نستنكر لحظة الذكرى المشؤومة الأولى ليوم 22 دجنبر 2020، أي مناسبة توقيع
كثيرا ما يمارس التضليل دون أن ينتبه إلى ذلك، علما أن هناك من يمارس التضليل عن وعي، أي عن اقتناع وسبق الإصرار.
يتحدث البعض عن "اتفاقية العار والخيانة" وعن "اتفاقيتي التطبيع والتعاون العسكري الخيانيتين"، قاصدا تطبيع النظام القائم مع الكيان الصهيوني.
نعم، هي اتفاقية عار على جبين النظام الرجعي حليف الصهيونية وعميل الامبريالية، لكن أين عناصر أو أركان الخيانة؟
متى كان النظام القائم وفيا للقضية الفلسطينية حتى يخونها؟
متى كان يخدمها حتى يخونها؟
متى كان النظام يدعم القضية الفلسطينية حتى يخونها؟
الخيانة ثابتة في سجل النظام منذ البداية، أي دائما وأبدا.
وعلاقات النظام كانت دائما مع الرموز الفلسطينية الخائنة للقضية الفلسطينية. ودعمه كان دائما لفائدة هذه الرموز التي باعت فلسطين والشعب الفلسطيني وتاجرت وتتاجر في مآسيه.
ألم يكن هدف زيارة هنية مؤخرا لبلادنا غير مباركة التطبيع ومحاولة "إسكات" الأصوات المناهضة والرافضة للتطبيع؟
قد نتحدث عن خيانة القوى التي كنا نسميها "قوى إصلاحية"، وكنا نناضل إلى جانبها في صفوف الإطارات الجماهيرية (الاتحاد المغربي للشغل ومنظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ونقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل). فهذه القوى كانت تعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية. أما الآن فقد انحازت إلى خندق النظام وتواطأت معه ضد القضية الفلسطينية وكذلك ضد قضية الشعب المغربي.
ومن يناضل حقا ضد التطبيع، لماذا تملكه الخرس عندما حل هنية بالمغرب؟
ومن يناضل حقا ضد التطبيع لماذا يسجن جنوده في ثكناتها؟
ها هي "فرصة" 22 دجنبر 2021، هل نستطيع الإطاحة بالتطبيع وبرموز التطبيع؟ لا نريد استعراض العضلات، نريد فعلا نضاليا مبدئيا منظما ومتواصلا حتى بعد "ذكرى اتفاقية العار". نعم للوقفات، نعم لكل الأشكال النضالية، لكن لابد من رفع الإيقاع النضالي من اجل الذهاب بعيدا في معركة الإطاحة بالتطبيع ورموزه.
ونتساءل بالمناسبة، ما هي حصيلة سنوات طويلة من اشكال النضال التقليدية ومن التضحيات المبذولة من طرف الجماهير الشعبية، سواء في علاقة الامر بالقضية الفلسطينية او بقضية شعبنا؟
ان التعاطي العاطفي والمناسباتي مع القضايا المصيرية للشعوب لا يخدمها او يدعمها. كما ان النظام يسعى عبر الكثير من اشكال التضامن او التخليد خاصة عندما تخص الخارج الى تزيين واجهته وتثبيت "ديمقراطيته.
لا نراهن على القوى الرجعية (ظلامية وشوفينية...)، ولا على القوى التي خانت بالفعل، أي القوى التي كنا نعتبرها إصلاحية (حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية). ماذا عن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب الاشتراكي الموحد وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب النهج الديمقراطي؟
نعلم أنها تعلن رفضها للتطبيع، ونتابع محطات تجسيد ذلك ونشارك فيها (وقفات، مسيرات...). لكن ماذا بعد؟
لا نعتبر أنفسنا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين، ولا ندعي أن بوسعنا القيام بأكثر مما تم القيام به. إننا نقاوم التطبيع ونتصدى لتبعاته من مختلف مواقعنا النضالية كباقي المناضلين. فقط نسجل أن الاعتراف بالنظام القائم من طرف الأحزاب القانونية، أي الأحزاب الأخيرة المذكورة، والاستمرار في الاعتراف به وب"ديمقراطيته" وبقوانينه (الدستور الممنوح...) وبمؤسساته (الحكومة والبرلمان...)، يجعله أكثر إمعانا في تطبيق مخططاته الطبقية وإملاءات الصهيونية والامبريالية ومؤسساتهما المالية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي...) ومشاريعهما التوسعية والعنصرية والاستيطانية والاستعمارية.
لقد اعتبر حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وكذلك حزب التحرر والاشتراكية القضية الفلسطينية قضية وطنية في الزمن "الغابر". واستمر ذلك إلى حين في ظل الاعتراف بالنظام القائم، حتى انزاح الحزبان عن موقفهما وواصل النظام خدمته للصهيونية ومشاريعها. تماما كما حصل لمشروع "التغيير من الداخل". تغيرت الأحزاب والأشخاص التي تدعي "الممانعة" ولم يتغير النظام.
الى متى ندعي رفض التطبيع ومناهضته ونحن نعترف بالنظام القائم ونواصل أشكال رفضنا ومناهضتنا التقليديين (بيانات وبلاغات ووقفات ومسيرات وصور وعناقات...)، و"كفى المناضلين شر الرفض والمناهضة"، أي "شر القتال"...؟