23‏/01‏/2023

Camarade ML// الأحد الأحمر/الدامي..


في مثل هذه الأيام قبل 118 سنة، و بالظبط يوم الأحد 22 يناير 1905، اندلعت
الشرارات الأولى لثورة 1905 بروسيا و هو اليوم الذي اعتبره لينين: "بملء الحق والصواب بداية الثورة الروسية".

فقد تحركت مظاهرة ضخمة شارك فيها مئات الاف من العمال العُزل غير المسلحين (اكثر من 300 ألف متظاهر) يقودهم كاهن بطريركي يدعى "غابون" نحو قصر الشتاء بسان بطرسبورغ ليقدموا التماسًا للقيصر نيقولا الثاني. 

فوجه إليهم الحرس الإمبراطوري الروسي وابلا من الرصاص فسقط القتلى و الجرحى بالالاف. 

يقول لينين في مقدمته لتقريره عن ثورة 1905:

"آلاف العمال، - علماً بأنهم ليسوا اشتراكيين-ديموقراطيين، بل أناس مؤمنون، ومخلصون للقيصر، - يتوافدون بقيادة الكاهن غابون، من جميع أنحاء المدينة، نحو الساحة الواقعة أمام قصر الشتاء لكي يقدموا للقيصر عريضتهم. العمال يمضون حاملين الأيقونات، وكان زعيمهم آنذاك غابون قد أكد للقيصر خطيا أنه يضمن له سلامته الشخصية ويرجوه أن يطل على الشعب. ولكن صدر الأمر باستدعاء قوات من الجيش، فرسان الأولن والقوزاق ينقضون على الجموع بالسلاح الأبيض، ويطلقون النار على العمال العزل من السلاح الذين كانوا يتوسلون من القوزاق، راكعين على الأقدام، بأن يسمحوا لهم بالوصول إلى القيصر. ويستفاد من تقارير البوليس أنه سقط آنذاك أكثر من ألف قتيل وأكثر من ألفي جريح. وكان غضب العمال لا يوصف. هذه صورة عامة للغاية عن 22 كانون الثاني-يناير 1905 - عن «الأحد الدامي». 

لم يكن هؤلاء العمال غير الواعين في روسيا ما قبل الثورة، لم يكونوا يُدركون أن القيصر هو رمز الطبقة السائدة، طبقة كبار ملاكي الأراضي الذين ارتبطوا ارتباطا وثيقا بالبرجوازية الكبيرة، والمستعدين للدفاع بجميع وسائل العنف الرجعي، مهما كان نوعها، عن احتكاراتهم و امتيازاتهم و ممتلكاتهم.

لكن عهدا جديدا كان قد بدأ،و كان على الحزب انذاك، حزب العمال الاشتراكي الديموقراطي الروسي، أن يدفع الحركة إلى الأمام ضد النظام القيصري الدموي. بعد أسابيع من تلك الأحداث جادل لينين البلاشفة في أحد خطاباته قائلاً: “جنّدوا الشباب بكثافة وكثرة، فهذا هو وقت الحرب. هؤلاء الشباب بما فيهم الطلاب والعمال الشباب سوف يقررون مصير النضال”. و قد شدد لينين على أنه إذا كان الأعضاء الجدد نشطين، “فليس هناك ضرراً إذا ارتكبوا أخطاءاً”... 

شهر شتنبر 1905، أضرب العاملون بالطباعة في سان بطرسبورغ. انتشر الأمر بسرعة فكان أن تحول إلى إضراب عام. تشكلت لجان الإضراب المركزية والتي عُرفت بعد ذلك بـ”السوفييتات”، و قد مثّلت شكلاً جديداً من أشكال التنظيم.

و خلال بضع أسابيع فقط، تَمَّ إفراز 562 مندوباً يمثلون 200000 عامل، حتى تحولت السوفييتات إلى هيئة سياسية و ممثل حقيقي للدفاع عن مصالح الطبقة العاملة. 

لاحظ لينين أن الحزب أصبح في وضع جديد جعله يسافر إلى سان بطرسبورغ بجواز سفر مزوّر.  

