قد تكون العودة إلى توضيح العلاقة بين مخطط التعاقد و ما يطال الشغيلة التعليمية عامة و بين ما تمليه مؤسسات النهب الدولية ( صندوق النقد الدولي و البنك العالمي...) عودة بالنقاشات إلى "الوراء "، لكن إن تفحصنا الأمور جيدا نجد عكس ذلك تماما.
وسبب هذا النقاش هما أمران إثنان :
أولهما هو كون الممارسة النضالية لشغيلة التعليم لا تبرز أنها تنطلق من فهم أساسه أن سبب مآسيها هو هذه المؤسسات و ما أملته لسنوات طوال.
ثانيهما هو إجتماع هذه المؤسسات بمراكش - وفي اختيار المغرب إشارة على إنصياع الدولة - و ما تشكله هذه المحطة من فرصة للإحتجاج ضدها و إبراز موقف الشغيلة الرافضة لما تمليه.
كما أن الغاية من إبراز أن مخطط التعاقد وكل ما يطال شغيلة التعليم هو إملاء لصندوق النهب الدولي هي تأسيس لوعي و ممارسة نضالية في المستوى المطلوب، بعيدا عن كل النقاشات الفاقدة لكل أساس و ما يُترجم عنها من ممارسة "نضالية" لم تراوح معها شغيلة التعليم مكانها، بل ازاداد وضعها معاناة .
تعود بنا عملية بحثٍ بسيطة إلى سنة 1983 حيث بلغت نسبة الإستدانة الخارجية 97٪ من الناتج الداخلي الخام، فسياسة التقويم الهيكلي و ضمنها سياسية التقويم التربوي المبنية على إملاءات مؤسسات النهب الدولي و التي جاء ضمن ما نصت عليه :
- خفض الجهد المطلق المبذول لصالح التعليم أي خفض الإعتمادات المالية المخصصة للتعليم من الناتج الداخلي الخام.
كما أن وصول المغرب لعتبة الدين تلك جعله خاضعا لما عُرف "بإجماع واشنطن" و القاضي بفرض شروط على كل الدول التي تسعى إلى المزيد من القروض، و من بين هذه الشروط:
- تصفية القطاع العام قدر الإمكان، خصخصة المنشآت التي تملكها الدولة.
ثم التقرير البنك العالمي بصدد الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب 1995 والذي رد عليه النظام برسالة نضع لكم جزءا منها:
M. Koch-Weser a identifié avec raison , trois axes de réflexion autour desquels pourrait s’articuler notre démarche dans un contexte socio-économique plus volontariste et plus cohérent dans sa définition plus novateur dans ses méthodes et de ses résultats.
*Il s’agit des trois domaines suivants* :
1. Définition d’un projet fédérateur et mobilisateur à moyen et long termes pour l’économie marocaine .
2. Identification des dysfonctionnements de l’administration et analyse des raisons…
3. *Reforme de notre politique d’éducation et d’enseignement …"*
وهو ما ستتم ترجمته ( خاصة المجال الثالث) في ميثاق التربية والتكوين سنة 1999 الذي وضع مداخل عدة لمشورع الخوصصةو شكل بذلك "دستورا" لتفكيك الوظيفة العمومية (المادة 135) و خوصصة القطاع، وما تلى الميثاق من مخططات جاءت دائما لخدمة نفس المشروع و تنزيلا لنفس التوصيات.
كما أن نقاش المردودية و الحافزية و تفكيك علاقات الشغل القار و تجميد الأجور و القضاء على الوظيفة العمومية بما هي الجوهر في النظام الأساسي الجديد، كلها أيضا من توصيات مؤسسات النهب الدولية و موضوعة حرفيا في تقرير البنك الدولي "المغرب في أفق 2040".
ضف إلى هذا الاجهاز على مكتسبات الصندوق المغربي للتقاعد ( رفع السن ،خفض النسبة من 2,5 الى 1,5٪ ،اعتماد معدل آخر ثمان سنوات بدل آخر أجر ....) و كذا ما تحمله مواد مشروع قانون الإضراب من تجريم للحرية النقابية .
على هذا الأساس والذي ليس إلا غيضا من فيض، يتضح جليا أن ما تعيشه شغيلة التعليم هو ما تأمر به مؤسسات النهب الدولية و تشترطه منذ سنوات طوال.
إن الوقوف على هذه الأرضية سيجعلنا متأكدين من أمرين إثنين
- أن التصدي لهذا الهجوم لن يكون بين عشية و ضحاها و بهذه أو تلك من الخطوات الغير المحسوبة، بل وحده العمل المتواصل و الدؤوب الكفيل بذلك.
- أن تواجد هذه المؤسسات بمراكش لن يتبعه غير المزيد من المآسي و المعاناة لشغيلة التعليم و أن ضرورة فضح إملاءاته و رفضه بمختلف الأشكال مهمة نضالية على درجة من الأهمية.