15‏/12‏/2019

Camarde Ml// اشهد يا دجنبر في يومك 14..

إبان انتفاضة دجنبر المجيدة 1990 بفاس الأبية، و التي خلفت مئات الشهداء
و الجرحى و المعطوبين، و تعرضت كالعادة لقمع دموي شرس، ترك النظام كثيرا من جثث الشهداء ملقاة في الشوارع لأيام ليُرعِب المنتفضين و يثنيهم عن الاستمرار في الاحتجاجات. كما تمت محاصرة أحياء شعبية بكاملها مثل الليدو، ظهر المهراز، باب فتوح، باب الخوخة، سيدي بوجيدة، عوينة الحجاج، عين هارون...
و لاقتحام أزقة المدينة العتيقة استعمل النظام اليات عسكرية و مدافع خاصةٍ بالأزقة الضيقة من المفترض أنه حصل عليها من الكيان الصهيوني. كما استعمل الرصاص الحي لإبادة المتظاهرين الذين واجهوا الدبابات و مختلف أسلحة الأجهزة القمعية بصدور عارية.
الانتفاضة، كسابقاتها، جاءت في سياق الهجوم الذي شنه النظام الرجعي على القوت اليومي للجماهير الشعبية في إطار تطبيق سياسة التقويم الهيكلي الطبقية التي تمليها الدوائر المالية العالمية و ينصاع لها النظام بشكل حديدي. فخرجت الجماهير بأشكال غفيرة للاحتجاج في مدن عديدة.
في فاس، و على شاكلة كمونة باريس، ابتدعت الجماهير الشعبية المنتفضة تنظيمات ذاتية و أشكالا مختلفة لمواجهة القمع و صد الياته عن الأحياء. كما تم الاستيلاء على المحلات الكبرى و إعادة بيع المواد الغدائية على الفقراء بأثمان رخيصة في سوق بن دباب (السكر و الزيت و الطحين...).
و بدل الاستجابة لمطالب المتظاهرين، دفع النظام بمختلف أجهزته القمعية، بما فيها الجيش، إلى الشوارع فيما يشبه اجتياحا عسكريا للمدينة تحت غطاء الطائرات المروحية.
و استمرت المواجهات و سمع دوي الرصاص حتى وقت متأخر من الليل يوم 14 دجنبر. لتُستأنف يوم 15 دجنبر، بحيث خرجت الجماهير احتجاجا و غضبا على استشهاد العشرات من المحتجين. فيما كانت مدينة فاس معسكرة بالكامل، و رابطت الدبابات و المدافع الرشاشة في كل نقاط المدينة الاستراتيجية لشوارعها و احيائها.
و لم تُقمع الانتفاضة بشكل كامل حتى يومها الثالث، كما واكب النظام القمع الدموي الشرس بحملة مداهمات و اعتقالات طالت الاخضر و اليابس بالمدينة.
و لامتصاص الغضب، شكل النظام لجنة، (من صلبه و موجهة من أجهزته المخابراتية)، نشرت "تقريرا" بعداسنة على الانتفاضة اختزلت عدد الشهداء في 41 و الجرحى في 83. كما خَلُصت إلى أنه لم يستعمل السلاح الناري من قبل قوات القمع، رغم أن كل المعطيات تؤكد استعمال الذخيرة الحية. و هو ما تؤكده الحقائق على الميدان بحيث استشهد المئات كنتيجة لاستعمال النظام لمختلف الاسلحة لقتل المتظاهرين.
و هو ما سيؤكده اكتشاف مقابر جماعية اعترفت بوجودها حتى هيئات النظام و ضمنها "هيئة الانصاف و المصالحة" التي اقرت بدفن 106 أشخاص بأماكن مختلفة، 99 منهم دفنوا في مقبرة باب الكيسة، و دفن الباقون في مقبرة أبو بكر بن العربي. و هي الأرقام التي ضحدها الكثيرون و لا تعكس الأعداد الحقيقة للشهداء بالنظر إلى حجم الهجوم الذي شنه النظام على المحتجين.
للإشارة لم تكن فاس وحدها من خرجت إلى الشارع، فتاوجطات و طنجة و البيضاء و القنيطرة و اكادير (...) عرفت هي الاخرى مظاهرات عارمة كجل المدن المغربية، وسجلت مواجهات في معظمها (اعترف النظام باستشهاد مواطن بطنجة)...
ان الشروط التاريخية التي افرزت انتفاضة 14 دجنبر و ما تلاها هي هي الشروط القائمة اليوم مضمونا، و البلد مقبل على انفجار الأوضاع نظرا لحدة الأزمة و هجوم النظام على ما تبقى من مكاسب للجماهير الشعبية...

*بعضٌ من هذه المعطيات مستقاة من شهادة أحد الرفاق الذين عايشوا الانتفاضة، و هي متطابقة مع شهادات و تغطيات أخرى...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق