2022/10/29

أباسيدي عزالدين// معركة فلاحي دوار زاوية سيدي بنعيسى

   


لم تأت معركة فلاحي دوار زاوية سيدي بنعيسى، بمنطقة صفرو، التي انطلقت
في شهر ماي 2022، من فراغ. ولم تنتج مستقلة عن شروطها الواقعية والموضوعية، التي كانت فعليا وراءها، بل وتحكمت في قوتها، وفي زخمها الجماهيري. الذي كان السند الرئيسي في تفجيرها، وتطورها وكذلك أرضيتها الصلبة التي تبلورت على أساسها، مطالب الفلاحين المادية والمستعجلة، وليس كما يتوهم البعض أو يفهم البعض الآخر، من ممثلي النظام القائم محليا، الذين يعتقدون أن الهدف من وراء تنظيم المسيرات النضالية، والوقفات الاحتجاجية، هو الجلوس على مائدة الحوارات واللقاءات، لأجل التباهي فقط، ضاربين بذلك مطالب الفلاحين عرض الحائط.

إننا نؤكد أنها جاءت: 

أولا: كاستجابة، لوضع مفروض لم يعد ولم يتبقى مجالا للتعايش معه أو في ظله، أو حتى القبول به.

ثانيا: كإجابة عملية على واقع الفلاحين المرير. 

هذه الإجابة المتمثلة في المطالب التي رفعها الفلاحون، باعتبارها الحل الجذري والمؤطر لمعركتهم منذ اليوم الأول لانطلاقها. والتي كانت ولا تزال على الشكل التالي:

 أولا: بناء ساقية أو مجرى ماء خاص بقبيلة زاوية سيدي بنعيسى، الذي يمنع على أي كان، نهب نصيبهم من الماء أو سرقته، ويفوت الفرصة على كل مرتزق، من أصحاب المصالح الإنتخابية، توظيف قضية الماء، للحفاظ على مقاعدهم ومصالحهم.

ثانيا: محاكمة لصوص الماء من أتباع لوبي الفساد الانتخابي والريع، كبارا كانوا (ملاكين عقاريين، إقطاعيين، أو بقايا إقطاع) أم صغارا، وكيفما كانت وضعيتهم، ومكانتهم، الإجتماعية، ونفوذهم السلطوي...

وهي طبعا ليست، الإجابة الإجرامية، التي يحاول البعض جرها إليها، والذهاب بها إلى المستنقع. كما جاءت  كذلك لتعرية، الأسباب الكامنة وراء التسلط، والقهر، والظلم، والطغيان. وفضح كل الطرق، والأساليب، الإجرامية المتعددة، والمتنوعة، من نهب وسرقة ماء السقي وتخريب المنشآت والسواقي، بالاضافة إلى التحريض على رفض القوانين والأعراف المعمول بها لأجيال خلت.

إذن وبعدما إستطاعت معركة الفلاحين بدوار زاوية سيدي بنعيسى، أن تكشف جوهر المخطط الأخضر، ودوره في إستنزاف المياه الجوفية، والسطحية، وكشف تغول الملاكين العقاريين وسلطة بقايا الإقطاع، والمعمرين الجدد، ودور المجالس، كجهاز واقي وحامي، ومدافع، في نفس الوقت، على سياسة التحالف الطبقي المسيطر، وعلى سلطتهم، مقابل الفتات من المصالح التي تضمنها المجالس الفوقية، والبرلمان، والحكومة، ومقابل كذلك غض الطرف عن الفساد، والنهب، والسرقة. طبعا لن تكون الإجابة إلا المراوغة، والمناورة، وربح الوقت، والإعتقال، والتهديد، والترهيب، والمحاكمات، وطبخ المحاضر وتلفيق التهم، وهذا ماذهبت إليه السلطات المحلية القمعية كإجابة على مطالب الفلاحين، إذ بدل إعتقال ومحاكمة لصوص الماء صغارا، كانوا، أم كبارا تم توجيه إستدعاءا مغرضا لأحد الفلاحين، على خلفية شكاية كيدية من أحد لصوص الماء، وتقديمه للمحاكمة.

طبعا إن هذه الإجابة معهودة وهذا هو التعامل الذي يفضله النظام، وماتعكسه سياسته الطبقية، في جميع القطاعات من فلاحة، وتعليم، وسكن، وصحة، وتشغيل، باعتباره نظاما تابعا وعميلا. لا يعمل إلا على تنفيذ القرارات والإملاءات النابعة من الدوائر المائية العالمية، المعادية قطعا مع مصالح الجماهير الشعبية الفقيرة. وطبعا، وللحفاظ على هذه المصالح، فإن النظام مستعد لممارسة الإعتقال والمحاكمة والقتل في حق أبناء الجماهير الشعبية ومناضليها.

أخيراً إن الرسائل والإشارات الموجهة، من وراء هذه المحاكمة التي انتهت بالضغط، على أبناء الفلاحين، لأجل التنازل لصالح أحد لصوص الماء المتعنتر بعلاقاته، من جهة، والتغطية على المخربين ولصوص الماء والعفو عليهم من جهة أخرى، ومن وراء عدم ردع أتباع وبلطجية الرئيس والطاغية المسؤول عن تخريب المنشأة المائية، المنتفعين والمستفيدين من هذا الوضع، على حساب مصالح وأرزاق فلاحين بسطاء وفقراء، ومن وراء التلكؤ، والتباطؤ في بناء ساقية أو مجرى مائي خاص بفلاحي زاوية سيدي بنعيسى، كحل جذري، لن تكون إلا، رهانا خاسرا، أمام تشبث الفلاحين بقضيتهم العادلة وأمام صمودهم، وعزيمتهم على الإستمرار في معركتهم النضالية مهما تعددت وتنوعت المناورات.




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق