هكذا كبرت يا رفيقي..
كبرت وسط الفقراء،
وسط الكداح والكادحات،
مقيمة معهم،
اقابلهم كل يوم،
أحبهم،
أشارك معهم الأفراح والاحزان،
اغضب،
وأرفض الكثير من تصرفاتهم،..
معهم كبرت يا رفيقي.
كبرت وتذوقت الاستغلال لحد التخمة،
تذوقت الاضطهاد والظلم،
كبرت كادحة مع الكادحين،
وكانوا اول من دعموني وانا طفلة اقطع المسافات لكسب الحروف الأبجدية،..
معهم كبرت، يا رفيقي، وتعلمت.
تعلمت.. وتعلمت معهم..
تعلمت أن الأحلام تعترضها دائما حواجز عدة على الطريق..
وأن الطريق طويل وغير مستقيم،
من السهل تلخيصه،
لكن من الصعب اجتيازه دون افخاخ ودون منعرجات، ودون دماء ودون سلب الحرية..
وتعلمت قبول الهزيمة حين تحدث،
وأن الحرب طويلة النفس..
تعلمت التحمل،
ليس تحمل المصاعب سلبا،
بل تحمل المقاومة في الظلام وانا واثقة ببزوغ الفجر،..
تعلمت معهم، يا رقيقي، الحب،
الحب الصادق،
وأن الحب لا يعني الانحياز..
وأن انحناء الرأس عبودية،
وتعلمت ان الأنوار قد تكون مؤذية،
وأن السير في الخلف لا يليق إلا بالقطيع..
معهم كبرت، يا رفيقي..
كبرت ولم اعد اغضب،
ليس فقط لتصرفات لا ترضيني،
بل حتى من الطعنات،
وأن الطعنة التي لا تقتل تعلم،
ظهري، يا رفيقي، صار معتاد،
ولا يتطلب الأمر أكثر من نزع الرمح وتنظيف الجرح..
كبرت، يا رفيقي، وأحسست باني مذنبة،
مذنبة لاني كنت غائبة عن مشاركة الكادحين والكادحات في معارك عدة،
مذنبة لانهم ساعدوني لأتعلم الكتابة،
ولم أكتب ما كان يجب أن أكتبه عنهم،
لهذا لا اغفر لنفسي،
ولا اغفر، لا لمن يسايرون التيار،
بل لمن اختاروا أن يكونوا هم التيار.