01‏/11‏/2023

سمير لزعر // هل التضامن لقلب موازين الصراع أم مجرد امتصاص للغضب؟!


الشرق الأوسط مشتعل، الكيان الصهيوني يصعد من هجومه على غزة، الى جواره حلف القتل بقيادة أمريكا وحلف شمال الاطلسي والاتحاد الأوروبي، ويقتلون مرة أخرى الشعب الفلسطيني. 

القصف متواصل على قطاع غزة بكل الوسائل. كل العمليات جارية، عبر الجو والبحر والبر. 


 مات الآلاف، أغلبهم من الأطفال. والحصار الشامل يحرم سكان قطاع غزة من الماء والكهرباء والغذاء والدواء والمسكن. حياة الشعب هناك تحت النيران بشكل متواصل. وأمام أنظار العالم يدفن الأطفال في ركام القصف، ويحرقون أحياء بأسلحة جيش الاحتلال وحلفائه الامبرياليين، ويقتل أصحاب البدلات البيضاء وهم يجاهدون لإنقاذ حياة الجرحى والمعطوبين.

الكيان الصهيوني وحلفاءه يدمرون، يقتلون، يحرقون،..

مئات الطائرات وآلاف القذائف تطلق ليلة نهار لتسوية غزة بالارض، ودفن أهلها تحت الانقاض، لحرق ما لم يتم حرقه في الأيام السابقة.

التحالف المجرم عازم على تحقيق نتائج ميدانية في غزة لاسترجاع شيء من هيبة كيانه المصطنع التي مرغتها المقاومة في التراب جراء عملية "طوفان الأقصى" وهو يراهن على استنفاذ مقومات المقاومة من الطاقة والذخيرة من جراء الحصار. وخيار القتل مثلما هو استرجاع للهيبة فهو ايضا دفع لجزء من سكان غزة إلى اختيار الهجرة على الموت تحت القصف واجتثاث لبدور مقاومة قد تنبت مستقبلا. 

هذه هي الحقيقة التي يشهد عليها العالم. 

وسؤال: من على حق؟ وما هو الطرف الذي يدافع عن نفسه؟ يتلاعب به الإعلام ويقلب المفاهيم ويعيد صياغته بطريقة تفيد التشويش وإتلاف الحقيقة، ويغير معاني القيم والمثل العليا، ويعطي للكلمات دلالات أخرى، بإرادة الإمبرياليين القتلة."

لكن الواقع واحد: 

-الكيان الصهيوني كيان لقيط مستعمر ومغتصب، والفلسطينيون شعب اغتصبت ارضه وتم تهجيره وتشتيته وليس لديهم وطن حر ويقاومون المحتل.

-كل اللصوص الدوليين منشغلون بتمزيق العالم، وبالقتل والنهب لخيرات كوكب الأرض. وكل ترتيباتهم و"اتفاقاتهم" تكشف عن خططهم في المنافسة المتزايدة على صدارة  النظام الإمبريالي الدولي. 

ويحضر سؤال: ماذا سينفع الوقوف في أحد طوابير اللصوص؟!

إن لعبة الصراع الدولي وتوازناته تجري على حساب كل الشعوب. فاللصوص الامبرياليين لا يهمهم سوى نصيبهم من كعكة هذا الكوكب، وهو ما يستوجب على الشعوب أن لا تقف في طوابير لصوص العالم. وعلى المناضل، وكل من يرتبط بالقضايا العادلة سياسيا ثقافيا نقابيا حقوقيا.. رفع وعي الشعوب وتوجيه نضالاتها من أجل مصالحها. فالمطلوب هو إيقاظ الشعوب للنضال من أجل مصالحها، ولهذا السبب فإن التضامن مع الشعب الفلسطين، الذي يعيش تحت مجازر الكيان الصهيوني المغتصب لارضه، لا ينفصل عن النضال في بلادنا ضد مخططات النظام القائم التي في بعدها تخدم مصالح الصهيونية والقوى الاستعمارية وكل تجار الحروب وكل الأحزاب البرجوازية. وضد التطبيع مع الكيان الصهيوني وتعرية أدوار الانظمة الرجعية بمنطقة الشرق الاوسط، وشمال افريقيا، في المسلخ بالشرق الأوسط، وفي فلسطين تحديدا. 


كل التطورات تتطلب الاستعداد والانخراط بكل الطرق في إدانة المجزرة والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتوفير كل مقومات صموده وانتصاره. 

كل شعوب العالم تحتج على المجزرة وتستنكرها.

مسيرات في أغلب المدن العالمية تتضامن مع الشعب الفلسطيني.

أحزاب اليسار وادرعها النقابية والعديد من جمعيات حقوق الانسان والبيئة تقود العديد من أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني عبر العالم. 

ولكن كل أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني الجارية عبر العالم لا تهدد، في الفترة الراهنة بالذات، مصالح الكيان الصهيوني وحلفائه.

لا شيء يقلق، او يعيق، عملية الإنتاج بالنسبة للشركات الصهيونية والإمبريالية وشركات عملائهما الكمبرادوريين.

لا شيء يهدد أرباح الرأسمال المالي لحدود الآن.

لهذا لم تحدث الاحتجاجات لحدود الآن اي فارق في التوازنات الدولية، ولم تغير شيئا في ميزان القوى.

وهكذا يتواصل القتل، ويتواصل الهجوم، وتتواصل المجازر. ويتواصل التطبيع.

لذا اقول لن يكفي الصراخ والاحتجاج في وجه الجريمة الجارية أمام أعيننا لإيقافها.

صحيح أن الصراخ والاحتجاج في الشوارع هو دليل عدم سكوتنا على المذبحة في قطاع غزة. لكن هل هذا يكفي لإيقاف المجزرة، ولردع الكيان الصهيوني وحلفائه؟!

اقول إن ما تقوم به الشعوب الآن من تضامن هو دليل على استيقاظ ضمير الإنسان. هو دليل انسانيتنا.     

صحيح اننا اذا اردنا أن نثبت إنسانيتنا، فلا يمكننا أن نظل غير مبالٍين بالإبادة الجماعية التي ترتكب في غزة.

سنكون دائمًا مع الطفل الذي يحمل القاذفة لمقاومة محتل لأرض أجداده، مع الفتاة التي تصفع صهيونيا يرتدي الزي العسكري، ومع أولئك الذين يعززون الإيمان بقضيتهم العادلة والتاريخية، ومهما حاول الخصوم والاعداء لتركيعهم، لا ينحنوا.

فليس بانسان من لا يقف مع كل شعب له الحق وعليه واجب مقاومة طغاته. الانسان دائمًا في نفس الجانب مع الشعوب التي تقاوم لتعيش، ومع الشعوب التي تقاتل من أجل النصر على أعداء السلام والإنسانية، والتحرر.

لكن الإنسانية لوحدها لايمكن أن تغير من موازين القوة. ومن يؤمن بالقضايا العادلة وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني ويريد الإسهام جديا في نصرها، فلا يسعه إلا أن يشعر بالخجل من مسيرات مرخص لها من طرف نظام مطبع وعميل لقوى القتل والذبح. ويخجل من قيادات نقابية تدعي انخراطها في التضامن مع الشعب الفلسطيني وفي نفس الوقت لا تحرك ساكنا وسط شركات الصهاينة والامبرياليين وعملائهم، بل تعمل جاهدا على ضمان السلم الاجتماعي وتأمين الإنتاجية والاستغلال الفاحش للعمال. ويخجل من التخلف في تعزيز المعركة ضد التطبيع، وهو دليل تورط النظام القائم في الإجرام الجاري في حق الشعب الفلسطيني، وفي خطط الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي لدعم السياسة الإجرامية الصهيونية. ويخجل من أشكال تراهن على قوى رجعية ظلامية وشوفينية وأحزاب منبطحة وجبانة وملتزمة بالسلم الاجتماعي حتى النخاع من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني.

إن الرجعية هي عدوة كل تحرر، لذا كيف سيستقيم النضال من أجل فلسطين بالرهان على قوى رجعية ظلامية؟!

إذا أليس هذا كاف للقول أن أشكال تضامننا لا تعدوا أن تكون مجرد تسجيل الحضور، وامتصاص لغضب الشعب المغربي من جراء جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين، وإعطاء مصداقية لقوى القتل، قتلة ابناء شعبنا، دون أن ينتظر منها، أي من أشكالنا التضامنية، أي فاعلية للإسهام في قلب موازين القوة، لصالح المقاومة الفلسطينية، والتي لن تحصل سوى بتعزيز، وتصعيد، المعركة ضد التطبيع، وضد مخططات التجويع لشعبنا ونهب خيراته؟!

إن معركة الشعب المغربي والشعب الفلسطين، معركة واحدة، يوحدها نفس المصير، ونفس العدو، في شخص الثالوث الإمبريالي الصهيوني الرجعي. فالتضامن مع الشعب الفلسطيني لن يستقيم دون النضال الجذري ضد النظام القائم.




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق