انتظرت أمنا رقية، أم الشهيد عبد الحق شبادة، 32 سنة بعد اغتيال ابنها؛ فرحلت..
انتظرت 32 سنة لعلها ترى بأم عينيها حلم ابنها يتحقق. لكنها رحلت دون ذلك..
انتظرت ابنها في 19 غشت 1989، فعاد من معركة بطولية مستشهدا..
انتظرت بشموخ نضالي وكبرياء إنساني حتى 2021، فرحلت مستشهدة..
أمهات رحلن مستشهدات وآباء رحلوا مستشهدون..
إن الشهيد شبادة وكافة الشهداء يسألون بحرقة: ماذا تحقق بعد اغتيالهم؟
رجاء سيدتي الطاهرة، اخبري الشهيد البطل وكافة الشهداء الأبطال بأن أحلامهم مُؤجلة بالحديد والنار الى حين..
رجاء، اخبريهم بأعداد الشهداء حتى سنة 2021..
رجاء، اخبريهم بأعداد المعتقلين السياسيين وبمعاناتهم وعائلاتهم..
رجاء، اخبريهم بمعارك وتضحيات العمال والفلاحين الفقراء والطلبة والمعطلين وباقي بنات وأبناء شعبنا..
رجاء، اخبريهم بتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لأوسع الجماهير الشعبية..
رجاء، اخبريهم بتواطؤ القيادات النقابية والنخب "المثقفة" (المتعلمة) وجل القوى السياسية وسكوتها المُريع عن إجرام النظام ومؤامراته الخبيثة..
رجاء، اخبريهم بأساليب النظام القمعية وأشكال الحصار والتضييق المتجددة؛ وهذه المرة، ويا لهذه المرة، باسم الحفاظ المزعوم على سلامتنا وأمننا الصحي..
رجاء، اخبريهم بأن هذه السنة المشؤومة ستشهد ببشاعة مهزلة امتطاء الأقزام الطيعة لأكتافنا المرهقة، من أجل التأشير على استمرار محنتنا وعذاباتنا..
رجاء، اخبريهم بأن مسوقي الأوهام المحترفين في قمة سعادتهم، وبأن تجار الألم المفلسين في أوج انتعاشهم..
رجاء، اخبريهم بأن الأمس كاليوم برتوشات وماكياج هذه اللحظة التاريخية البئيسة..
معذرة أمنا الغالية، لقد أكثرنا الرجاء وأثقلنا كاهلك بالرسائل المشفرة..
وإذا كان لابد أيتها الأم "القديسة" أن نزيد رغما عنا وتحت ضغط الواقع المر الذي يخنق أنفاسنا ويحرمنا من التعبير الحر والواضح عن أحلامنا ومن ممارسة اقتناعنا الثوري على أرض الواقع؛
رجاء، اخبريهم بأن المناضلين الحقيقيين، المناضلين الثوريين، صامدون وثابتون على المبدأ، وبأن بنات وأبناء شعبنا يقاومون بعز وعنفوان في الصفوف الأمامية وبصدور عارية..
رجاء، اخبريهم بأن أشباه المناضلين، أي التافهين والتائهين (خزانات الحقد المجاني ومدفوعي الأجر) "يُبدعون" في كل المجالات، وخاصة في مجال التشويش على المناضلين الثوريين ونفث السموم، خاصة شمالا، وإجهاض المعارك النضالية..
رجاء، اخبريهم بالجيوش "المناضلة" المنحدرة من قلع النضال التي عانقت جلاديها وانتصرت لحكاية "الإنصاف والمصالحة" وسكنت الهامش المميت والتزمت الصمت القاتل..
رجاء، اخبريهم بظهور مسخ جديد في صيغة "المناضل الزومبي، ZOMBIE" (نقلا عن أفلام الرعب)، "مناضل" مشبوه ومُجند ينفذ تعليمات أسياده/رؤسائه ويُشبع لذته في الانتقام من "رفاقه" وقضم لحمهم الني..
رجاء، اخبريهم بأن القوى الظلامية والشوفينية، وجهي العملة الرجعية الواحدة خادمة الرأسمالية، تُدفئ ظهر النظام القائم وتساهم ببراعة، وأكثر من أي وقت مضى، في تنزيل مخططاته الطبقية المدمرة المملاة من طرف المؤسسات المالية الامبريالية صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، على حساب مصالح شعبنا ومستقبله (التقاعد، التعاقد، الإجهاز على باقي المكتسبات، ومنها الوظيفة والمدرسة العموميتين والتظاهر والتنظيم والتعبير...)..
رجاء، اخبريهم برعونة وعبث الامبريالية غير المسبوقين في حق الشعوب المضطهدة وفي ظل ضعف حركات التحرر الوطني، وبحماية مصالحها الجيوسياسية بأي ثمن، ومنها تكريس معاناة شعبنا الفلسطيني، بالإضافة الى الهدايا الثمينة الممنوحة الآن أمام الملأ وبالمكشوف لعصابات طالبان الهمجية بأفغانستان، صنيعة الامبريالية والصهيونية والرجعية..
رجاء، اخبريهم بكل شيء، بما في ذلك ضعفنا وعجزنا الفظيعين..
رجاء، اخبريهم بثرثرتنا الزائدة، وبشح فعلنا واجتهاداتنا ودراساتنا وتحقيقاتنا ومواكبتنا الميدانية لمعارك بنات وأبناء شعبنا..
رجاء، اخبريهم، رغم ذلك، بمحاولاتنا المتواصلة والصادقة للخروج من عنق الزجاجة رغم تكالب العدو و"الصديق"..
شكرا لك أمنا المناضلة المخلصة، لقد خدمت قضية شعبنا حاضرة وغائبة..