هل من فاضت عواطفهم الجياشة اليوم تجاه القضية الفلسطينية كانوا يجهلون التطبيع القديم وكواليسه؟
طبعا، لا.. إنه تعبير واضح من جهة عن التقصير في الدفاع عن القضية الفلسطينية ومناصرتها باعتبارها قضية وطنية، ومن جهة أخرى عن التنصل من المسؤولية. إن الإهانة قديمة/جديدة.. وإقدام النظام على "فعلته" الشنيعة هذه ينطلق من كونه أدرى بحقيقتنا المُرة. لقد دمر كل أدوات المقاومة ونزع "مخالبها". لقد صرنا أضعف، بل أعجز عن التصدي لبعوضة..
أين القوى السياسية والقيادات النقابية والجمعوية حاملة الشعارات البراقة، ومنها شعار فلسطين ولازمة "لا للتطبيع"؟
إن من يتابع "زعيقنا" عبر الفايسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي وحروبنا الدنيئة وأثرنا الباهت بالميدان، يدرك دلالات هجوم النظام وإجهازه على مكتسبات شعبنا وتمريره لمخططاته المدمرة. إن النضال ليس فقط "ندين" و"نستنكر" و"نندد"...
فهل سنواجه جريمة التطبيع بجملة "التطبيع خيانة" فقط، أو بحمل العلم الفلسطيني أو حرق "العلم" الصهيوني أو بوقفة يتيمة ومحدودة العدد أمام البرلمان (معذرة للرفاق القابضين على الجمر والأصدقاء المبدئيين)؟
النظام القائم لم يخن أحدا. إنه منسجم مع نفسه ومدافع شرس على مصالحه الطبقية وعلى حلفائه وخدامه من قوى ظلامية وشوفينية.. فلم يكن يوما مدافعا عن القضية الفلسطينية ليخونها اليوم..
نحن نقولها صراحة (نقد ذاتي)، إننا كفاعلين سياسيين ونقابيين وجمعويين من موقع ثوري، لم نقدم شيئا كثيرا لفلسطين وللشعب الفلسطيني. لقد تخلينا، عمليا ورغما عنا، في ظل التيه الراهن عن شعار المنظمة العتيدة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية. أما المستغرٍبون (مع بعض الاستثناء) فيضحكون على ذقون الشعبين المغربي والفلسطيني ويواصلون مسرحياتهم المخجلة التي تكرس التطبيع وتخدم الأنظمة الرجعية العميلة للامبريالية والصهيونية، الأنظمة اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية..
وإذا كان لابد من الحديث عن الخيانة، فإننا نحمل المسؤولية لمن يدعي تبني القضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت القوة السياسية والعددية ويحافظ بالتالي على سلامة جيوشه المرابطة بثكناتها الوهمية. فما معنى استعراض العضلات بمناسبة دون أخرى؟ فالقوة السياسية والعددية إذا لم تواجه النظام يعني أنها متواطئة معه..
إننا نشيد ونعتز بتضحية شهدائنا من أجل فلسطين، ومن بينهم الشهداء محمد كرينة وزبيدة خليفة وعادل أجراوي وعبد الرزاق الكاديري...
إننا نشيد ونعتز بالاستعداد الدائم لشعبنا للوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني، وهو ما عبر عنه في العديد من المحطات النضالية الداعمة للقضية الفلسطينية..
إننا ندين التطبيع كجريمة نكراء في حق الشعب الفلسطيني، وندين في نفس الآن كل من مهد لها أو صفق لها أو تقبلها أو تعايش معها بأي شكل من الأشكال. ونعتبر القيادة المتسلطة على رقاب الشعب الفلسطيني متواطئة ومتخاذلة، بل داعمة للتطبيع..
وأخيرا، نذكر أنفسنا وكافة المناضلين وحتى "عشاق" فلسطين المتهافتين ب"نصيحة" حكيم الثورة الفلسطينية حبش: "إسقاط نظام رجعي أكبر خدمة للقضية الفلسطينية"؟
المجد والخلود لشهداء الشعب المغربي وشهداء الشعب الفلسطيني..
النصر للقضية الفلسطينية ولكافة قضايا التحرر الوطني وتقرير المصير..