أحاول من خلال هذه الملامسة النقدية تسليط بعض الضوء على مجريات
وقبل الحديث عن ذلك لابد الإشارة إلى بعض النقاط التي تطبع السياق العام ، و الذي يتسم بتدمر الشغيلة الجماعية من غلاء المعيشة و ارتفاع الأسعار ، و تراجع حاد في مستوى القدرة الشرائية للطبقة العاملة.و الاستياء العام من توقيع النقابات الاكثر تمثيلية على النتائج المهزلة للحوار الاجتماعي الذي لم يحرك مستوى الأجور التي بقيت على حالها و بقيت معها امال كل الفئات معلقة في تسوية وضعيتها و تحقيق مطالبها المشروعة. تلك المطالب التي تم ركنها و الانتظارات التي تم قبرها مقابل الارتياح الهادئ من رفع قيمة الدعم المالي الممنوح للنقابات و التهليل والتطبيل للرفع من ايام رخصة الولادة الممنوحة للزوج ...
لقد جاء المؤتمر الجهوي الثاني كحلقة استعراضية في أفق انعقاد المؤتمر الوطني السادس و محاولة رسم خارطته والضغط لبناء توازنات وخلق توافقات لتأثيث المشهد النقابي...
ان الحديث المؤتمر الجهوي و الجهوية عموما على مستوى التنظيم النقابي كاحد الحلقات الوسطى يجرنا في ظل معمعان الحديث عن الجهوية المتقدمة التي اصبح تفريغها ضرورة ملحة على أرضية المستجدات و التوصيات التي جاء بها الحوار الاجتماعي الى الحديث عن خلق اكاديميات التكوين الجهوية و التمهيد خلق نقابات بكناش تحملات ( قانون الاضراب ) و تسهيل التوافقات المسبقة على حساب ملفات الشغيلة ... ليتم تحويل النقابة الى آلية من آليات تلجيم الصراع و تلجيمه بدل تأجيجه ...
هكذا. في هذا السياق العام انعقد المؤتمر الجهوي الثاني في جو من " الاجماع " ...
من الساعة العاشرة صباحا الى الساعة الثالثة مساءا مع نصف ساعة للشاي و أكثر من ساعة لوجبة الغداء وبالاضافة الى الوقت المخصص و تقديم الهدايا . بدون إحتساب الوقت الضائع . . . خمس ساعات كانت كافية لإنهاء كافة اشغال وجدول أعمال المؤتمر .
فكيف نعقد مؤتمرا ناجحا في خمس ساعات ؟؟؟؟
لقد تم كل شيء بالإجماع . حتى الاتفاق على تأجيل نقاش أوراق المؤتمر تم بالاجماع . أنتهى المؤتمر ولم يصدر عنه أي بيان ختامي . ما تم نشره هو مجرد بلاغ فقط الى جانب الصور و بعض تدوينات التهاني ...
دعونا نبحث ونناقش معكم معايير و مواصفات النجاح التي تساهم في تجدير ثقافة الاجماع بذل ' تجدير الوعي النقابي " :
◾ان ينعقد مؤتمر دون عرض خارطته على القاعة العامة و دون إعطاء كم هو عدد الفروع الحاضرة و كم هو عدد المؤتمرين و عدد المشاركات و المشاركين . ودون تقديم مالية المؤتمر للمصادقة...!؟
◾أن ينعقد مؤتمر يعرض فيه تقرير أدبي وتقرير مالي شفوي غير مكتوب للمصادقة - بالإجماع طبعا - مع حرماننا من حق المناقشة و حتى من حق التحفظ أثناء التصويت وكأننا في " زاوية " و لايجوز اغضاب الشيخ من طرف المريد ... و تم في الرد تسييد الخطاب العاطفي بنبرة غاضبة و منفعلة بدل التفاعل بشكل إيجابي مع مداخلتي ( التي تشبت باخدها داخل القاعة رغم محاولة المتع و الحرمان ) وتقديم الاجابة الناضجة المؤطرة بالفهم الايديولوجي للطبقة العاملة ...
تم بالاجماع التصويت على التقرير ين مع العلم التقرير المالي كان شفاهيا و ارتجاليا وبشكل ساخر يحكي عن تسيير فترة ست سنوات ب 00 صفر درهم ... فهل يعقل بميزانية 00 صفر درهم مواكبة و تغطية عشرات الأنشطة التي قدمها التقرير الادبي خلال فترة ست سنوات . فهل يمكن إنجاز برامج وأنشطة في غياب المالية ؟ من الممون إذن ؟ وحتى لو اعتمدنا بشكل كلي على المساهمات ( وجيوبهم ورزق أولادهم ) كان من المفروض إقرار ذلك و إعداد تقرير مكتوبا يتضمن منهجيا بابا خاصا بالمداخيل مع تحديد طبيعتها و قدرها و تاريخ تحصيلها . و باب اخر خاص بالمصاريف تحدد كدلك طبيعتها وقدرها ( ولو كان سنتيما واحدا ) و تاريخ صرفها - هكذا - حتى يتم تنوير المؤتمرين باعطاء الحجم الحقيق للتكلفة التي غطت فترة ما بين المؤتمرين بدل التصويت بالإجماع ع ع ع ع ع ع ع ع ...!؟
◾أن ينعقد المؤتمر ومجموع أوراقه لا يتعدى 3 ثلاثة صفحات و يتم إرجاء نقاشها بالإجماع الى حين انعقاد أول اجتماع اللجنة الادارية الجديدة التي سيفرزها المؤتمر. أي أنه سيتم نقاش الأوراق لاحقا و المصادقة عليها لاحقا بعد انتهاء أشغال المؤتمر الناجح ...!؟
◾أن ينعقد المؤتمر وتقدم فيه اللائحة النهائية للمكتب الجهوي دون تقديم أي ترشيحات من طرف أعضاء اللجنة الادارية فتلكم هي قمة البيروقراطية . من اصل 74 عضو في اللجنة الإدارية قامت لجنة الفرز باختيار و إسقاط تشكيلة المكتب مكونة من 25 عضو بدون تقديم أي أحد من أعضاء اللجنة الإدارية لترشيحه ، و بدون اعتماد أي معيار للانتقاء ..!؟
◾◾اعذروتي ايها السادة أيها الرفيقات و الرفاق والاصدقاء ... فانا لم اذكر سوى الجوانب السلبية و أغفلت جوانب النجاح . فعل مستوى الأكل و التغدية المؤتمر كان ناجحا بكل المقاييس. بالإضافة الى القهوة و الشاي و الحلوى ، وجبة الغداء كانت ناجحة و تم تجهيز خمسة عشرة طاولة بمقدمات الاكل و تقديم الدجاج المطهي بطريقة جيدة مع تقديم البطيخ " الاحمر " الذي يعكس شعار المؤتمر " من أجل تجدير الوعي النقابي "
وجبة الغداء كانت لذيذة و كافية لكل الحاضرين الذين انتقلوا بعد نهاية الاكل الى القاعة العامة و الجلسة الختامية للإعلان مباشرة عن لائحة المكتب الجديد .
إنها مواصفات مؤتمر ناجح بالإجماع . انها الجهوية النقابية المتقدمة في أسمى تجلياتها البيروقراطية . فلماذا ضياع الوقت خمس ساعات جد جد كافية .
عبد الحفيظ حساني
مناضل ديموقراطي