2023/06/23

وكزيز موحى// المنظومة الصحية العامة والامن الاجتماعي بالمغرب le système de Santé publique et la Sécurité sociale au Maroc


الاطار العام

أود أن أسجل وبقدر ما من الوضوح والتبسيط الاطار العام الذي يحدد او المفترض ان يحدد العلاقة الادارية والاجتماعية التي تربط الدولة بالمواطن في مجال الصحة العمومية (Santé publique) والتغطية  والامن الاجتماعيين ( Securité et protection sociales)، موضوع هذه الورقة وبشكل عام في كل المستويات أعني الحريات العامة والخاصة والمسؤولية الادارية والمالية للدولة أي المسؤولية الاجابية ( responsabilité et obligation de faire, action)  للدولة والمسؤولية السلبية( responsabilité et obligation de ne pas faire; non action)، باعتبار ان القانون بشقيه العام والخاص هو الامر بالفعل او الامر بعدم الفعل ( injonction de faire ou injonction de ne pas faire). وكل أمر بالفعل او عدم الفعل  هو من اختصاص وكفائة الدولة، بهذا المعنى تعد الدولة مسؤولة عن فعلها (son action) او عدم فعلها(son inaction) أمام المواطن . علاقة الدولة بالمواطن هي علاقة شاملة، هي الغالب والمواطن هو المغلوب، المسائلة اذن للغالب قبل المغلوب ، بل المسائلة للغالب والحماية للمغلوب من سلطة الغالب. 

ليتجسد ويتحقق حق من الحقوق المُشَكلة للمواطَنَة، حق او قانون الصحة مثلا، من مسؤولية الدولة ( de sa responsabilité publique de faire et injonction de faire)  ان تتوفر  على المستحقات والمسؤوليات التالية وان لم تحترم ولو نقطة او درجة من الدرجات التالية فذاك معناه ان الحق او القانون غير مكفل ولا وجود له على ارض الواقع وان الدولة الغالبة والمجتمع السائد يتنصلان من مسؤليتهما تجاه صاحب الحق في الصحة والامن الاجتماعي الا وهو الواطن (المغلوب)، بلغة اخرى وفي حال غياب فعل الدولة لاحقاق النقط ادناه تتحقق شروط متابعة الدولة و ادراج مسؤوليتها بتهم الحاق الضرر وضرورة جبره والقتل العمد ان حصلت وفيات نتيجة الاهمال وعدم الفعل( ne pas faire et en capacité et responsabilité de faire).

حتى لا اثقل كاهل القارئ في زمننا المتميز بالسرعة والمنهك بالصورة والصوت والخبر السريع والتشنج الخ، اليكم الشروط الملزمة وبسرعة  ليتحقق الحق والقانون ليس فقط في مجال الصحة…اعتبر هذه الورقة عبر حلقات ورشة للعمل انا مستعد للمحاضرة بشأنها باللغتين العربية أو/والفرنسية.    

تنصيص القانون، أي ما طبيعة النص الذي يقر بالقانون وما طبيعة قبول الدولة بالمعاهدات والنصوص التي تسن القانون؟ هذا السؤال يستحق لوحده نقاشا ومحاضرة. ثم ما هي التدابير و التزامات الدولة بالنظر لتدابيرها (sa réglementaion en la matière de preserver la Santé publique ) في مجال الصحة . ثم كيف يتم تطبيق وتأكيد القوانين في مجال الصحة كما في القطاعات والمجلات الاخرى؟

الاقرار والتنصيص بحق او قانون ما، مهما اعتلى النص الى قمة النصوص،  لا يعني بالبات والمطلق احقاق الحق والقانون المعني وتجسيده واقعيا وماديا لصالح المعني به. عُلُو النص المُقِر لقوانين الصحة والامن الاجتماعي الى عتبة دستورية  دون استقبال وقبول  الدولة وعملها على سن اجراءات والتزامات تجبرها ايجاباعلى العمل(obligation postitive de faire)، يبقى النص دون جدوى ومضعية للوقت والمال ومن اجل الاستهتار والاستهلاك السياسي.

النقطة التانية المهمة تتعلق بتدبير القانون وتشكيل الحقوق(aménagement des droits et leurs réalisations)، اي ماهي السلطات المعنية والمؤهلة والمسؤولة( اي يمكن محاسبتها من طرف صاحب الحق=المواطن المغلوب) وهل السلطات المعنية (الغالبة) باحقاق الحق تكفل وتضمن لصاحب الحق ان يسائلها اداريا وقضائيا وهل هناك قانون اداري (droit administratif) يلزم السلطات المسؤولة ( autorités à compétences de faire et d’agir) ان تستجيب قضائيا لتظلماتها وهل الدولة واداراتها  تعمل وتضمن لصاحب الحق الشروط القضائية والادارية والمالية والاجتماعية ليتشكل مستقلا بذاته ولذاته اداريا وقضائيا ضد السلطات المعنية ليس فقط نظرا لشططها بل نظرا لغلبتها واولا لعدم عملها وادراج مسؤوليتها(non action et engagement de sa responsabiloité).

النقطة الثالثة تتعلق بحماية الحقوق والقوانين. السؤال الطبيعي الذي يجب طرحه هو من يهدد حقوق المواطن حتى نتكلم عن حماية تلك الحقوق ومن يمتلك السلطة والقوة لاقرار حقوق المواطن وحمايتها في حال اغتصابها؟ 

ان اول حماية ورعاية حقوق المواطن ليس فقط في مجال الصحة والامن الاجتماعي، هي الحماية والوقاية ضد الدولة واداراتها وسلطاتها العامة الغالبة. ثم من الواجب حماية المواطن من تسلط الافراد، اي ان المنظومة العامة الادارية والقضائية  تقي المواطن من شطط وتدخل الافراد للنيل من حقوقه. مثلا ادعاء وفرض علاج الامراض النفسية والعصبية عن طريق الزوايا والشعودة والسحر.  

النقطة الرابعة تتعلق بالراقبة والحماية. يمكن استخلاص من خلال النقطة الثالثة ان حقوق وقوانين المنظومة الصحية والامن الاجتماعي مهددة اولا قبل اي كان من طرف السلطة واداراتها ولهذا وجب سن انظمة وقائية وضامنة للصحة وللامن الاجتماعي. 

لكن كيف يمكن حماية ومراقبة وضمان تلك الحقوق ضدا على السلطة والدولة؟ اول الحمايات هي الحماية القضائية ثم الاجتماعية والسياسية والادارية. لكن السؤال المطروح هل هناك مجال للحديث عن الحماية القضائية في غياب فصل السلط القضائية والسياسية والتشريعية واستقلال القضاء والسلطة القضائية بشكل عام؟ هل يمكن الحديث عن المراقبة الادارية؟ بالطبع لا لأن الادارة غير مستقلة وخاضعة بالتمام للسلطة السياسية.

 تبقى الحماية الاجتماعية وما يسمى بالسلطة المضادة لردع ممارسات وافعال السلطات واداراتها، وهنا الغلبة للدولة ومؤسساتها. تتشكل هذه الحماية في المؤسسات الحزبية والنقابية والجمعوية والفنية والثقافية والتربوية. 

هذه السلطة المركبة والمسماة السلطة الرابعة بعد السلطة التنفيدية والتشريعية والقضائية لا سلطة لها الا سلطة الخضوع وتنفيد سلطان(pouvoir) الدولة.

 ما دامت السلطة الرابعة لا سلطان بيدها(sans pouvoir) وتخضع للسلطان الاعلى بتمثلاته الثلاث ( التنفيدي، التشريعي والقضائي) لا يمكن بالباث والمطلق الحديث عن فصل السلط و نظرا لكون فصل السلط  بذاته هو الحماية الاولى والاجبارية  لاحقاق الحقوق وضمانها ومراقبتها وتطبيقها ومادام هذا الشرط بعيد المنال والتحقق في اطار النظام الاقتصادي والاجتماعي السياسي بالمغرب، فان الحريات العامة والخاصة والحقوق الخاصة والعامة بما في ذلك حقوق وقوانين الصحة  لا يمكنها ان تتحقق وتصبح الخدمة الاجتماعية في مجال الصحة واقعا معاشا ويوميا للمواطن(المغلوب). 

نفس الامر والمنطق يحددان واقع الامن والتغطية الاجتماعيين.

يتبع     

وكزيز موحى، 22/06/2023 ، فرنسا





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق