2021/07/08

حسن أحراث// نكبة الفدرالية..


ليس من شيم المناضل الثوري التشفي أو الشماتة.
ومناسبة القول ما حدث/يحدث في صفوف "فدرالية اليسار الديمقراطي" المكونة من أحزاب "الاشتراكي الموحد" و"الطليعة الديمقراطي الاشتراكي" و"المؤتمر الوطني الاتحادي". وكم نتأسف لفشل بعض التجارب السياسية والنقابية، وحتى الجمعوية، التي من شأن تقدمها أن يفسح المجال لتطوير الحياة السياسية وانتزاع بعض المكتسبات الديمقراطية وإبراز الملامح الحقيقية للصراع الطبقي. 

وعودة الى الماضي القريب؛ فالحضور القوي، ولو المغشوش وغير المؤسس، لبعض القوى السياسية (الإصلاحية) والنقابية غذى، بقوة الواقع المتردي، شروطا موضوعية ملائمة لحضور أقوى للمناضلين وللقوى السياسية والنقابية والجمعوية المناضلة؛ والثورية منها بالخصوص. كان ذلك وبالأساس إبان السبعينات من القرن الماضي وكذلك الثمانينات؛ خاصة والمعارك والنضالات التي عرفتها تلك المرحلة، ومنها الانتفاضات الشعبية (انتفاضة يونيو 1981 وانتفاضة يناير 1984...). وأخص بالذكر كقوى إصلاحية حينه حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" (المكتب السياسي/اللجنة الإدارية) وحزب "التقدم والاشتراكية" ومنظمة "العمل الديمقراطي الشعبي" وحزب "الطليعة الديمقراطي الاشتراكي" (لاحقا).

والآن، أمام الانتكاسة السياسية للقوى الإصلاحية وتحولها الطبيعي وبالمكشوف، وكما كان حاضرا وثابتا في تحليلات ومواقف المناضلين الثوريين المؤطرة بالمرجعية الماركسية اللينينية والتحليل العلمي (التحليل الملموس للواقع الملموس)، الى قوى رجعية، أعني حزبي "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"التقدم والاشتراكية"، تراجع المد النضالي رغم شغب "فتات" القوى الإصلاحية ومحاولات جمع "شتاته" ورغم الميلاد الجديد للقوى الثورية المنحدرة من صلب الحركة الماركسية اللينينية المغربية (منظمات "الى الأمام" و"23 مارس" و"لنخدم الشعب") و"زلاتها" (أقصد بالدرجة الأولى العلاقة مع القوى الظلامية، أي جماعة "العدل والإحسان") ، وضاق "هامش" الفعل السياسي (ما يسمى بالهامش الديمقراطي) في ظل توسع إجرام النظام (الاغتيالات والاعتقال السياسي والمضايقات والتشريد واستقطاب النخب المريضة...) وهيمنة هذا الاخير المطلقة على الحياة السياسية وبتوظيف القوى الرجعية الظلامية (حزب "العدالة والتنمية"). والحديث عن انبطاح بعض القوى السياسية (الإصلاحية) يقود مباشرة الى تأثير وأثر ذلك على الوضع النقابي والجمعوي (الثقافي والحقوقي). ومن بين هذه التجليات انتعاش البيروقراطية وإحكام قبضتها على عنق النقابات، بل خنقها؛ وخاصة الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل. وصارت هذه الأخيرة، أي القيادات النقابية المستفيدة من مختلف أشكال الريع لدرجة تصنيفها باطرونا/مافيا بدل قيادة نقابية، آليات طيعة لإجهاض المعارك النضالية ومحاصرة المناضلين النقابيين المخلصين وتهميشهم (مجرد ديكور وحطب للتسلق الطبقي...) ومباركة المخططات الطبقية للنظام القائم.

وتناول وضعنا الداخلي ومساراته المشوهة لا ينعزل عن تأثيرات الوضع الإقليمي والدولي، وخاصة السيطرة العسكرية والاقتصادية للإمبريالية والصهيونية والرجعية وتسييد مؤامراتها في شتى المناطق وبأساليب مختلفة ومتجددة قائمة على خصوصية كل مطقة على حدة. وأخطر مؤامرة في الآونة الأخيرة المرتبطة بمنطقتنا (الشرق الأوسط وشمال افريقيا) أكذوبة "الربيع العربي" (تونس ومصر...)، وتداعياتها التي يتمثل بعضها في الانتشار الصهيوني و"دينامية" التطبيع المتسارعة مع الكيان الصهيوني وبانخراط وتيسير الطرف الفلسطيني الظلامي "حماس" الى جانب باقي الأطياف الرجعية المستسلمة ومنها حركة "فتح". ويؤسفنا بالمناسبة تسجيل صمت "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" عن زيارة حركة "حماس" في شخص إسماعيل هنية المُباركة لتطبيع النظام المغربي مع الكيان الصهيوني، مما يُفقد "الجبهة" أي مصداقية لادعاء مناهضة التطبيع رغم الشعارات الجميلة والعلاقات (الانتهازية) وعدد الفروع (الشكلية).

ماذا يهمنا من "نكبة الفدرالية"؟

نعرف جيدا مكونات فدرالية اليسار الديمقراطي وحدود علاقتها بالجماهير الشعبية المضطهدة وباقي المكونات السياسية ومنها حزب النهج الديمقراطي، ونعرف سقفها في علاقة ذلك بالنظام القائم. لم تكن لدينا رهانات أو انتظارات بهذا الشأن. لكن يهمنا معرفة وتفكيك "ميكانيزمات" الاشتغال السياسي ببلادنا. ويهمنا أكثر من خلال هذه النكبة (رُب ضارة نافعة)، الخلاصات التالية:

- أولا، التضييع المجاني للزمن. لقد خسرنا ليس فقط الوقت، بل العديد من الطاقات المناضلة التي راهنت على مشروعنا السياسي لصنع التغيير الجذري المنشود. لقد فُقدت الثقة "فينا" بسبب "تنازعنا" البليد وغير النضالي للشرعية/المشروعية النضالية. ونتحدى اليوم، للتاريخ وعلى رؤوس الأشهاد، كل الأطراف التي نازعتنا الشرعية والمشروعية النضاليتين، للاحتكام الى المنجزات النظرية والعملية والى التضحيات المقدمة والى الاستمرارية النضالية؛

- ثانيا، التضييع الفج للنضالات ولتضحيات المناضلين وبنات وأبناء شعبنا في مختلف الحقول والمجالات السياسية والنقابية والجمعوية؛

- ثالثا، غياب الانسجام السياسي والإيديولوجي في صفوفنا رغم ادعاء ذلك تحت الضغط السياسي أو لأهداف معلومة وغير نضالية. وأي بناء تنظيمي لن يستمر في غياب الوضوح والانسجام السياسي والإيديولوجي؛

- رابعا، تكريس الشتات، بما يخدم التشرذم الانتهازي ومصالح بعض الأسماء المريضة بحب الزعامة (الكاريزما). وسيُحاسب التاريخ هذه الأسماء التي ساهمت في تعطيل الدينامية النضالية لشعبنا بقيادة الطبقة العاملة؛

- خامسا، فهمنا غير العلمي للتحالفات السياسية. فلا تحالف مع القوى السياسية المتورطة في العلاقات المشبوهة مع النظام ومع القوى الموالية للنظام، بمن في ذلك القوى الشوفينية والظلامية. باختصار، لا تحالف مع أيادي غير نظيفة...؛

- سادسا، تناسي دور النظام القائم في إجهاض أي فعل نضالي وأي مبادرة نضالية من شأنهما خلق الفارق وإطلاق دينامية التغيير، وخاصة بإشراك المعنيين الحقيقيين بالتغيير الجذري، أي الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء؛

- سابعا؛ انخراطنا في الهامش السهل، أي الاقتصار على إعلان الموقف أو جزء مشوه من الموقف عبر وسائل التواصل الاجتماعي (الفايسبوك والواتساب و...). ويتضح ذلك من خلال سلبيتنا في التعاطي مع القضايا المُلحة، ومن بينها قضية الاعتقال السياسي. فمن العار التناول الانتهازي والانتقائي لقضية طبقية من حجم قضية الاعتقال السياسي؛

- ثامنا، الهجرة الى العمل النقابي أو الجمعوي والعمل على صنع "كاريزما" مريحة تعفي "المناضل" من "صداع" الرأس؛

- تاسعا، افتعال الاختلاف/الخلاف من أجل الركون الى "الهامش" و"التفرج" من فوق على مجريات الصراع الطبقي، وفي اليد قلم "أحمر"؛

- عاشرا، الارتماء في أحضان النظام مباشرة أو بشكل غير مباشر. ونعرف أسماء كثيرة قامت بذلك...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق