2023/04/11

وكزيز موحى //الاضرابات العمالية، الاحتجاجات الشعبية، التنظيمات النقابية والسياسية بفرنسا


يعرف النظام الرأسمالي بفرنسا أزمة خانفة  ان على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي كما السياسي تتميز ب :

تطبيق نظرية السياسة التدبيرية العامة الجديدة (NGP) منذ 2006 التي تتمحور حول، من جهة ازالة جميع السدود امام الرأسمال ليتمكن ويقبض بكل المؤسسات والادارات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومن جهة ثانية تحول الدولة من دولة راسمالية اجتماعية (Etat providence ou Etat social) الى دولة رأسمالية تدبيرية وتنظيمية (Etat régulateur) للسوق الرأسمالية.

الاضرابات العمالية المستمرة  في أغلب القطاعات الإنتاجية منذ أواخر السنة الفارطة، بقيادة الإتحادات النقابية المحلية و/أو الفيديراليات النقابية المنظمة اساسا في اطار الكونفيدرالية العامة للشغل (CGT). 

التظاهرات الشعبية العارمة والمتكررة منذ بداية السنة الجارية.  

فقدان الثقة من طرف الشعب الفرنسي اتجاه الحكومة وجل المؤسسات السياسية والإدارية الممثلة للدولة الفرنسية. 

القمع الوحشي المسلط  من طرف أجهزة الدولة على المتظاهرين والعمال المضربين.

 الصدى والتضامن  على الصعيد العالمي مع المظاهرات والاضرابات العمالية بفرنسا.

التظهور المستمر للخدمات الاجتماعية التعليمية الصحية والسكنية والترفيهية والثقافية.

التضخم وارتفاع الاسعار وانخفاض الأجور. 

انتشار الفقر والبطالة، ملايين العائلات تسعى المساعدات من اجل التغدية…  

في ضل هذه الاوضاع تشكلت قيادة موحدة بين النقابات العمالية من اجل اضرابات محلية ووطنية وتنظيم المسيرات والتظاهرات بشكل دوري محليا ووطنيا. توحدت النقابات حول مطلب رفع الاجور ومطلب سحب قانون التقاعد المفروض من طرف الرئيس وحكومته ونالت الاضرابات العمالية تأييدا من طرف الرأي العام الوطني والدولي وانخراطا واسعا من طرف الجماهير الشعبية بالملايين.

خلال هذه الدينامية النضالية النقابية والسياسية، انعقد حدثيين اساسيين. الحدث الاول  يتجلى في مؤتمر المركزية النقابية الكونفديرالية العامة للشغل (CGT) من27  الى 30 مارس و الحدث الثاني  هو مؤتمر الحزب الشيوعي الفرنسي (PCF) من 7 الى 10 ابريل الحالي. 

من الطبيعي ان يعقد الامل من طرف نواب ومندوبي المؤتمرين، مؤتمر الحزب والنقابة، ومن خلالهم الطبقة العاملة والشعب الفرنسي عامة  على صياغة رؤى ومخططات عمل سياسي ونقابي تستجيب وتجيب وتعمل ليس فقط على تحقيق المطالب المادية والمعنوية أساس الاضرابات والمسيرات بل تحقيق وتنزيل على ارض الواقع المطالب الديمقراطية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.

في اطار هذا الامل وهذا الطموح الدي عم الساحتين السياسية والنقابية، عرف المؤتمران نقاشات حادة واحيانا عنيفة بين المؤتمرين إن على المستوى السياسي او النقابي. 

على المستوى النقابي حال المؤتمر الى توافق بين التيار الاصلاحي والتيار الجدري وهذا ما تعكسه وثيقة توجهات المؤتمر وكذلك قيادته الجديدة. حصل هذا رغما عن مميزات المرحلة السالفة الدكر التي من المفترض ان تكون لصالح التوجه الراديكالي المشكل من طرف الفيديراليات والاتحادات المحلية الأكثر تنظيما وأكثر قوة ونضالية  إلا أن هذا القطب لم يكن منسجما سياسيا وتنظيميا ولم يعمل بما فيه الكفاية اللازمة لتوحيد خططه ليفوز كليا بقيادة المنظمة النقابية وهذا ما فتح الباب للتوجه الاصلاحي للمسك بزمام الامر والعودة بحلة جديدة لقيادة المركزية النقابية وانتخاب الكاتبة العامة.

تنفست صعداء الاحزاب اليمينية والاصلاحية وتم التعبير عن ارتياحهم لنتيجة وما أسفر عنه مؤتمر النقابة CGT من خلال تصريحات قيادات تلك الاحزاب. وهذا يعني ان معارك، اضرابات ومسيرات العمال والشعب على أرضية المطالب المادية والديموقراطية هي بالاساس وقبل كل شيء معارك ونضالات سياسية وطبقية تستلزم رؤية ووعي طبقي إن على المستوى النقابي كما الحزبي.

إنعقد مؤتمر الحزب الشيوعي الفرنسي كذلك على ارضية صراع طبقي ساخن بين العمال والبورجوازية.   بالنظر لأرضية المؤتمر المعدلة من طرف المؤتمرين والخلاصات والتوجهات السياسية والخطط التنظيمية والنضالية يمكن  القول ان  مؤتمرالحزب الشيوعي فشل في تحليلاته للواقع السياسي والاقتصادي والسياسي الراهن وبقي حبيس رؤية سياسية ونظرية محكمة بالتعاون والتصالح السياسي لصالح البرجوازية ونظامها الراسمالي رغما عن تنظيماته التحتية والشبيبية التي لا تقاسم قيادة الحزب في نظراتها وسياستها، ورغما عن انخراطات كثيرة جديدة عمالية وشبيبية في صفوق الحزب. 

خلص مؤتمر الحزب الشيوعي بخطبة كاتبه الوطني الذي استبعد التحليل الماركسي للواقع الملموس الراهن وخاطب المؤتمرين بل الرأي العام واعاد الكرة كأنه مرشح للإنتخابات الرئاسية  من اجل منصب الرئاسة للجمهورية الخامسة، أي ان قيادة الحزب لا تملك رؤية ونظرية سياسية وخطط عملية من اجل تغيير المجتمع الرأسمالي الراهن بل تسعى وفقط من أجل مطالب خبزية.

رغما عن كل هذا وذاك استطاعت الطبقة العاملة الفرنسية استجماع واستنفار قواها وتوحيد خطواتها العملية والنضالية من اجل انتزاع مطالبها المادية والمعنوية اما المطالب الديموقراطية والسياسية من أجل مجتمع اشتراكي فالطريق … طريق ثورة.

وكزيز موحى، فرنسا،11/04/2023




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق