في الوقت الذي كانت الجماهير الشعبية الكادحة في صفرو تعبر عن استعدادها
للتضحية وعن ارتفاع همتها النضالية لتحقيق مطالبها البسيطة من خلال التظاهرات والوقفات التي كانت تملأ الساحات والشوارع والتي كانت تخرج من الأحياء الهامشية المقصية وغير المجهزة، كحي للايزة والخاينة وبودرهم والرفايف ومولاي اسماعيل وأحياء المدينة القديمة، أو تظاهرات التجار، والباعة المتجولين من خضارة وفراشة، أو تلك المظاهرات التي كان ينخرط فيها كل فئات الشعب الكادح ضد سياسة النظام القائم في الصحة والتعليم والسكن أمام الإجهاز المستمر عليها عبر مسلسل الخوصصة، حيت الإهانة والإهمال وصل حد القتل في المستشفى وإغلاق المدارس التعليمية العمومية، وتدمير المتبقي منها، وتشجيع المؤسسات التعليمية الخصوصية، حيت تحولت كل الڤيلات المحادية للشوارع الرئيسية إلى مدارس خصوصية؛ كما أن التشريد هو إجابة النظام في السكن مثلما وقع في المدينة القديمة، ويتكرر الآن مع ساكنة غابة بلحمر وساكنة الكهوف بحي للايزة وكاف المومن، التي نظمت عدة أشكال نضالية مختلفة.
نجد في المقابل أن هذا الاستعداد قد خمد، وهذه الأشكال النضالية قد قلت وتلك الهمة قد تحطمت والغضب قد تم امتصاصه بذلك الموقف السلبي المسمى "المؤازرة" الذي كان يلتجئ إليه ويحتمي به "المناضل" العاجز المتخاذل والذي يبرره بعدم النيابة عن الجماهير وبالاكتفاء بالسير إلى جانبها، وبالحضور في اللقاءات والحوارات التي كان يروج فيها ممثلو النظام القائم محليا لما يسمى مشروع برنامج التهيئة والنهوض بمدينة صفرو وإعادة هيكلة أحيائها، وهي إجابة كان يقتنع بها الكل، وكفى "المناضل" شر القتال والنضال، وما يتطلبه ذلك من تأطير وتعبئة وتوعية للجماهير بمصالحها الطبقية الحقيقية وطرق تحقيقها عبر التأسيس لمعارك تتمرس فيها هاته الأخيرة وتكشف عدوها الطبقي الحقيقي، الذي هو السبب والمسبب في سيادة هذا الوضع واستمراره وديمومته، وتقتنع بضرورة النضال لتغييره بالسبيل الثوري الجذري والوقوف ضد تكريسه عن طريق الخداع بما يسمى الإصلاحات والانتخابات وما تفرزه من مؤسسات مزيفة، جماعية وتشريعية وتنفيذية، أو عبر لجان الكفاءات المعينة كلجنة ما يسمى بالنموذج التنموي أو تكريسه من خلال اللجوء إلى الاعتقال والمحاكمات بملفات مطبوخة وتهم ملفقة في حق المناضلين فعلا الذين يفضحون مسرحيات وتمثيليات النظام القائم ويكشفون زيف الشعارات المرفوعة والمساحيق الموضوعة للتغطية على الأزمة التي يتخبط فيها، كما يعملون على إزالة الستار والحجاب عن الواقع المر الذي تعاني منه الجماهير الكادحة من عمال وفلاحين وطلبة ومعطلين وكل فئات الشعب بهدف رفضه والتمرد والانتفاض عليه.
فلماذا الانتظار وغياب أي ردة فعل بعد أن تراجع ممثلو النظام القائم بصفرو على كل ما قدموه من وعود في اللقاءات والحوارات سواء مع ساكنة الأحياء أو مع التجار أو الفراشة أو مع ساكنة المنازل الآيلة للسقوط أو بخصوص ما يعانيه المواطنون في كل المؤسسات العمومية، خاصة الصحة والتعليم وتدمرهم بشكل عام مما آلت إليه الوضعية في المدينة نتيجة سياسة التدمير والتخريب والتهميش والإقصاء المنتهجة من طرف النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي.
ألا يستدعي هذا الوضع تجاوز ممارسة "نضال" المؤازرة لإرجاع الاستعداد والهمة النضاليتين للجماهير الشعبية بالتحلي ولو بقليل من الجرأة واتخاذ مبادرات نضالية على أرضية ما تعانيه هاته الأخيرة نتيجة سياسة تعميم الفقر والعطالة والتجهيل والقمع والاعتقال لحماية سياسة النهب والفساد والافتراس لهذا النظام الرجعي العميل؟
إنها دعوة الى المناضلين الثوريين لتوحيد الصفوف وتحمل المسؤولية...
شارك هذا الموضوع على: ↓