أصر لينين كل الاصرار على تزويد العمال بالسلاح. و قد حكى (لينين) عن جداله مع أحد الليبراليين الذي قال: “تخيل أن هناك وحشٌ مفترسٌ أمامنا، أسد مثلاً، ونحن الاثنين عبيدٌ ألقونا لهذا الأسد، فهل سيكون مناسباً في ذلك الموقف أن نبدأ جدالاً؟ أليس واجبنا أن نتحد ونحارب هذا العدو المشترك؟”.

رد لينين قائلاً: “ولكن ماذا إذا كان أحد هؤلاء العبيد قام بتأمين سلاح وهاجم الأسد، بينما الآخر وهو في منتصف النضال لاحظ شيئاً مكتوباً “دستور” معلق على رقبة الأسد وبدأ يصرخ أنا ضد العنف سواء من اليمين أو اليسار”...

و خلال عدة اشهر فقط من الثورة و مع التراكمات الكمية الحاصلة، انتقل العمال إلى مستوى نوعي من الوعي الطبقي و التنظيم. 

يقول لينين عن هذه التحولات التي طرأت:

"و لكن الأمور تغيرت كليا خلال بضعة أشهر. و إذا بمئات الاشتراكيين-الديموقراطيين الثوريين يصبحون «فجأة» آلافاً، والآلاف يصبحون زعماء مليونين أو ثلاثة ملايين من البروليتاريين. واستثار النضال البروليتاري غليانا كبيرا، حتى أنه استثار جزئيا بين 50 مليون من الفلاحين و100 مليون؛ وترددت أصداء الحركة الفلاحية في الجيش وأدت إلى نشوب تمردات عسكرية، إلى اصطدامات مسلحة بين أقسام الجيش. وهكذا دخل بلد شاسع يعدُّ 130 مليون نسمة الثورة؛ وهكذا غدت روسيا الغافية روسيا البروليتاريا الثورية والشعب الثوري".

و قد تطوَّر النضال إلى إضرابٍ جماهيري في أكتوبر، وانتفاضة شاملة شهر دجنبر من العام نفسه في موسكو. و قد مثل سوفييت بطرسبورغ أرقى نماذج التنظيم الجماهيري، الذي تشكَّل من مندوبين مُنتَخبين من المصانع والأحياء كأداةٍ ديمقراطيةٍ لتوحيد الطبقة العاملة في الثورة... و قد كان الاضراب الجماهيري اهم وسيلة للتحولات الطارئة. 

 يقول لينين:" إن تشابك الاضرابات الاقتصادية و الاضرابات السياسية كان في غاية الأصالة إبان الثورة. و لا سبيل إلى الريب في أن الصلة الوثقى بين هذين الشكلين من الاضراب هي وحدها التي كانت تؤمن للحركة قوة كبيرة"....

لكن رغم هذا، لم تكن الطبقة العاملة قد اكتسبت بعدُ قدرة كافية على التنظيم لتتطور إلى حدِّ انتزاع النصر، ولم يكن حزبها الطبقي قد تطوَّر بعد إلى الدرجة التي يقودها إلى انتزاع السلطة السياسية. 

كان لا يزال على الطبقة العاملة و ثورييها أن يتعلَّموا الكثير من الدروس تحت سيف القيصرية و سياطها...

لقد شكلت ثورة 1905، عموما، رغم فشلها، نقطة مفصلية في تاريخ الثورة الروسية و في تطور #الوعي_الطبقي للبروليتاريا الروسية. و اعتبر لينين: "أن العمال الروس غير المتعلمين في روسيا ما قبل الثورة قد اثبتوا بالأفعال أنهم أناس مستقيمون استيقظوا للمرة الأولى على الوعي السياسي. وفي هذه اليقظة على وجه الضبط، يقظة الجماهير الشعبية الغفيرة على الوعي السياسي والنضال الثوري، تكمن الأهمية التاريخية للثاني والعشرين من كانون الثاني -يناير 1905"...

Camarde Ml22/1/2023





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق