2021/02/21

حسن أحراث// انتفاضة 20 فبراير: دروس متجددة..


مُنعت، بل تعرضت للقمع جل الوقفات المبرمجة لتخليد الذكرى 
العاشرة لانتفاضة
20 فبراير 2011 المجيدة، ومن بينها وقفة الرباط التي تابعت أطوارها عن كثب. أتحدث هنا عن انتفاضة 20 فبراير 2011 وليس عن حركة 20 فبراير، والفرق كبير بين الانتفاضة والحركة.. ليس مجال هذا العمل الآن مناقشة هذا الموضوع، يكفي فقط أن أشير الى أن الحركة من خلال مكوناتها وشعاراتها السياسية ابتعدت كثيرا عن أهداف الانتفاضة الشعبية؛ وقد أساءت اليها في كثير من الأحيان.

ماذا حصل اليوم، 20 فبراير 2021، بالرباط (العاصمة) وقريبا من الرباط وبعيدا عن الرباط؟

تأكد "لمن به صمم" الرفضُ القاطع لأي صوت لا يزكي الإجماع السياسي اليوم، بما في ذلك قبول توصيات المؤسسات المالية الامبريالية والتطبيع مع الكيان الصهيوني. إن النظام القائم صار في وضع يسمح له بفرض نفسه، ترهيبا وترغيبا، وطولا وعرضا، خاصة والارتباك الحاصل في صفوف القوى السياسية المحسوبة على اليسار، على مستوى التنسيق وعلى مستوى المبادرة والالتزام. فبماذا نفسر غياب قيادات بعض مكونات الجبهة الاجتماعية المغربية الداعية للوقفة؟ وكيف نفسر دعوة بعض مكونات الجبهة (الكنفدرالية الديمقراطية للشغل) الى وقفات في نفس التوقيت وبأماكن أخرى؟ أليست الذكرى مناسبة نضالية لفضح إجرام النظام والتعبير عن رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني؟ 

أين "جيوشنا" الواقعية والافتراضية، معا أو ضدا (أعداد القوى القمعية أكبر من أعداد المناضلين)؟ أين "قادتنا" الممجدة (الأيقونات)؟ أين "منظرينا" المحترمين (الكارزميين)؟ لماذا لم نحضر بما يفرض "التوازن" ويكرس المواجهة؟ 

نفهم ثنائية النظام، أي أن تكون معي أو أن تكون ضدي، بما يستدعيه الأمر من ترهيب/قمع وترغيب/شراء؛ وهي عمق وخلفية الصراع الطبقي، أي أن نكون أو لا نكون..

لكن أن تطل علينا الجبهات والتنسيقيات والتحالفات وغيرها لتكسر معارك شعبنا أو لتزج بها في متاهات غير منظورة العواقب (التمييع وفقدان الثقة وتكريس الخضوع...)، فذلك ما نرفضه كمناضلين من موقع شعبنا المضطهد، وكمناضلين مبدئيين محاصرين ومعزولين. 

وأعترف للتاريخ بكل قوة وبدون أي مركب نقص، أننا عاجزون في ظل هذه اللحظة السياسية عن توحيد الجهود وبناء الذات المناضلة "تحت نيران العدو". لقد تفرقت بنا سبل الذات الضعيفة والمريضة في ظل شروط سياسية واقتصادية واجتماعية قاسية، وغرقنا في دوامة الصراعات الهامشية/الثانوية والشعارات الكبيرة لتبرئة الذمة، وابتعدنا ليس على الميدان (نحن أبناء الميدان أصلا)، بل على الاشتغال على متطلبات المرحلة الراهنة، وفي مقدمتها بناء الذات المناضلة. نكررها الى ما لا نهاية، من أجل مواكبة نضالات الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة. ولا أخفي الخجل الذي تملكنا، حيث تقصيرنا حتى لا أقول غيابنا، أمام انتصار العديد من معارك أبناء شعبنا، ومن بينهم عمال امانور بطنجة وتطوان والرباط، نقطة الضوء العظيمة في ظلمات دربنا الطويل. وبعضنا استلذ "النضال" عن بُعد قبل "الاستثناء" وإبانه وبعده...

إنه درس من دروس انتفاضة 20 فبراير 2011. لابد أن ننظر الى المرآة، مرآة شعبنا التي تواجهنا بحقيقتنا وليس مرآة كل واحد منا التي تظهر نرجسيتنا وجمالنا الزائف. إنه الدرس الأول..

أما الدرس الثاني، فهو ملحاحية/ضرورة مواصلة النضال المنظم والمنتظم، بدون يأس أو تردد، الى جانب المعنيين بالدرجة الأولى بالتغيير الجذري، وليس غير الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وأوسع المضطهدين..

وأي تحالف أو تنسيق لا يمكن أن يتم إلا مع الأيادي السياسية النظيفة منطلقا، أو بعد تقديم النقد الذاتي العلني والمسؤول، ليس كإهانة أو إجبار/إكراه أو تشفي أو مزايدة أو كلعنة، بل كفعل نضالي عظيم من أجل قضية شعب عظيمة.. 

ومن أجل قضية شعبي، أضع نفسي بكل جرأة نضالية أمام أي محاسبة نضالية تتوخي خدمة مستقبل الشعب المغربي. 

والدرس الثالث، هو قطع الصلة بأوهام التحالفات الهجينة التي ثبت دوما خدمتها للنظام. لا أتحدث عن القوى الرجعية، بمن في ذلك القوى الظلامية والشوفينية، لأنها جزء لا يتجزأ من خندق النظام القائم؛ أقصد القوى التي تدعي "المعارضة" وترفع بسوء نية شعارات ليست شعاراتها (الديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان والإفلات من العقاب ومحاربة الفساد...). إن الرهان على هذه التحالفات كالرهان على "الأولياء والصالحين" وعلى "بركتهم"، أي الرهان على الموتى والجبناء؛ وأخطر من ذلك، فهذه الموتى (الحية/الأحياء) تعمل على عرقلة مشروعك، بل تعمل على قتلك.. لأن مصلحتها الى جانب النظام وليس الى جانب الشعب.. وليس أدل على ذلك من الامتيازات التي تتحصل عليها من طرف النظام (الريع السري والمعلوم). لنستحضر حال رموز حزب العدالة والتنمية وعلى رأسهم صاحب أكذوبة/حكاية "غرغري أو لا تغرغري"، وقبله وبعده رموز حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية وباقي الأحزاب السياسية والقيادات النقابية والجمعوية المنخرطة في "الإجماع" والمتورطة في تكسير معارك العمال والمجهضة لأحلامهم وتطلعاتهم الثورية. وهو ما انتبه اليه العديد من ضحايا القمع السياسي (معتقلون سياسيون سابقون)، من قبل ومن بعد، وصنعوا "المجد" لأنفسهم في الوقت الذي تحترق فيه الجماهير الشعبية المضطهدة ويسقط فيه الشهداء ويُستنزف فيه المعتقلون السياسيون وعائلاتهم ويُقمع فيه المناضلات والمناضلون بشراسة (اليوم مثلا)...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق