16‏/08‏/2020

أحمد بيان// النكرة والمعرفة

نادرا ما تنشغل الأسماء المعروفة (المعرفة) بانتقادات أو تعليقات أو
"سب وقذف" الأسماء غير المعروفة أو المغمورة (النكرة). وهو تجاهل مقصود في كثير من الأحيان. لأن الاهتمام بالتفاهات يسقط هذه الأسماء في التفاهة، بل يجعلها أداة لمرور التفاهة.
الأسماء المعروفة التي تحترم نفسها تجيب (على) وتتفاعل مع الانتقادات الإيجابية؛ ومن حقها ألا تفعل، حسب تقديراتها. ولا تسقط في ردود الفعل التي قد تسيء إليها. فبعض الأسماء النكرة، وخاصة المجندة، يهمها الاستفزاز لإرباك الآخر وعرقلة مشاريعه والتشويش عليه أو حمله على كشف أوراقه بخلفية الدفاع عن النفس والرد عن الإساءة.
وبالنسبة للتنظيمات السياسية والنقابية والجمعوية، فمن المفروض أن يكون لديها ناطق باسمها ومن ينوب عنه (الناطق الرسمي، أي الناطق المسؤول). وأي رد أو توضيح صادر عن جهة معينة غير "مؤسسة" الناطق المسؤول يعتبر غير ذي قيمة سياسة. نلاحظ الآن تعدد مصادر الرد والتوضيح، والكثير من الإطارات تلجأ الى ذلك لخلط الأوراق وطمس الحقيقة، بل والتصدي للأصوات المنتقدة، والفاضحة ولو عن حق. ويلاحظ السيل الذي لا ينتهي من الإساءة الى رموز مناضلة من طرف "نكرات" مجندة من طرف النظام والهيئات السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية والجمعوية المتواطئة.
وهناك "نكرات" نالت بعض "الحظوة" في صفوف بعض الجمعيات والهيئات "الإصلاحية"، وصادف أن "تشرفت" بمقابلة بعض الأسماء المعروفة، لا تتوقف عن نفث سمومها طولا وعرضا، وكأنها امتلكت مفاتيح "السماء والأرض". وبدل أن تبذل الجهد المطلوب لتسجيل حضورها النضالي النظري والميداني، اختارت العالم الافتراضي لتصفية حساباتها مع المناضلين (أعدائها وأعداء "مؤطريها" الانتهازيين)، وذلك من خلال جمل إنشائية ركيكة ذات حمولة قدحية ولا أخلاقية في كثير من الأحيان. إن الساحة النضالية في حاجة الى أسماء مناضلة مبدعة، نظريا وميدانيا، وليس الى "ببغاوات" تردد أحقاد أسيادها وتمارس سادية مفرطة تجاه المناضلين.
الأصوات النكرة محكومة في غالب الحالات بحب الظهور، أي تسجيل الحضور بأقل الخسارات أو بأقصر السبل، وذلك بسبب ضعفها وعجزها عن الإبداع والتضحية؛ وكثيرا ما سقطت في شباك النظام. وفي أحسن الأحوال تسقط في حبال الأسماء المعروفة كواجهة لمحاربة "الخصوم" و"الأعداء". علما أن فرض الذات بالمعنى الإيجابي يتطلب العمل والاجتهاد المستمرين والكثير من التضحيات. فلا معنى أن تتجند نكرات للطعن في مناضلين خبروا السجون ودهاليز النظام ومستمرين على طريق شهداء شعبنا، وهي التي لم تذق ولو صفعة أو ركلة عشوائية في الشارع العمومي!! ومن بين هذه النكرات من يتباهى بصوره (صور الشباب) أو بتسريحات شعره أو خرجاته الى شاطئ البحر بالمغرب وخارجه (أمراض البورجوازية الصغيرة)!!
إن النضال ليس حفظ بعض المقولات عن ظهر قلب أو ترديد شعارات حارقة عبر موجات العالم الافتراضي، وليس الإساءة الى المناضلين بدعوى "التجذر"، وليس إعلان الانتماء الى هذه التجربة النضالية أو تلك، وليس "التكفير" بتهم الإصلاحية أو التحريفية أو (...)، وليس ملازمة شرفة ما وتوجيه النصائح أو التعليمات...
النضال هو الارتباط النظري والعملي بأوسع الجماهير الشعبية، وفي مقدمتها الطبقة العاملة. النضال هو الانخراط في معارك العمال والفلاحين الفقراء...
النضال هو الحضور الفعلي بساحة النضال.
النضال هو التنظيم والتوسع التنظيمي المستمر. 
النضال هو توحيد جهود المناضلين المبدئيين والصادقين.
النضال هو رفض "التمترس" في تضاريس المنطقة الرمادية.
النضال ليس المجاملة.
النضال هو الاحتكام الى الواقع والتاريخ والذاكرة.
النضال هو الأمس واليوم والغد.
النضال هو التغلب على التشويش والانتصار الى الحقيقة، ولو تكن مرة، والنفاذ الى عمق القضايا المصيرية...
التاريخ لا يرحم أحدا، وكذلك الصراع...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق