2022/08/04

حسن أحراث //في ذكرى الشهيد مصطفى مزياني الثامنة (13 عشت 2022).. ما معنى الوفاء للشهداء؟


هي أسئلة عديدة تُطرح عند الحديث عن الشهداء الى جانب سؤال "معنى الوفاء
للشهداء؟"، ومن بينها "معنى الإخلاص للشهداء" و"الانتماء للشهداء". وعندما نقول الشهداء نعني درب الشهداء وقضية الشهداء وقضية شعب.. 

والجواب أو العنصر الأساسي في الجواب هو قبل كل شيء الجُرأة في طرح السؤال. لأن طرح السؤال مسؤولية والتزام علنيّان وقابلان للمحاسبة. فلا معنى لطرح السؤال في حد ذاته، علما أن لطرح السؤال ضريبة مُكلّفة وثمن باهض. ولا يقوم بذلك غير المناضلين القابضين على الجمر... وإن القبض على السؤال هو القبض على الجمر.

والى جانب طرح السؤال هناك جواب أساسي وفاصل، وهو تبني مرجعية الشهيد الإيديولوجية والسياسية؛ وأقصد هنا الشهيد الذي ندّعي قُربنا منه وتماهينا معه سياسيا وإيديولوجيا. نضاليا، نحترم كل الشهداء ونشيد بتضحياتهم ونعتزّ ونفتخر بها كرصيد نضالي لأبناء شعبنا الأبطال ومن بينهم الشهيد خلادة الغازي (انظر ملحق خاص بالشهيد رفقته)، ونواصل بالتالي (من يُكرّم الشهيد يتبع خُطاه) درب الشهيد الذي نتقاسم وإياه نفس المرجعية ونفس الموقف...

والأمر لا يقف عند حد "التبني" الذي قد تحكمه غاية التحريف (القوى السياسية التحريفية) والتباهي أو التمويه والتشويش وخلط الأوراق، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي المفتوحة في وجه كل من هبّ ودبّ أو من خلال المناسبات العابرة (أنشطة وإعلام ومؤتمرات...). فلا وفاء ولا إخلاص ولا انتماء دون ممارسة سياسية مُنظمة ومُنتظمة ومُبدعة ومُنسجمة مع خط الشهيد الإيديولوجي والسياسي. فلم يعُد يخفى تجنيد النظام لمرتزقة في مختلف المجالات السياسية والنقابية (العمالية والطلابية...) والجمعوية والإعلامية بهدف التشويش من خلال ادعاء الانتماء الى هذا الشهيد أو ذاك، والأخطر من ذلك ممارسة التغليط والتضليل والإساءة...

فلا يكفي أيضا ملازمة عائلة الشهيد إبان الذكرى أو حتى "الإغداق" المالي (المسموم) عليها أو على بعض أفرادها بنية الاحتواء والتوظيف السياسيين. إن عائلات الشهداء أكبر من فُتات المرتزقة المُجنّدة من طرف النظام وعملائه من انتهازيين وقوى سياسية وحقوقية تُتاجر بالديمقراطية وحقوق الإنسان. وإن المسّ بعائلات الشهداء، سواء المادي أو المعنوي وتحت أي مبرر، هو مسّ مفضوح بالشهداء وبقضية شعبنا عموما. وهو ما لا يسمح به رفاق الشهيد المُخلصين لقضيته، موقفا ومرجعية...

نعترف أننا لم نقُم بالواجب النضالي تجاه عائلات الشهداء والمعتقلين السياسيين أيضا، ومنذ زمن بعيد... وإن ظروفنا الاقتصادية والاجتماعية لمن بين الأسباب في ذلك. ونستطيع أن نبوح بكون جل المناضلين الثوريين يعاني البؤس والحرمان والإقصاء المقصود والممنهج...

لكن، ماذا بعد؟ إنها مأساة البورجوازية الصغيرة بالخصوص، فالمناضلون المنحدرون من هذه الطبقة الاجتماعية نادرا ما وفوا بالعهد وأخلصوا لقضية اختاروا فيما مضى (الى جانب الشهداء) خدمتها عن "اقتناع" وطواعية. فبعد أن "تحسنت" ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية تنكروا وتطلع أغلبُهم، بمن في ذلك المعتقلين السياسيين السابقين، الى الرفاهية و"السعادة" الزائفة. مات حينه الالتزام والذاكرة وتكلست "العاطفة" وساد منطق "أنا وبعدي الطوفان"... فلا داعي بعد الآن للاختباء وراء مشجب "الظروف الاقتصادية والاجتماعية"... 

