11‏/09‏/2023

نعيمة البحاري// الناس تنقذ الناس


منذ ليلة أمس ونحن نستهلك صور وأشرطة لما خلفه الزلزال الذي ضرب بلادنا،
ولما نقلته العدسات على مواقع التواصل الاجتماعي من دمار، بالرغم من قلة احترافيتها.

شاهدنا، ولازلنا نشاهد، مناطق الحوز، مراكش، وارزازات، تارودانت، بني ملال.. تغرق في حطام حزين..

قرى عن آخرها تحولت إلى حطام.

ملاجئ الفقراء تحولت إلى أنقاض. احتضنت ارواحها.  

حولت عائلات فقيرة من شعبنا إلى ذكرى..

وسيحولهم النظام كما هو متعارف عليه، مع كل الكوارث، الى مجرد أرقام لتعزيز ملف التسول الدولي او ما يسمى بالدعم الدولي، كفرصة ثمينة لأباطرة الفساد.

وبهذه المناسبة الأليمة أقول: 

عزاءنا واحد يا أبناء شعبنا..

وإن واجبنا الأخلاقي والإنساني والنضالي، يتطلب التضامن بيننا، يتطلب الوقوف مع بعضنا البعض، وتقديم الدعم لبعضنا البعض.. فمن لم ينقذه الشعب لن ينقذه النظام.. 

وهذه هي الحقيقة التي علمتنا إياها تجارب الصراع في بلدنا العزيز.

واليوم نعيش نفس الحالة حيث الناس هم من يقومون بعملية الإنقاذ. 

الناس لا تعرف الحقيقة سوى من خلال ما تراه على الأرض.. على الأرض لا ينفع اخصائيو الخداع، ولا فنونهم، ولا ثقافتهم.. 

الشعب لا يهتم بالكلام، ولا بفنون الكلام وأخلاق الكلام، الشعب يهتم بأخلاق الفعل وبالعمل الذي يجري على الأرض، الذي نسميه الواقع.. 

الشعب عرف جيدا أن الناس تنقذ الناس مما شاهده ويشاهده..    

الزلزال عصف بملاجئ الفقراء.. ملاجئ أغلبها من الطوب، مساكن تعكس ما وصله حال شعبنا تحت نظام النهب والظلم الجاثم على كهولنا.  

الناس غير محميين، وأجهزة النظام "غير كفأة" بشكل انتقائي (يشهد لها بالكفاءة في القمع والتدخل السريع في حق نضالات الشعب والاحتجاجات).. لا وقاية ولا خطة للوقاية، لا تدخل سريع لإنقاذ الناس، ولا بنية الطوارئ ولا مقومات لوجستية تظهر تحركا بالسرعة المطلوبة لإنقاذ أرواح البشر.. 

كل الكوارث تعري النظام، تعري مسؤوليته في نشر الفقر.. تعري لامبالاته، تعري طبيعته، تعرى إعلامه الذي استمر في الرقص فوق الحطام،.. فوق جثث المنكوبين واشلاء الضحايا، في حين كان الإعلام الدولي منشغل بزلزال المغرب.. 

الكارثة المأساوية لليلة أمس 8 سبتمبر 2023، تثبت بطريقة أكثر دراماتيكية الافتقار إلى البنية التحتية اللازمة للإنقاذ ولخطة جادة فعلا للتحرك في حالة الكوارث..

هي نفس الحالة نعيشها مع كل الكوارث، مع الفيضانات مع الحرائق، مع الزلازل.. وهي، قبل كل شيء، المسؤولية الأبدية للنظام.

حقا لا توجد كلمات لوصف الدمار.

 كوارث لا تحصى هي ما خلفه الافتقار إلى تدابير الوقاية والحماية المتكاملة.

عمليا وموضوعيا واخلاقيا كان من اللازم التحرك بوجه السرعة، وعلى الفور، وكأمر عاجل، بكل آليات الحفر.. لإنقاذ الناس في المدن والقرى، وتأمين السكن، وتأمين الأدوية والرعاية الطبية، وتوفير الغذاء والماء، وضمان سلامة الأطفال النفسة والصحية، وحماية جميع المتضررين.. لكن للأسف هذا الأمر لا ينجز سوى بعد خطط مدروسة بعقول الفساد.. ومن كل الكوارث السابقة نستمد الدليل.  

كلمات وتصريحات النظام، على القنوات، لا تتطابق مع الفعل في الواقع.. وهو التناقض الذي برز مرة أخرى على السطح مع الغياب التام لخطة متكاملة لانقاذ البشر من تحت الحطام. ومع ذلك لديه الجرأة للحديث عن جاهزية أجهزة الدولة، في حين لازال الضحايا تحت الحطام، تحت أطنان من التراب، فقط سواعد البؤساء من أهالي الضحايا والمتطوعين الشباب الباقون على قيد الحياة هم من يقاومون لإنقاذ الناس وانتشال الضحايا.. 

إنه الاستهزاء بعقول الناس! 

إن التباطؤ في إنقاذ المنكوبين هو حال نظام مؤسساته تضع الرشاوى والأرباح التي يحصل عليها القلة فوق حياة الناس وممتلكاتهم، وفوق حماية الكائنات والبيئة. إنها جريمة لا تغتفر. إنها مسؤولية النظام بكل مؤسساته السياسية والعسكرية والاقتصادية والاعلامية، مسؤولية إجرامية ضخمة نسجلها للتاريخ.




شارك هذا الموضوع على: ↓




↓للتعليق على الموضوع
تعليقات
2 تعليقات

2 التعليقات:

رسالة أقدم الصفحة الرئيسية