2020/08/15

أحمد بيان // من البيروقراطية الى البيروقراطية (المهاجرون)

أولا، كل الإدانة للبيروقراطية بكل النقابات وكل الفضح لأساليبها الماكرة الهادفة الى تركيع المناضلين وصنع الأتباع (العبيد)؛

ثانيا، إن البيروقراطية واحدة داخل هذه النقابة أو تلك، وإن تعددت أو تباينت أشكالها. ومن يؤدي ثمن جرائمها ليس من ينتقل من نقابة الى أخرى (كمن يغير ملابسه)، بل الشغيلة كافة؛
ثالثا، إن المطلوب أو البديل ليس الهروب من البيروقراطية، بل مواجهتها والتصدي لها، إنها المهمة الصعبة المطلوبة نضاليا. فمغادرة نقابة (الهجرة) للالتحاق بنقابة أخرى أو تأسيس نقابة جديدة أو اعتزال العمل النقابي، ليست حلولا جذرية، وقد تساهم في تمزيق الشغيلة عموما والطبقة العاملة خصوصا، بما لذلك من آثار سلبية مدمرة على واقع الصراع الطبقي ببلادنا. إنها بأحد المعاني الحل السهل الذي لا يشرف المناضل اللجوء اليه. فهل يقبل المناضل التفريط في رصيد نضالي (تضحيات وعلاقات نضالية...) من أجل معانقة طموح شخصي أناني وتلبية حاجات ذاتية؟
إن مغادرة نقابة للالتحاق بنقابة أخرى يدعم بيروقراطية هذه الأخيرة ويقدم لها هدايا مجانية. إنه اعتراف صريح بها، خاصة عند التفاوض/المساومة على المواقع التنظيمية الجديدة، أي ادعاء محاربة الشيء والإتيان بأبشعه. أما تأسيس نقابة جديدة، فيؤشر على ميلاد بيروقراطية جديدة، بكل ما يعنيه ذلك من شتات وبلقنة للحقل النقابي. وبالنسبة لهجر العمل النقابي أو الدعوة الى ذلك، فليس غير التنصل من المسؤولية والسقوط في الانعزالية بكل ما تحمله من معاني النكوص والارتداد.
عموما، الحل البديل هو مواجهة البيروقراطية ومحاربتها وفضحها أينما حلت وارتحلت. لأن الانسحاب يفسح لها المجال لممارسة جرائمها ومواصلة تواطئها مع النظام ضدا على المصالح الطبقية للشغيلة وفي مقدمتها الطبقة العاملة.
وللدقة أكثر، أطرح السؤال: ما الفرق بين بيروقراطية الكنفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) وبيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، علما أن تأسيس CDT أواخر سنة 1978 كان هروبا من بيروقراطية UMT؟ 
إننا أمام السيئ والأسوأ أو الأسوأ والسيئ (بين نارين)، والبيروقراطية داخل CDT وUMT ليست وليدة اليوم. وقد ارتفعت عدة أصوات مناضلة من أجل محاربتها في قلاعها منذ مدة طويلة دون أن يعير الانتباه الى ذلك مهاجرو اليوم. فلا معنى، حتى أخلاقيا، اللجوء الى أحضان بيروقراطية لا تقل شراسة عن البيروقراطية الأم. 
إن البيروقراطية أمامنا، والبيروقراطية وراءنا، كما النظام القائم. ولا بديل عن مواجهتها أينما كانت.
إن الخطير هو الالتحاق ببيروقراطية قديمة أو جديدة ومفاوضتها/مساومتها بشأن المواقع التنظيمية وعدد الكراسي. إنها نقطة الضعف الأولى، إنه تكريس للريع واعتراف به وبالبيروقراطية. إنه ليس غير البحث عن الوضع الرمزي المريح بأي ثمن. أعرف بالأسماء من كان عشية الأمس بنقابة CDT، وصار اليوم بنقابة UMT (فارق ليلة واحدة). بم يا ترى سيبرر هذا التحول/الانزلاق الجنوني أمام التاريخ وأمام المناضلين وأمام من وضعوا ثقتهم فيه؟!!! هل استشار القواعد في إطار تنظيمي؟ هل احترم الديمقراطية الداخلية التي ينادي بها أو يدعيها؟
إنها قرارات انفرادية مهينة للشغيلة. إنها نزوات بورجوازية صغيرة، بل حالات مرضية تعكس ضحالة الفهم النقابي لدى أصحابها...
فكيف ستكون محاربة بيروقراطية تم الاحتماء بها عن طيب خاطر، بل تم الاعتراف بها وتزكيتها في هروب جبان من بيروقراطية منافسة؟!!
إن ادعاء محاربة البيروقراطية بعد اليوم ليس إلا وهما وتغليطا من طرف الملتحقين بالبيروقراطية الجديدة/القديمة. فهل قدم المهاجرون تقييما لسنوات من الانتماء للكنفدرالية الديمقراطية للشغل؟ هل صارت هذه النقابة (CDT) بيروقراطية بين عشية وضحاها؟ هل سيعمل المهاجرون على إثارة واقع الديمقراطية الداخلية والوضعية المالية للنقابة الجديدة/القديمة (UMT)؟
إن عيون موخاريق ليست أجمل من عيون الزاير أو الأموي...!!! ولا مجال بعد الآن للعزف على العواطف وتجييش "الأنصار" واعتماد منطق "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"... 
إن شعبنا في حاجة الى الحقيقة، ولو تكن مرة...
الشمس لا تحجبها عيون الغربال. ولا مجال للتشفي أو تصفية الحسابات الذاتية. 
وأخيرا، لا بديل عن العمل السياسي المناضل والمنظم كقاطرة لباقي أشكال الفعل النضالية، وفي مقدمتها العمل النقابي المكافح...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق