبية وهدية من النظام ومناسبة تنتظرها وتبحت عنها لتعرف بنفسها وقدرتها على لعب وأداء الأدوار التي توكل لها على أحسن وجه. وأيضا لتجدد عهد تواطؤها ضد قضايا الشعب ومصالحه، بعيدا عن مساره في التحرر والانعتاق. وفي هذا الاتجاه تكون ممارستها مركزة على ضرب وإعدام أي استعداد أو نهوض جماهيري. وفي حالة التجاوز يكون أسلوب اللجم والكبح والإجهاض هو نشاطها على غرار ما يسمى ب"مجلس قتل حركة 20 فبراير"، و الذي تسوقه على أنه مرجع لتأسيس شبكات ولجان التضامن، وكذلك الائتلافات الحقوقية والجبهات الاجتماعية والتحالفات والتنسيقات السياسية التي ضمت حتى القوى الظلامية والشوفينية الرجعية الملطخة بدماء شهداء الشعب المغربي، ومنهم المعطي بوملي ومحمد بنعيسى أيت الجيد ومحمد الطاهر السيساوي وعبد الرحمان الحسناوي، وذلك لإتاحة الفرصة للنظام القائم لترتيب بيته الداخلي واختيار لاعبين جدد لتنفيذ مخططاته الطبقية التصفوية وشرعنتها تطبيقا لتوصيات الامبريالية ومؤسساتها المالية، وللتغطية على سياسة القمع والاعتقال والاغتيال طحنا وخنقا وحرقا، برا وبحرا (محسن فكري، فضيلة أزرو، حياة، كريم الشايب، العتابي، خلادة الغازي..).
أخيرا، إن درس الشعوب المنتفضة قد حدد الأولويات والمهمات الملحة لتحطيم قلاع الأنظمة الرجعية عميلة الإمبريالية والصهيونية والتي لا يمكن أن تكون أو تخرج عن مهمة بناء وتشييد قوة التأسيس والبناء.
شارك هذا الموضوع على: ↓