إننا في طور آخر لتنفيذ إملاءات جديدة لصناديق الرأسمال الاستعماري/البنك
الدولي، عبر بوابة القروض مرة أخرى. وهذه المرة يلجئه النظام تحت غطاء جائحة وهم "كورونا". والخاصية، في هذه المرة، هو أن النظام لن يكون في حاجة للتهويل بالعجز في ميزانية الدولة واللعب على وتر أجور الموظفين والعاملين في القطاع العام كما جرت العادة في السنوات القريبة الماضية.. فهو، اليوم، في غنى عن الأسطوانات البالية. وأكثر من ذلك فهو لم يجد أي إحراج في إعلان نواياه في التهام الدولارات عبر طريقة القروض والحبل على الجرار، مستفيدا من فزاعة كورونا ومن عملية تخدير لازال مفعولها في بدايته، أنست الناس أنها مسروقة ومنصوب عليه..
إننا لا نفتري في ما نقول ومن يقول العكس فيعود لبيان "بنك المغرب" في قصاصته البليغة والتي لا يلفها أي غموض.
جاء في البيان، إن "القرض يأتي في إطار السياسة الاستباقية للبلاد، لمواجهة أزمة جائحة كورونا.." وأضاف بعد المرور في إبراز الفطنة لأصحاب القرار في اتخاذ هذه الخطوة بالقول "الحجم غير المسبوق لهذه الجائحة، ينذر بركود اقتصادي عالمي أعمق بكثير من ركود 2009، ما سيؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، لاسيما على مستوى القطاعات والأنشطة الموجهة للخارج وعائدات السياحة". ليخلص بكل وضوح دون لف أو دوران بأن القرض سيساعد في التخفيف من تأثيرات الأزمة على الاقتصاد، والحفاظ على الاحتياطات من العملات الأجنبية في مستويات مريحة، تمكن من تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب، والشركاء الثنائيين.
ويتضح من البيان أن النظام لا يعنيه سوى إبلاغ المعنيين، أي "الشركاء" الأجانب و"الشركاء" الثنائيين وذوي الأنشطة الموجهة للخارج/للقوى الاستعمارية، والمستثمرين في القطاع السياحي، بأن الدولة تقترض من أجلكم فلا داعي للفزع من التدابير المعمول بها الآن. وهذا هو المعنى، أما كل ما جاء في مضمون البيان فيعرفون أن الشعب لا يدقق فيه ولا يهتم به سوى كقصاصات إخبارية منقولة من خلال الوكالات الإعلامية.. يعني أن النظام لا يهمه سوى إعلان الحلول للمستفيدين/الناهبين، من ثروات البلاد، أي المعنيون في عرف النظام بالموارد والثروات والمعنيون بالتخطيط والفساد والتهريب، وتقديم كل الاطمئنان لهم، أما من ستلاحقه تبعات هذه الحلول فهي ليست من أعراف دباجة بياناتهم ولا تصريحاتهم، وان الأغلبية، وبفضل الإعلام، لا تدقق ولا تهتم سوى للمفردات ذات ملفوف ديماغوجي لذلك يقفزون فوقها ولا يتحدثون عنها.
إن النظام لا يتوانى في استغلال فزاعة كورونا لأقصى الحدود، في هذه الشروط الدقيقة، من أجل اتخاذ كل التدابير والإجراءات التي تعمل على تمديد اليد الخفية لعصابة الكمبرادور لتقرير كل شيء حسب مصالحها وفرض تحميل الأغلبية، أي الجماهير الشعبية، تبعات الأزمة وضمان أكثر ما يمكن من العوامل لمواصلة تحقيق نفس معدلات الأرباح للكبار.. إنه المغزى الحقيقي لكل ما يقال عنه تدابير متخذة والتي تسهر على إخراجها ما يعرف ب"لجنة اليقظة الاقتصادية" والتي تتكون من ثمانية وزراء و"بنك المغرب" و"المجموعة المهنية لبنوك المغرب" و"الاتحاد العام لمقاولات المغرب" و"جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات"، و"جامعة غرفة الصناعة التقليدية " وهو الفريق نفسه الذي سهر على التجويع والتشريد والبطالة وكل الكوارث المستشرية في البلاد.. ويغيب كل من سيقول لا ولو محتشمة بل جلهم سلموا بالإجماع ومن استثني من التسليم في العلن وضع رأسه في الرمال.
إنهم استعملوا كورونا كنار جهنم لترويع الشعب ولتطويعه فيما هم يتقاسمون الغنائم وجنة الثروات ويجهزون على كل مكتسبات شعبنا تحت ذريعة لطيفة اسمها الوقاية من صدمة كورونا.
إنه صراع أحادي الطرف نتيجة الجائحة السياسية والنقابية والجمعوية التي أصابت ما يعرف ب"اليسار"، وهذه هي الجائحة الحقيقية التي تمر منها الشعوب.
شارك هذا الموضوع على: ↓