2022/01/06

نعيمة البحاري// إيمان دينار.. لن يبكيك سوى أبناء جلدتك


إيمان دينار.. هل تقبلين عزائي، انا التي لم أحرك ساكنا وانت بجوار رفاقكي، العمال والعاملات، في المعتصم؟

هل من شفاعة لحضوري المتخلف من خلال هذا العالم، عالم افتراضي؟

كثيرا ما سمعت النخب وهي تحكي عن معاركها، وتعتبرها معارك الشعب، وتعتبر أن نضالها يستدعي انخراط الشعب.. لكن لم اسمع يوما من النخبة تحكي أن معارك غيرها، وبالأخص معارك العمال، والفلاحين الفقراء، والمعطلين، والطلبة، هي معارك الشعب وتستدعي انخراط الشعب.. هل في الأمر أنانية، أنانية البرجوازية الصغيرة؟! 

إذا لا غرابة أن لا يبكي أموات/شهداء العمال غير أبناء جلدتهم..   

إنها حقيقتنا الآن يا عمال المغرب..

إنها حقيقتنا يا شهيدة معتصم عمال وعاملات AZURA بشتوكة ايت باها..

إنها حقيقة يا إيمان دينار.. 

فوحدهم رجال ونساء من جلدتك، طبقتك، يا إيمان، من يعرفون ما معنى أن ترحلين قسرا وتخلفي أسرة من اربعة أبناء..  

وحدهم يحملون شعور خاص بمرارة رحيل ام عاملة..

وحدهم من يجاورون ويعاشرون أبناء رفاقهم ورفيقاتهم الراحلين.. 

وحدهم يعرفون شظف العيش، ونوء الحياة، بعد رحيل الأم العاملة.. 

إيمان دينار ليست الوحيدة التي تموت في حادثة السير،.. ماتت الألوف من الناس بالحوادث.. فمثلها مثل سائر الكائنات.. تتعدد أسباب الموت، والموت واحد.. ومن لا يموت ليس حيا.. ولا يموت سوى الميت.. سوى من لا يضيف وجوده شيئًا لتغيير عالم بئيس.. عالم يعج بالظلم والجوع  والفقر وكل ما يدمر الإنسان والطبيعة.. لا يموت من موته (بضم التاء) وعيشه سيان.. لا يموت من لا أثر له في التراكم على درب النهوض من أجل الخلاص.. يموت من لا يحي في صدور أبناء جلدته المؤمنون بالخلاص وبالحرية وبالكرامة والمجتمع البديل حيث ينعدم استغلال الإنسان لأخيه الانسان

لو حسبتي، يا إيمان، يوما حساب الموت، ما أقدمتي الوقوف في وجه مصاصي دمائكي، ودماء رفاقكي العمال، ورفيقاتكي العاملات، دفاعا عن كرامتكم.. 

لم تموتي يا إيمان على منصة ترديد اسطوانة :العام زين"، و"المغرب أجمل بلد في العالم"، بل موتكي كان وانت واقفة في وجه الجشع.. 

موتكي، يا إيمان، وانت تضعين قبضتكي في قبضة رفاقكي العمال والعاملات في مواجهة سعار من لا يترددون في نهش الضعيف، ولو في لحظات التخمة، يرفعكي لمقام الشهداء.. شهداء شعبنا.. 

يا إيمان.. يا شهيدة.. لم يبكيك سوى رفاقكي العمال والعاملات.. سوى صغاركي.. سوى جيرانكي البؤساء..  يا شهيدة رحلتي قسرا في مرحلة لا يطلق العالم الصرخات إلا بموت أحد "المشاهير" ممن يعيشون على حساب تدمير، وقتل، حياة الآخرين.. في مرحلة لا تكنس الأعلام سوى بموت من يقفون على رأس سارقي الأحلام في واضحة النهار، وعلى المكشوف.. سوى بموت رمز من رموز الفساد والإجرام.. سوى بموت رمز من الرموز الملطخة أياديهم بدماء الثوار وأبناء الكادحين..

يا شهيدة.. إننا نؤمن أن تضحيتكي ونضالكي بجانب رفاقكي العمال والعاملات قد يعتبره البعض نضال بسيط، نضال خبزي، لكن يا شهيدة رغم "بساطته" فهو محراك نار.. والنار موجودة، مخبوءة في صدوركم، وانتم من خبرتم كيف تفجوا الرماد عنها.. 

رغم الاستغلال ورغم الظلم ورغم الاضطهاد لم تنشدي الموت.. اعتصامكي مع رفاقكي العمال والعاملات ضد الظلم هو حب للحياة الكريمة.. هو امل في تحسين ظروف العيش..

فرغم الفقر الشديد، انت وأبناء جلدتك، العمال والعاملات، تقاومون بؤس الحياة.. انتم حركتم، وتحركون، المياه الراكدة.. 

انتم تزيلون الستار البالي عن عجزنا..

لكي المجد والخلود في ذاكرة كل من ينشدون التحرر والانعتاق..   




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق