لقد ولى فهم و تصور العصور البائدة حيت كان التصديق و الإيمان من
طرف العامة للخوارق و المعجزات أمرا مستساغا ، و التي اعتمدت من لدن أصحاب المصلحة كمنهج لتضليل و طمس الصراع على السلطة و الحفاظ على المصالح، كما كان يستعمل هذا الفهم لتوسيع دائرة التابعين لحسم الصراع من المنافسين ، و لتبرير الأزمات و التغطية عليها، كذلك ٱنتهى عهد تلك المكانة التي كان يحضى بها أبطال العصر اليوناني و الروماني و تلك الهالة و العظمة التي تحاط بها أدوارهم و معاركهم في الصراعات و الحروب .
هذا الفهم الذي كان يصور فيه التاريخ أو ينظر به إلى التاريخ على أنه من صناعة أبطال خرافيين مرسلين بكتب من السماء حاملين المعجزات و الخوارق على ظهر البراق ، أو من صناعة أبطال الأرض أسرى حروب السلب القديمة المدربين. و الذي يلغي كذلك الصراع الطبقي كمحرك للتاريخ و يلغي دور الجماهير في كتابته بدمها ، و يحلل الأحداث التاريخية تحليلا أحاديا رجعيا و متاليا ينفي الحركة و قوانينها العامة المتحكمة في مجرى و سير التطور التاريخي العام ، و هذا هو الفهم الذي يراد إحياءه و إعتماده و تسييده في عصر الرأسمالية في عهدها الإمبريالي لغاية طمس و تغييب الصراع الطبقي و لأجل تحصين المصالح الطبقية للنظام و تأبييد سيطرته كنظام تبعي عميل وكيل للإمبريالية و الصهيونية و الرجعية بكل الوسائل و الأدوات القمعية و الإديولوجية عبر العودة إلى ممارسة إعلاء دور الفرد الحاكم و ٱحاطة كل مبادرته و لجانه بهالة من الرعاية و الإهتمام و القدسية و التنزيه و اعتبارها هي المخرج و الإجابة و الشفاء و العلاج لكل المأسي التي يخلقها الفساد المستشري و يعاني منها الشعب و كأنه بهذه اللجنة سيتم ٱرجاع الثروة المنهوبة و المعادن المهربة و محاكمة لصوص المال العام و بذلك سيعم الإزدهار و التقدم و النماء و الخير و سيعيش الشعب في الرفاهية، هذا يعتبر أولا إهانة و إدلال و لكل من يدعي تمثيل الشعب و يتمترس و يستأسد على المناضلين الحقيقيين الجدريين و تانيا دليل على الأزمة التي يتخبط فيها النظام بالرغم من كل مساحيق التغطية عليها سواء بالتعديل الحكومي أو التساؤل حول الثروة أو ما سميى بمحاربة الفساد المستشري أو التظاهر بالحسرة و الألم على حياة البؤس التي تعيشها الجماهير الشعبية، في محاولة لردع و منع زحفها و تمردها و ٱنتفاضها ، و هذا ما يعاكسه الواقع، حيت الوضع حابل و ينبئ بعلامات الإنفجار و هنا يكمن الدافع الحقيقي للنظام وراء تشكيل و تنصيب ما يسمى بلجنة صياغة النموذج التنموي، كخطوة ٱستباقية يراد بها ٱحتواء ٱنفجار الوضع كما كان عليه الشأن مع خطاب 9مارس 2011، و ما ترتب عنه من تشكيل للجنة سميت لجنة صياغة الدستور.
فهل سيتم إتاحة الفرصة مرة أخرى للنظام القائم لتفويت معجزته، صفقة و طبخة ما يسمى لجنة النموذج التنموي و ٱعادة الشرعية و المصداقية لمؤسساته و مجالسه و مسرحياته على غرار الفرصة التي منحت له في 2011 ، عبر دعمه في أزمته بالعمل على إطفاء نار الغضب الجماهيري الذي أججه الإعتراف بالفشل و المسؤولية في تدمير و تخريب كا القطاعات و الفساد المستشري في كل المؤسسات و في الإجهاز على المكتسبات عبر إقراره بفشل نمودجه التنموي الذي كان معتمدا في السابق، كنتيجة لتطبيق توصيات و سياسة الدوائر المالية الإمبريالية المانحة للقروض كالصندوق النقد الدولي و البنك العالمي لهذف نهب ثروات البلاد وٱستغلال اليد العاملة الرخيصة .
إن فرسان النظام قد أعلنوها صراحة حيت تحلوا بالشجاعة المطلوبة و أعطوا الإشارات حتى قبل تشكيل لجنة كفاءات الدوائر المالية التي ستسهر على صياغة توصياتهم، على شكل برامج سيسهر على تنفيدها المهرولون نحو مؤسسات النظام بالرغم من أن السجون مملوءة بالمعتقلين السياسيين و الإعتقالات مستمرة و بالجملة و المحاكمات الصورية للمناضلين بتهم ملفقة كل يوم ، و الإستدعاءات و الإستنطاقات لا تتوقف في محاولة لزرع الترهيب و الخوف لأجل تهييء المناخ الملائم و الجو المناسب لترتيب وضع بيته المستقبلي بدون منغصات .
شارك هذا الموضوع على: ↓