28‏/05‏/2020

محمد حومد // مطرقة أمريكا وسندان الصين.

يشهد العالم اليوم تحولات دولية عميقة وهامة اقتصاديا وسياسيا٬ لم تستطع
العلاقات الدبلوماسية حجب التصدع السياسي القائم بين الأنظمة المتحكمة في المجتمع الدولي وعلى رأسها النظام الأمريكي الامبريالي والنظام الصيني الصاعد. بدأ الاقتصاد الصيني يزحف بشكل هادئ ووثيرة متسارعة فوق بركان تغلي أعماقه، على الاقتصاد الأمريكي لسحب البساط من تحت أقدامه الهاوية مما ينذر بانفجار قوي.
إن صراع الشركات الكبرى العابرة للقارات والتي هي نفسها المنتج الرئيسي لشبكة الاتصال والتواصل بين هذه القارات يحيلنا إلى فجر الحرب العالمية الأولى، مرحلة الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية إبان تأسيس التروستات، الكارتيلات، الأبناك.... صراع بين التكنولوجيات الذكية للتحكم في شرايين الأنظمة الاجتماعية اقتصاديا وسياسيا.
إن معظم أثرياء العالم اليوم هم من يتربعون على رؤوس هذه الشركات العملاقة المتقدمة والمتقدمة جدا في إنتاج البضاعة الذكية والمستقبل القريب يوحي بالبقاء وإحكام السيطرة للأقوى منها.
إن صين اليوم تحت راية الشركة العملاقة هواوي(Huawei) للتكنلوجيا الذكية تتجه بخطى هادئة نحو التغلغل في كل بقاع الكرة الأرضية عبر أبراجها اللاسلكية التي تطمح إلى إنشاءها في مدن وقرى ومناطق نائية بدول العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، ليس من حيث الأدوات والآلات الاليكترونية فحسب، ولكن من حيث هي بنية تحتية ذكية لشبكة الاتصال، اي بمثابة الطرق السيار لصبيب الانترنيت المتجاوز لسرعة عشر كيك(10Gbs) في الثانية
لقد استوعبت أمريكا هذا الهجوم في ابعاده الاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية، حيث ستكون المراقبة آنية ومستمرة، لأن الخمس ج (5G)ستساعد على تطوير السيارات الذكية ذات التحكم المستقل، التي هي في طور الإنجاز، ومعظم الآلات الحربية ..... وهي(امريكا) تحاول باستمرار مراجعة جل الاتفاقيات والمعاهدات التجارية الدولية السابقة خصيصا مع الصين للحد من هذا التمدد وهذا الزحف، بل تجاوزت أمريكا لغة المفاوضات الدبلوماسية لتطالب بأحد رؤوس هذه الشركة العملاقة للمحاكمة بتهمة خرق القوانين التجارية الدولية، أي خرق الحصار المفروض على إيران.
هذه الدعوة تجندت لها كندا وقامت باعتقال الرأس الصيني المطلوب من مطار مدينة فانكوفر(Vancouver)، مانغ واهنزو(Meng Wanhzou)، مديرة القسم المالي لشركة هواوي وهي كذلك نائبة رئيس المجلس الإداري بنفس الشركة لتسليمها إلى أمريكا في إطار اتفاقية بين الدولتين الحليفتين، إلا أن الرد الصيني لم يتأخر كثيرا ، حيث تم اعتقال رجل اعمال و ديبلوماسي كنديين والحكم على كندي آخر بالمؤبد بعد أن كان محكوما بخمس عشر سنة بالإضافة إلى صد المنتوجات الغذائية المصدرة إلى الصين في إطار الاتفاقية التجارية بين البلدين ، رد صاعق لم تنتظره كندا ، مما أربك حساباتها فبدأ مسلسل رفع جلسا ت المحاكمات المتتالية وإطلاق السراح المؤقت تحت الحراسة الاليكترونية لمانغ وانزوه.
''للإشارة كان لمانغ وانزوه جلسة اليوم في المحكمة العليا لمقاطعة كولمبي بريطانيك(Coulombie-Britanque)''
وضعية كندا اليوم لا يحسد عليها فهي بين مطرقة أمريكا وسندان الصين.
إذا كانت هذه هي مقدمة حالة الطوارئ الصحية التي أعلنتها غالبية الأنظمة الدولية بسبب ظهور فيروس كورونا فالآتي أعظ م، بغض النظر عن الاتهامات و الاتهامات المضادة بين الصين وأمريكا حول مصدر هذا الفيروس أو سيناريوهات المؤامرات والمؤامرات المضادة أو تهافت الخرافات، بحكم غياب المعطيات الدقيقة التي يمتلكها أصحاب مراكز القرار، إن الوضعية كارثية و الحقيقة المرة هي المزيد ثم المزيد من تسريح العمال وتهميش المهمشين و الرمي بهم إلى شارع جيش العمال الاحتياطي ومحو نسبة كبيرة من الشركات الصغرى والمتوسطة بشكل نهائي من خريطة السوق الاقتصادي ، بل هذه الأزمة ستطال حتى بعض الشركات الكبرى من قبيل شركات الطيران التي ستبتلع بعضها البعض بعد تلقي الدعم المعهود من طرف دولة الطبقة البورجوازية، هذه الدولة التي بدت سخية في تقديم المساعدات و استطاعت القيادات السياسية الحاكمة الظهور مظهر العقلاء بإعلان الاجماع الوطني والدفاع الذاتي ضد العدو الخارجي لفت حولها من خلاله أحزاب المعارضة.
للحفاظ على الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي خصصت معظم الدول ميزانيات ضخمة للدعم ومما لا شك فيه هي ديون مؤقتة سيتم استرجاعها عما قريب ، عن طريق الزيادات المهولة في المواد الأساسية والضرائب بشتى أنواعها و تبقى الجماهير الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة هي من تؤدي الثمن، ففي غياب الحزب السياسي، حزب البروليتارية وغياب وعي المناضلين الثوري بالمهمات الملحة لبناء هذا الحزب فمهما بلغت الرأسمالية من أزمات حادة ستنهض البرجوازية مجددا في شاكلتها الحالية أو أكثر رجعية منها وتعمق هجومها الشرس على الطبقة العاملة.
فهل لشعار ''يا عمال العالم اتحدوا ''راهنية أكثر من اليوم !!




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق