تعيش المرأة وإلى جانبها رفيقها الرجل، نفس النصيب من المعاناة والتهميش والقتل اليومي البطيء، في واقع الصراع الطبقي داخل النظام الرأسمالي.
نظام يكرس الاستغلال بشتى أنواعه في مختلف مناحي الحياة. وايضا تعيش المرأة على استمرار اضطهادها من طرف المجتمع الرجولي. فالاستغلال والاضطهاد المزدوج للمرأة يزداد قتامة وسوادا داخل المعامل والضيعات، وعلى خادمات البيوت، والمنظفات.
فالنساء والرجال هم طعام الآلات التي تحول دماءهم إلى ذهب في خزائن البرجوازية والملاكين العقاريين الكبار. وهذا الواقع هو ما يفرض على المرأة النضال نضالا مزدوجا.
تناضل المرأة الى جانب الرجل من اجل الحصول على حقوق لتطوير المجتمع ككل وللتخلص من الاستغلال الطبقي، وتناضل نضالا اخر يهدف الى تحررها من ظلم المجتمع الرجولي في جميع مجالات الحياة حيث المعركة تأخذ مضمونها الحقيقي في الصراع من أجل الخلاص من المجتمع الطبقي.
فعلا المرأة هي نصف القاعدة العريضة من منتجي الثروة ببلادنا، وبشكل عام على هذا الكوكب، في عصر سيطرة الرأسمالية. وقد تصير في فترات الحروب القاعدة الأساسية لقوة العمل، وهي الفترات التي نعيشها في العصر الراهن في ظل سيطرة البرجوازية المالية.
كل معانات المرأة أو لنقل كل الآهات، في بلدنا بالاساس، يسهر النظام على كل تفاصيلها الدقيقة، وهو المهندس في إخراجها. وقد راح ضحية هاته المآسي عاملات قتلى في قطاعات يعمها الاستغلال البشع (عاملات ضواحي القنيطرة، عاملات المنصع التحت ارضي بطنجة غرقا في المياه، العاملات الزراعات في حوادث مختلفة..)، كما شاهدنا صورا فضيعة للقمع الوحشي لنساء الاسرة التعليمية بجانب رجالها في المعارك التي سطرتها فئة هذا القطاع في الدفاع عن حقوقها وعن المدرسة العمومية، وتكتمل الصورة بشكل عميق أمام استفحال هجوم النظام على القوت اليومي للشعب المغربي برتفع أسعار كل المواد الاستهلاكية وبالاخص المواد الاساسية لعيش الكادحين بالتوازي مع التسريح الجماعي للعمال، ليزداد الوضع قتامة وسوءا بارتفاع نسبة البطالة. وهو وضع أعد له النظام جوابا مسبقا في إطار التخطيط لهذه المرحلة بتوسيع جغرافية السجون للزج بأبناء شعبنا بين الأسوار.
إن قضية المرأة لا تتناسب مع نظام النهب والاستغلال والحروب ومع مجموعاته السياسية والجمعوية. لان قضية المرأة قضية من يناضل بلا هوادة من أجل مجتمع المساواة، مجتمع ينتفي فيه استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. فهي قضية من يناضل الى جانب العاملات والعمال والفلاحين الفقراء والطالبات والطلبة ضد الاستغلال والاضطهاد، ضد تجهيل ابناء الشعب من خلال الدفاع عن المدرسة العمومية، ضد الإجهاز على حق العلاج المجاني، ضد الاستعمار الجديد، ضد الحروب الإمبريالية والرجعية، ضد الصهيونية وجرائم الإبادة في حق الشعب الفلسطيني..
ان تعاطي النظام مع الأشكال النضالية ومع كل من يناضل بشكل مبدئي يختلف حسب المد والجزر في قوة الصراع. هناك أشكال عدة ينتهجها النظام في محاصرة المناضل مثل استعمال أسلوب الترغيب ثم الترهيب او طبخ ملفات على نار هادئة، لكل حسب مجال اشتغاله. وحتى لا يثير حوله الشكوك، يبقى استعمال المرأة "وسيلته" المفضل حاليا، في توظيفها كأداة لتحطيم السياسي المعارض ولفبركة افلام تسهل لإعداد ملفات ثقيلة لإصدار أحكام جزرية وللتشكيك في صدق ومصداقية المناضل..
ان تعاطي النظام مع قضية المرأة والتي يعتبرها المناضلون قضية طبقية وتحررها يدخل في سياق تحرر المجتمع برمته، هو صراع بين فهمين متناقضين حتى حد التناحر، الأول رجعي الهدف منه تسليعها، اي اعتبارها كسلعة معروضة في السوق يحكمها قانون العرض والطلب، ووسيلة للاستعمال لتخريب المجتمع وتدمير قيمه، والثاني يعتبر المرأة نصف المجتمع وشريكة الرجل، ولهما مصير غير منفصل وغير مجزئ.
وأمام تغول النظام وتراجع المد النضالي المنظم، وانبطاح الجمعيات النسائية والتواطؤ المخزي للنخبة "المثقفة" وسيطرته المطلقة على وسائل الإعلام، السمعية والبصرية، يتم تصريف بضاعته ومفهومه الرجعي إلى المرأة مما يتيح له المزيد من الاستغلال السياسي لقضيتها، وبالتالي المزيد من السيطرة على مقدرات وخيرات شعبنا وتقديمها على طبق من ذهب باعتباره العميل المطيع للامبريالية والصهيونية.
قضية المرأة قضية طبقية.
لا تحرر المرأة بدون الخلاص من المجتمع الطبقي..