في الوقت الذي يسعى فيه المناضلون إلى محاربة البيروقراطية نظرا لعرقلتها
أن تقوم بذلك القوى الرجعية أمر مفهوم، وكذلك القوى الإصلاحية، خاصة والطبيعة الانتهازية لهذه الأخيرة. لكن الخطير أن يتم هذا التواطؤ باسم أطراف تدعي النضال وخدمة الطبقة العاملة. إن ما حصل يثبت حقا، أو مرة أخرى، أنها تدعي النضال وتدعي فقط...
إن الصراع يكشف حقيقة المتسترين وراء الشعارات والمزايدة بهدف التشويش على المشاريع النضالية الجذرية. سقطت الأقنعة مدوية بعد أن كانت مكشوفة لدى بعض المناضلين فقط، انها ليست مفاجأة بالنسبة للمناضلين المواكبين والمنخرطين في محطات الصراع الطبقي من مختلف مواقعهم. نتحدث هنا عن مهزلة المؤتمر الوطني السادس للجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض المنعقد بتاريخ 25 فبراير 2023، وعن اجتماع لجنتها الإدارية المنعقد بتاريخ 08 أبريل 2023.
كانت مفاتيح اللعبة بيد خادمي البيروقراطية الوفيين نورالدين سليك واحمد بهنيس ومنبطحين آخرين (كومبارس)، تحت أعين "الباطرون" موخاريق. ويبقى المستفيد الأكبر من صفقة القيادة البيروقراطية مع الخدام "الجدد"/القدامى (الترقية في سلم البيروقراطية) هو النظام القائم الذي يبذل كل جهده لحشد الموالين وتجديد دمائه وتكريس التردي السياسي والاقتصادي والاجتماعي تحت يافطات الديمقراطية وحقوق الإنسان... وانه درس للجميع، فالبيروقراطية ودائما لا يسلم جانبها ولا ثقة فيها (متنكرة ولا تعرف او تعترف بالصداقات). فانها تكافئ من ينحني اكثر وبدون شروط ولا ترضى الا على من يقبل يدها ويخدم اجندتها، أي "يتبع ملتها"...
اليوم، لا يمكن أن يخفي أحد الشمس بالغربال، بدعوى اعتماد "الديمقراطية"، أي الاقتراع السري المباشر والصناديق الزجاجية. فهل هذه المسرحيات المبتذلة وحدها كافية لادعاء المصداقية والشفافية؟ إنها مبررات ساذجة تفضح سطحية أصحابها واحتماءهم عراة بأوراق التوت.
وأمام هذه الدسائس التي تحاك وراء ظهر الشغيلة، نؤكد أن مسؤولية المناضلين تكبر وتفرض عليهم المزيد من رص الصفوف وتنظيم الذات والحضور الميداني الى جانب كل المعنيين بالتغيير الجذري، علما أن المرحلة الراهنة تعد منعطفا خطيرا، وطنيا ودوليا لصالح الرجعية والصهيونية والامبريالية. إن انخراطنا في النقابات لا يعني سعينا الى الجلوس على كراسي القيادة، فثمن هذه الأخيرة هو الانبطاح والولاء وتنفيذ التعليمات. إن هدفنا من العمل النقابي الكفاحي هو بالدرجة الأولى والى جانب التصدي لمؤامرات البيروقراطية وفضحها، التواصل مع القواعد النقابية وخاصة العمال والمساهمة في تعميق وعيها الطبقي وتأطيرها وتنظيم صفوفها وأيضا الانخراط في معاركها من أجل الحفاظ على مكتسباتها وانتزاع حقوقها ومطالبها...
ويتساءل البعض عن غياب الجماهير الشعبية عما يسمى بالاشكال النضالية الروتينية، فكيف امام الضعف الذي يحاصر المناضلين والقوى المناضلة وفي ظل هذه المهازل أن تثق هذه الجماهير في محترفي تدبير المهادنة والخنوع وتشاركهم "احتفالاتهم"؟