29‏/06‏/2022

حسن أحراث // ربما الخطأ أننا فوق الأرض والشهداء تحتها..!!


الاعتراف بالعجز أو الفشل ليس دائما هزيمة. كما أنه ليس دائما مُحفزا لرفع
التحدي ومواصلة المسير. ففي كثير من الأحيان، يكون هذا الاعتراف بداية للتراجع والتخاذل وقتل الذاكرة النضالية الشاهدة والشهيدة، أو بمعنى آخر "عندما يصير الدم ماء". إن الصدق يكمن في الجهر بالحقيقة رغم مرارتها وفي نفس الآن القبض على الجمر. وهي حال المناضل الثوري الذي يشُدّ بالنواجد على بوصلته الحارقة. والاعتراف بهذا المعنى ليس إلا النقد الذاتي المطلوب في الزمن والمكان المناسبين. فبدون النقد والنقد الذاتي يتيه المناضل في دوامة بدون أفق. أما الكذب وخاصة في ظل التردي الشامل راهنا، فصوره المُنمّقة مكشوفة وحبله قصير؛ ويكاد طوفانه أن يجرف الكثيرين منا وعن طيب خاطر الى خندق النظام وأزلامه..

وبدون جلد للذات، يُطرح العديد من الأسئلة على المناضل اليوم. فإلى جانب الأسئلة المتداولة مثل "ما العمل؟" أو "إلى متى؟" (بالمعنى الواسع)، هناك سؤال دقيق: الى متى يستمر ترديد الاعتراف بالعجز والفشل وادعاء القبض على الجمر في آن واحد؟

أين الصدق هنا وأين الكذب؟

ليس من حق أحد، الآن على الأقل، توزيع درجات النضال أو الصدق على المناضلين حسب انتماءاتهم السياسية أو النقابية أو الجمعوية أو حسب شعاراتهم أو تاريخهم. إن المناضل عموما ليس في حاجة الى من يشيد به أو يُقيم أداءه. لأن نضاليته تفرض نفسها إن آجلا أو عاجلا في سجل القضية التي يتبناها وفي ارتباط بالمعنيين المباشرين بالقضية في عمقها الطبقي. ورغم ذلك، فلغز "استمرار ترديد الاعتراف بالعجز والفشل وادعاء القبض على الجمر في آن واحد" يظل مُحرجا، بل مهينا..

بدون شك، الشهداء أدركوا الطريق الصحيح فساروا عليه وأدوا تكلفته الباهظة. والكثير من "المناضلين" اليوم يدركون الطريق الصحيح وأمامهم ما يكفي من الإجابات عن الأسئلة المطروحة، إلا أنهم يتلكؤون في معانقته، أي الطريق الصحيح، تحت مختلف الذرائع والمبررات ومنها الغرق في الحركة من أجل الحركة (كلُّ -...- بما لديهم فرحون)، وأحيانا دون حتى مبرر واحد. ربما الخطأ أن الشهداء تحت الأرض ونحن فوقها، فحتى السجن لم يعُد معيارا للفرز في الماضي كما في الحاضر... 

وسيستمر هذا الخطأ حتى يعانق المناضل الطريق الصحيح الذي لم يعُد يخفى على أحد. باختصار، لا أقصد الاستشهاد من أجل الاستشهاد، بل درب الشهداء...





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق