بالتطلع نحو الجديد، في مواجهة نظام العمالة الفاسد الذي يتحلل يوما عن آخر، بشعارات الرفض للانبطاح والتشبت بالحقوق المسلوبة، تستلهم روحها من جذور
معارك شعبنا التحررية، تغرف من عمق المأساة التي خلفها نظام العمالة والتطبيع، يقتحم الشباب والشابات ومختلف فئات شعبنا ساحات اغلب المدن الكبرى ببلادنا..تحديا لجبروت الآلة القمعية للنظام،
تمردا على ثقافة الخنوع،
رفضا للإستسلام لإملاءات عملاء الاستعمار والمطبعين،
إنه الخروج من دائرة الصمت إلى فضاء الشارع الواسع،
إنه اعلان التحدي،
إنه اعلان التمرد،
إنه صراخ مدوي في وجه النظام:
لا لتدمير صحتنا وتحويلها إلى سلعة للمستثمرين في آلام الشعب،
لا لتخريب التعليم، وخوصصة المدرسة العمومية،
لا لسرقة قوتنا اليومي، ورفع الاسعار فوق طاقة الفقراء..
كما هو ايضا صراخ من أجل فلسطين، فلسطين كل فلسطين..
بهذه الروح، روح التمرد، يواصل شعبنا كتابة صفحات مشرقة من تاريخه النضالي، ليقول مرة أخرى: لا تنتظروا منا الركوع أو الانحناء مهما كان الثمن، فلسنا أقل من الشعوب التي تقاوم آلات الفتك الذكية بالصدور العارية، وإرادة لا تنكسر.
ومرة أخرى تتأكد، في الواقع الحي، نظرتنا الماركسية اللينينية ك"تيار البديل الجذري المغربي" التي عبرنا عنها في اكثر من عمل ومناسبة، بأن لا شيء يبقى ساكنا، راكدا. كل شيء يتغير وستأتي الساعة التي يمكن أن تتحول فيها شرارة الغضب إلى نار مستعرة.
من أجل هذه اللحظات، من أجل هذه الزلازل والانفجارات، كنا دوما ندعوا المناضلين المبدئيين الماركسيين اللينينيين، من لم تتلطخ اياديهم بفساد النظام، ومن لم يعانقوا المفسدين، والبيروقراطيين، الى:
البناء التنظيمي الحديدي لحزب الطبقة العاملة،
الارتباط بالمعنيين بالتغيير،
الاستعداد لنداء التاريخ من أجل الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية،
النضال من أجل الاشتراكية كبديل وحيد للخلاص.
إن شعلة الشوارع اليوم هي استمرارية لتضحيات الامس. إن ما تسميه ابواق التعليمات والإشارات ب"جيل z" بهدف بتر الفعل النضالي وفصله عن تربته وقطعه عن جذوره التاريخية، لعزله، بهدف تسهيل السيطرة عليه، لم يأتوا من فراغ، لم ينزلوا من السماء، لم يستنبتوا بين ليلة وضحاها، لم يخرجوا من مؤسسات النظام،..
إنهم أبناء واحفاد من صنعوا المقاومة وجيش التحرير وقاوموا الاحتلال المباشر،
إنهم من تغدوا من الانتفاضات البطولية والتاريخية لشعبنا،
إنهم ورثة انتفاضة 20 فبراير (2011)، وانتفاضة الريف (2016-2017)، وانتفاضة جرادة (2017-2018)،
انهم شركاء العمال، واحتجاجات الأساتذة المتعاقدين في اوجها (2021-2023)،
إنهم جنود المعركة البطولية لرجال ونساء التعليم من أجل "إسقاط نظام المآسي" (2023-2024)،
إنهم من كانوا السند لمعركة عمال امانور،
إنهم المدعمين للمعركة البطولية لعمال سيكوم سيكوميك،..
إنهم نتاج تضحيات شعبنا، ومن دمه ولحمه.
إنهم من الهمت قلوبهم وعقولهم تجارب التضحيات، وجعلتهم يجرؤوا للنظر، بجوار كل فئات شعبنا، خارج حدود نظام الاستغلال والظلم، للقتال من اجل آمالهم، وأحلامهم، وهي آمال شعبنا واحلامهم.
إن تضحيات شعبنا التاريخية، المشهود لها، هي من زرعت قيم التضحية، والحرية، والابداع، والروح الجماعية، والاستعداد للعطاء التطوعي، وجعلت منها أجسامًا مضادة في مواجهة تسليع كل شيء والقيم الفاسدة للفردية، والثراء السهل، والعنصرية التي يروج لها نظام الفساد والتخريب والتدمير.
وهذا التطور، والتحدي الذي ظهر في الشوارع بالرغم من تحريك النظام لترسانته القمعية، والاعتقالات كجواب على صوت الشارع، أظهر القوة التي يملكها نضال الشعوب، عندما تلقي في سلة المهملات المظاهر، وتزوير الحقيقة والتاريخ، والابتزازات والتهديدات التي يستخدمها الذين يخدمون القوى الاستعمارية، لجعل "الذين في الأسفل" يتصالحون مع الهمجية والظلم، والقمع، ويقبلون السطو على كل مكتسباتهم. ويؤكد مجددا أن تسميم عقول الاجيال، ومحاولات تدجينها وجرها ل"التطبيع" بدعوى المصلحة الوطنية المزعومة يزيل فعاليتها الواقع المزري وتبخر معه الأحلام ويكشف اكذوبة الوعود.
إن الكمبرادور والملاكين الكبار ومصالحهم، والراسمال المالي الامبريالي وارباحه هم الكتلة الحقيقية والثقيلة الوحيدة التي تطحن الشعب. وهم فوق ذلك لديهم الوقاحة، إلى جانب احزابهم وحواريهم وكتابهم واعلامييهم، ليهزوا إصبعهم للشعب، يدعونه لتحمل أعباء الأزمة الاقتصادية العالمية، و"النمو الرأسمالي"، الغلاء، الضرائب، عدم القدرة على ايجاد مقعد لابنائهم في المدرسة ولا سرير في المستشفى، ولا على إيجاد سكن، الاجور التي تعجز عن تلبية ابسط الحاجيات،.. مع در توابل خادعة توهم ب"اللحاق بركب التقدم".
والحقيقة المرة هي ان المنتجون للثروة في بلدنا، كما رفاقهم في جميع البلدان، عاشوا دائمًا تحت إمكانيات عصرهم، وكلما مرت السنوات، تصبح المسافة بين كيف يمكن أن يعيشوا وكيف يعيشون حقًا، أكبر. وهذه هي الحقيقة.
وبعد كل رجة في الشارع، يضطر النظام لإرسال إشارات التحرك لكل من يدور في فلكه، تلتقطها الأدوات السياسية والقيادات النقابية وتقعد فوق جراح الكادحين لترقص وتتغني بالفتات، التي يرميها لهم النظام بين الحين والآخر، بعد أن جرد الشعب أولاً بشكل كامل منها، لخداعه وامتصاص غضبه.
والتجربة الحية تقول: مرت السنوات، وذهبت وجوه زينت وجه النظام وجاءت وجوه سياسية اخرى للزينة من جديد. الشيء الوحيد الذي بقي كما هو هو من يدعو دائما لتقديم "التضحيات"/الضرائب ومن يرى أرباحه تتضاعف، بدون أن يلمسهم أحد.
إنه القانون الذي يجعل الأوهام تتساقط ويحكم على التضحيات بالصعود لواجهة الصراع، لتتواصل وتواصل درب الشهداء والمعتقلين،.. لكن مع استمرار غياب التنظيم السياسي الثوري يستمر ميزان القوة للطرف الأكثر تنظيما.
فكل عائق في حياة الجيل الجديد هو صفر إضافي يضيف الملايين في موازنات أرباح شركات الكمبرادور، والراسمال الاستعماري والصهيوني، والملاكين الكبار، وتكتلات الطاقة، وأصحاب المحلات السوبر ماركت والشركات المسجلة في البورصة، والمصرفيين،.. هذا الكل، الذي تحطم أرباحه الأرقام القياسية كل عام، لا تتعرق آذانهم بالطبع من "الغرامات"/المداعبات، المحسوبة وبالمدرجة بالفعل في ميزانياتهم من بداية العام.
لهذا يجب أن تكون الإجابة، من الشعب والشباب، على من يؤسسون لعزل الشباب عن جذوره، بوضع "قواطع" على احتياجاتهم ومطالبهم، واحدة فقط: بشكل أكثر جماهيرية، أكثر تنظيمًا، أكثر هجومية في النضال من أجل احتياجاتنا، من أجل الحياة التي نستحقها في القرن الحادي والعشرين!
لكي يذهب النضال حتى النهاية يجب أن يضع في مرماه المجابهة والصراع بلا هوادة ضد الاعداء الحقيقيين بدل التوجه لهوامش ينسج خيوطها العدو.
هذا النضال، لكي يكون منتصرًا، لكي يستطيع أن يذهب حتى النهاية الممكنة، في شروط الراهن، يجب أن يضع في مرماه، مجابهة النظام، مجابهة لدولة الكمبرادور والملاكين الكبار، العدو الحالي، ومؤسساته المعادية للشعب بشكل كلي، مجابهة جميع أحزاب النظام، القوى السياسية المنبطحة والقيادات النقابية المفيوزية، التحالفات الإمبريالية والرجعية والصهيونية التي ينخرط فيها النظام القائم، لأن كل عناصر هذه التشكيلة هي حصون النظام.