قد يعتبر تنظيم ندوة من طرف هيئة حقوقية وبمشاركة هيئات حقوقية حدثا عاديا، بل مطلوبا إذا كانت هذه الهيئات جادة من خلال فعلها (ممارستها) وقولها (شعاراتها). وقد يكون ذلك عاديا أيضا إذا نظم حزب سياسي ندوة بمشاركة هيئة أو هيئات حقوقية...
لكن غير المستساغ هو تنظيم ندوة من طرف هيئة حقوقية (الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان) بمشاركة أحزاب سياسية!!
هل هذه الأحزاب ضعيفة أو متواطئة الى هذا الحد المكشوف الذي تعجز فيه عن التعبير عن مواقفها السياسية بدون مواربة؟!!
طبعا، نعلم أن الأحزاب المذكورة تتقاسم "الجسد" اللطيف للائتلاف من خلال الهيئات "البهلوانية" المنتمية له، إلا أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن لأول وهلة هو:
لماذا عدم تنظيم ندوة بنفس العنوان "المثير" من طرف أحد الأحزاب السياسية المشاركة بمقرها (وليس بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان)، وبمشاركة أحزاب سياسية أخرى حليفة؟
أو بمعنى آخر، لماذا اللجوء إلى الائتلاف (ثلة من الأيادي "الحقوقية" المكسورة والميتة، ومنها اليد القذرة لحزب العدالة والتنمية الظلامي –الرجعي-، منتدى الكرامة لحقوق الإنسان ورئيسه السابق المتورط في جريمة اغتيال الشهيد محمد بنعيسى أيت الجيد)، من أجل تنظيم ندوة سياسية بمقر حقوقي؟
مجمل القول هو لا معنى لاختباء السياسي (الحزبي) في الجلباب الحقوقي (الجمعوي)، فالسقف/المجال الحقوقي لا يسع إلا المقاربة الحقوقية البورجوازية!!
فهل نحن أمام أحزاب سياسية حقيقية أم أمام جمعيات حقوقية؟!!
أحزاب وجمعيات "تلتقي" عندما تشاء أو يشاء النظام بواسطة أزلامه المندسين وحتى المفضوحين، و"تفترق" عندما تشاء أو يشاء النظام...
كيف نفهم "سبل التصدي والمواجهة" الواردة في عنوان "الندوة" (ندوة أخي وابن عمومتي)؟!! المهم هو إقصاء الأصوات المزعجة وغير المنبطحة...
هل هي سبل حقوقية أم سبل سياسية أم سبل "عشوائية" تضليلية؟!!
ما هي يا ترى، وبمسؤولية نضالية، نتائج (سبل التصدي والمواجهة) الندوات السابقة وفي خضم الزخم النضالي، ومنه "تراث" 20 فبراير (انتفاضة أو حركة) ؟!!
إن المطلوب هو أولا الفعل السياسي الحزبي المباشر وثانيا جرأة الفعل الحقوقي لاقتحام المجال السياسي، على الأقل من خلال التنزيل القوي والمتابعة الفعلية والمبدئية للحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ما يسمى بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان)...
إنه من المخجل سياسيا ونضاليا طأطأة الرأس الحزبي الذي يدعي المعارضة ويرفع الشعارات المزلزلة في ظل الهجوم الكاسح للنظام القائم على كل مكتسبات الشعب المغربي، وخاصة الجماهير الشعبية المقهورة وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء...
فلماذا اللجوء الى الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان (دار "ابي سفيان")؟!!
أم "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" (الشرعية، أي تبني "المقدسات")؟!!
لماذا اللجوء إلى الجبهة الاجتماعية المغربية لتنظيم الوقفات والمسيرات المنددة بالغلاء؟!!
ولماذا اللجوء إلى شبكة "تقاطع" للحقوق الشغلية؟!!
أين النقابات التي تعج "برفاقنا"؟!!
ما رأي "رفاقنا" النقابيين القياديين؟!!
هل "المقاطعة" و"الهاشتاغات" الافتراضية كافية لصنع "المستقبل السعيد" لشعبنا المقهور؟!!
يرحلون/سيرحلون تباعا، من البكاي الى أخنوش...
والمعاناة باقية... هل تجهلون الحل؟!!
المرجو القليل/الكثير من الصمت... إن ضجيجكم أيها "الرفاق" يقتلنا...
المرجو "ديرو أيديكم" (لا أقصد البورجوازية الصغيرة المريضة) من أجل بناء الحزب الثوري (الماركسي اللينيني)، المنظم والمؤطر للانتفاضة الشعبية القادمة لا ريب...
لماذا اللجوء إلى الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع لتنظيم الوقفات والمسيرات المناهضة للتطبيع؟!!
لقد "غرقنا" في التطبيع من رأسنا حتى أخمص قدمينا، فهل تذكرون رسالة الجبهة الموجهة الى عرابي التطبيع:
"لعناية الكريمين:
- السيد المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذوكس
- السيد خالد مشعل، رئيس حركة حماس بالخارج
الموضوع: دعوتكما للمشاركة في مهرجان رقمي إلى جانب السيد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية"؟!!
ولماذا اللجوء الى الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب لتنظيم الوقفات والمسيرات المتضامنة مع الشعوب؟!!
لماذا اللجوء إلى "اللخبطة"...؟!!
لماذا كل هذه الأشكال "التنسيقية" المحبطة والملغومة والمدمرة؟!!
لماذا خلط الأوراق والتشويش على المواقف السياسية المطلوبة الآن، أي النضال السياسي المنظم من أجل التغيير الجذري...؟!!
أين المبادرة الحزبية (حزب أو أحزاب) لصنع الحدث السياسي؟!!
أين الوضوح السياسي والإيديولوجي؟!!
أين الأقلام "الحمراء" التي لا تستثني اليابس والأخضر إلا نفسها؟!!
أين عبدة البيروقراطية المتمترسين وراء الشعارات الانتهازية من أجل الاحتفاظ بامتيازاتهم؟!!
أين المحاسبة والنقد والنقد الذاتي... ؟!!
نحن من جانبنا، مناضلي تيار البديل الجذري المغربي (CARAM) نتحمل قسطا من المسؤولية السياسية تجاه قضية شعبنا العادلة وبشجاعة نضالية، ونخص بالذكر قضية الطبقة العاملة المغربية، كماركسيين لينينيين. إننا نقسو نضاليا على أنفسنا أكثر مما نقسو على الآخر المتذبذب طبقيا...
فلا نرضى لأنفسنا التعايش مع هذه "اللخبطة" القاتلة (الانسحاب من السياسي –الحزبي- الى الحقوقي –الجمعوي-)، سواء كمتفرجين أو كعاجزين "متباكين"...
إننا ندعو الرفاق وكافة المناضلين المخلصين والمبدئيين الى الانخراط الميداني المنظم في خندق الثورة المغربية الآتية إن عاجلا أو آجلا...
إننا لا نقبل بعبادة أو تقديس الأشخاص، إننا مناضلون ثوريون مقتنعون بالثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية...
دربنا درب الشهداء، شهداء الأمس واليوم والغد، وبدون استثناء...
ولرفع التحدي، هل تذكر مشارك/ة واحد/ة في الندوة (المائدة المستديرة الحوارية –العجيبة) ذكرى استشهاد المناضل عبد الحكيم المسكيني في هذا الشهر (19 يوليوز 1984)؟!!
هل استحضرت ذاكرة "الثوار" المزعومين (أبطال المائدة المستديرة الحوارية) معاناة المعتقلين السياسيين وعائلاتهم... ؟!!
دربنا درب الشهداء، شهداء الأمس واليوم والغد، وبدون استثناء...