وكم يؤسفنا تنكُّر "أبطال/شجعان" الماضي لرصيد الشهداء (معاناة وتضحيات) واجتهاداتهم. إنه سعي غادر ومحموم الى قتل فكر الثورة وحب الثورة وحياة الثورة...

لقد نجح النظام القائم وحلفاؤه الطبقيون حتى الآن في ربح الرهان، وذلك من خلال عدة مداخل، من بينها "شراء" النخب "الذكية" (الذكاء الانتهازي/المرضي) المُؤطّرة للحياة السياسية. لا نقول البداية، ولكن في مرحلة سابقة تم إدماج/توظيف "ضحايا" القمع السياسي في تبييض سجله الدموي (المجلس الاستشاري/الوطني لحقوق الإنسان، هيئة الإنصاف والمصالحة، وحتى المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف الذي وُلد ميتا/مُشوّها...). وتلى ذلك المزيد من تركيع القوى السياسية والنقابية والجمعوية (الترهيب والترغيب)، في ظل التحولات الجهوية والدولية، خاصة والدعم السياسي الصهيوني والامبريالي اللامشروط..

ولا نرى الآن غير تكريس شروط استمرار الماضي والحاضر في المستقبل. وذلك من خلال التفاعل الإيجابي (ولو بإكراه شكلي) مع المُقنّن والمسموح به من طرف النظام. إننا في حلبة اختلط في أركانها الحابل والنابل وأشباههما)، ولا نرى غير الشعارات "الغليضة" أحيانا و"الغثة" أحيانا أخرى، والآليات الشكلية التي لا تصُدُّ "ذُبابة"...

ودليلنا، لا "الجبهة الاجتماعية المغربية" تصدّت للزيادات المهولة في الأسعار على أرض الواقع، ولا "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" تصدّت بالفعل للتغلغل الصهيوني...!!

لا نُغيّب مسؤوليتنا كمناضلين معنيين برفع التحدي وخوض غمار المعارك المطلوبة الآن بغض النظر عن هذه الجهة السياسية أو تلك (وبدون مزايدات أو حسابات)، إلا أن الضعف والعجز الحاليين لن يمنعا المناضلين المبدئيين من استنكار بعض صور التواطؤ والخنوع والقبول بالأمر الواقع. فجُلّ تجارب الاعتقال السياسي السابقة، كان الموقف والانتماء دون حتى ممارسة بسيطة وراء الزج بالمناضلين وراء القضبان الصدئة بغلاف قمعي/قهري يفوق عشر وعشرين سنة...

وعودة الى الشهيد مصطفى مزياني والى ذكرى استشهاده، فلا يحق حتى أخلاقيا لغير الماركسي اللينيني، قولا وفعلا، أن يرفع عقيرته وفاء وإخلاصا وانتماء للشهيد... بدون شك، مصطفى مزياني شهيد الشعب المغربي قاطبة كباقي الشهداء، والاعتزاز به شرف وتشريف لكل المناضلين المبدئيين. والتواصل مع عائلته وحضور أو تخليد ذكرى استشهاده بوفاء وإخلاص واجب وحق في آن واحد، وانتصار أيضا لكافة المناضلين المبدئيين وللشهيد كذلك وقضيته...

إن المرفوض أو غير المسموح به نضاليا، سواء بالنسبة للشهيد مزياني أو باقي الشهداء، هو الافتراء عليهم و"أكل الثوم" بأفواههم... إن الشهيد هو الشهيد، بما له وما عليه. أن نحبه، نعم. أن نحترمه، نعم. أن نُعزّه، نعم.. وهنا أتفق مع "اذكروا الشهداء بخير"...

الشهيد مصطفى مزياني مناضل ثوري، ماركسي لينيني؛ استُشهد من أجل قضية عادلة، ويوجد توثيق لذلك يدين النظام وكل المشاركين في جريمة اغتياله (القتل ببُطئ وبتلذذ سادي). 

الشهيد مصطفى مزياني رفع بكل فخر واقتناع وأمام الملأ شعاري "النظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي" و"الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية"، ومن لا يتبنى هذين الشعارين ومرجعيتهما الإيديولوجية والسياسية، قولا وفعلا، فليحترم الشهيد كباقي الشهداء (وليحترم نفسه أولا) ودون "الازدحام" على معانقة جمر قد يحرق أصابعه المصطنعة أو "الالكترونية"... 

سنعود الى ذكرى الشهيد مصطفى مزياني، وفيما يلي ملحق عن الشهيد خلادة الغازي:

"استشهد خلادة الغازي يوم الاربعاء 2 غشت الجاري بالسجن مغبونا، وهو الشاب المنحدر من أعالي المغرب المنسي باقليم ازيلال، والذي تم سجنه بتهمة «هدم قنطرة» على مجرى مائي بدوار أيت شيكر، قيادة واويزغت بعد ترامي أحد “الأعيان” من ذوي الجاه والنفوذ على ممر طرقي، كان الشاب يستعمله للوصول إلى بيته الذي ورثه عن أبيه..

بعدما أصدر وكيل الملك بازيلال أمره باعتقال المسمى خلادة الغازي يوم 25/04/2017 وذلك بسبب ملف قديم يعود إلى العام الماضي، وبالضبط خلال شهر رمضان، والذي تعود اطواره إلى قيام “المتهم” بإزالة قنطرة صغيرة على مجرى مائي انشأها بعض السكان على قطعة أرضية تعود ملكيتها له، وذلك لاستعمالها من أجل المرور منها، حيث رفع السكان شكاية في الموضوع، لكن سرعان ما تدخل بعض وجهاء القبيلة بالصلح بين الأطراف، فعادت الأمور إلى نصابها، وتبعا لذلك لم تستدعيهم المحكمة، مما فهم منه أن الشكاية ذهبت للحفظ وقد مر على ذلك تقريبا مدة سنة

لكن الضحية خلادة الغازي فوجئ باستدعاء من طرف وكيل الملك في التاريخ المذكور آنفا، ظانا أنه استدعاه من أجل حلحلة الملف الثاني الذي عمر أزيد من خمسة أشهر، وبدأت تفوح منه روائح كثيرة، والمتعلق بترامي أحد الأعيان على الطريق موضوع النزاع، والتي كان يستعملها للمرور إلى منزله، أقول فوجئ بأمر وكيل الملك باعتقاله في الحين، ثم احالته إلى قاضي التحقيق ببني ملال بتهمة “هدم قنطرة”. *

وهو الأمر الذي استغرب له خلادة الغازي حيث انتابه إحساس بالغبن دفعه إلى خوض إضراب عن الطعام، راغبا في الإنتقام من نفسه ومن الظروف التي جعلته فقيرا لاحول ولاقوة له أمام جبروت الأعيان وأصحاب الجاه والمال والنفوذ،

يوم الثلاثاء 23 ماي 2017، خلادة المضرب عن الطعام بالسجن المحلي ببني ملال، ينقل إلى المستشفى الإقليمي بالمدينة، في حالة حرجة جدا وغيبوبة تامة، جراء دخوله في معركة «الأمعاء الفارغة»، منذ اعتقاله في 25 أبريل 2017، احتجاجا على اعتقاله الذي يعتبره « تعسفيا» و»إرضاء لأحد النافذين من مافيا العقار» بإقليم أزيلال،امتد الاعتقال يوم 19 ماي 2017 ليشمل شقيقه حسن خلادة، في ظروف جائرة ما زالت خيوطها مجهولة، شأنها شأن ملف القضية الذي لم ينل حقه من المتابعة المناسبة والمؤازرة الكافية.

كان الراحل يشكو من قيام أحدهم بشراء أرض قريبة من محل سكناه وتحفيظها، دون مراعاة للمساطر القانونية التي تمنح الحق لذوي المصالح من أجل التعرض بسبب ضرر من الأضرار، وزاد المشتري فعمد إلى إغلاق الطريق المؤدية لمنزل الغازي خلادة، والشروع في عملية تسييج عازل. مما دفع الغازي خلادة، للتنديد بأفعال مشتري الأرض «ش. ا.»، والتي وصفها ب «الممارسة غير القانونية»، حيث دخل في معارك سلمية، منذ نونبر العام الماضي، بدءا من اعتصام مفتوح، ظل متشبثا به وبحقه في عدم إغلاق الممر الطرقي الذي يستعمله للولوج إلى منزله الذي يعود بناؤه إلى ستينيات القرن الماضي، والطريق المذكورة هي المعبر الوحيد له ما قبل عملية التحفيظ التي تمت خلال السنوات الأخيرة.

معركة الامعاء الفارغة لم تدفع السلطات المحلية والإقليمية إلى إيجاد حل للمشكل، بل تم اعتقاله والزج به في زنازن السجن المحلي ببني ملال الذي انقطع فيه عن الطعام إلى ان لقي حتفه".

© استشهاد خلادة الغازي - مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

المصدر: https://www.riadinoureddine.com/2017/08/blog-post_6.html





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق