هذا العمل القيم والغني
بالمعطيات هو في الأصل تعليق/تفاعل للرفيق Anas Fassifihri (أحد أصدقاء ومتتبعي مدونة
وصفحة "مغرب النضال والصمود") مع مقال "البديل الجذري//نافذة
على إحدى إمبراطوريات النظام OCP"، وفيما يلي نص
التعليق كما هو منشور على صفحة صاحبه على الفايسبوك:
ارتأيت الاسهام، ببعض
المعلومات و لو بشكل مرتجل، في اغناء النقاش الدي فتح نافدة على الشركة الاخطبوط OCP.
الهدف هو دحض الاكدوبة
القائلة بان المغرب بلد فقير و التي يروجها النظام القائم و حلفائه الرجعين في محاولة
يائسة لحجب الحقيقة عن جماهير الشعب المغربي لتأبيد السيطرة الطبقية على ثراوته.
فمن منا يمكن ان يصدق
ان بلدا مثل المغرب الدي يحقق ناتجا داخليا يفوق 114 مليار دولار (الاحصاءات الرسمية
لسنة 2014) هو بلد فقير!
و الحقيقة ان للمغرب
ثروات هائلة تفوق بكثير حاجيات الساكنة و التي يشكل الفقراء غالبيتها العظمى.
فالمغرب يحتل أماكن
ريادية في انتاج و تصدير المعادن، الا ان شركات يملكها رموز التحالف الطبقي المسيطر
و شركات عالمية هي التي تجني ارباحا هائلة من وراء استغلالها. على سبيل المثال، لا
الحصر فمناجم الفضة تمتلكها شركة "مناجم"، فرع "اونا". و كلنا
يعرف منطقة تنغير التي تسبح فوق احد اكبر مناجم الفضة في العالم فيما يعيش السكان المحليون
ضروفا مأساوية. نفس الشركة (اونا) تسيطر على مناجم الكوبلت و الزنك و معادن اخرى. و
تحضى شركات كندية و انجليزية و اخرى اجنبية بحصص هامة من معادن الدهب و النحاس و القصدير
و الماز، الخ. و سانشر فيما يلي بعض الارقام المتعلقة بقطاع الفوسفاط الدي يعتبر المغرب
اكبر مصدر عالمي له.
اضافة الى المعادن
فللمغرب ثروات فلاحية (ناتج يقدر باكثر من 80 مليار درهم سنويا) و سمكية (حوالي 7مليار
درهم سنويا) هائلة جعلته يحتل الريادة على المستوى العربي و الافريقي و العالمي في
الكثير منها. اد يعتبر من بين الدول العربية القليلة القادرة على تحقيق الاكتفاء الداتي
في الغداء (95000 كلم2 من الاراضي الصالحة للزراعة اي اكثر من 3 مرات مساحة بلجيكا).
و تتركز ثرواتنا هده بين البرجوازية المحلية و الرأسمال العالمي. فأجود الاراضي الفلاحية
تسيطر عليها شركة "DOMAINES AGRICOLES" مند
ولادتها بعد الاستقلال الشكلي، و تعد هده الشركة الان الممون الاول في منتجات الخضر
و الفواكه و الحليب و اللحوم برقم معاملات سنوي يفوق 150 مليون دولار و مساحات مستغلة
تقدر ب 12000هكتار، تتبعها شركات محلية اخرى مثل بناني سميرس، القباج، الزنيبر الخ
ثم شركات اجنبية خاصة الفرنسية و الاسبانية منها (أزورا، IDYL..).
و اضافة الى الامتيازات و الاعفاءات
الضربية الخيالية التي حضيت و تحضى بها هده الشركات فان القيمة المضافة الهائلة التي
تحققها هي نتاج الاستغلال البشع للطبقة العاملة من "الاجور" الزهيدة جدا
الى الطرد التعسفي و شروط العمل المأساوية في الضيعات (كلنا يدكر الطرد التعسفي المتكرر
في حق العمال الفلاحيين لتعويضهم بشركات الوساطة).
اما قطاع الصيد البحري
الدي يحتل فيه المغرب المركز الاول عربيا و الثامن عشر عالميا بانتاج يفوق المليون
طن سنويا، مع احتلال موقع الريادة عالميا في انتاج و تصدير بعض الانواع من السمك مثل
السردين والاغار و الاسقمري و الانشوبة، فتسيطر عليه اساطيل شركات عائلات متنفدة في
مربع السلطة و الشركات الاجنبية من ضمنها الاسبانية و الفرنسية و اليابانية بموجب اتفاقات
مدلة، كالاتفاق مع الاتحاد الاوربي، و التي بموجبها تباع ثرواتنا بثمن بخس للرأسمال
العالمي يكون المستفيد الوحيد منها هي البرجوازية المحلية. اكثر من دلك يسمح النظام
القائم بنهب منقطع النظير لثرواتنا و من بينها الاسماك التي تستغلها الاساطيل بطرق
محضورة عالميا و هو مايهدد العديد من الانواع بالانقراض في المستقبل القريب.
اما قطاع الصناعة
(32% من PIB) و
الخدمات (51% من PIB) فمداخيله
الهائلة فيسيطر عليها ايضا شركات الرأسمال المحلي (مجموعة اونا، بنجلون، كريم العمراني،
الكتاني،.الخ.) في شراكة و ارتباط بالشركات المتعددة الجنسيات. و يعتبر قطاع الصناعات
الدوائية من اهم القطاعات التي تدهب نسبة منها للسوق الافريقية و الاوربية كما تغطي
جل الاحتياج المحلي باثمان باهظة، حيث يعتبر المغرب من بين الدول القليلة في العالم
التي تطبق الضريبة على القيمة المضافة حتى على الدواء (7%). و هناك ايضا الصناعات الكيميائية
و البتروكيميائية و التعدين، ثم النسيج و السيارات و ترحيل الخدمات و السياحة، الخ.
على ان العامل المشترك
لكل هاته القطاعات هو الارباح الهائلة التي تجنيها و الاوضاع المزرية التي يعيشها العمال
المساهم الاول في تحقيق هاته الارباح. و يكافئها النظام بخلق مناطق يمكن و صفها بجنات
ضريبية، اد تعفى المناطق الحرة مثلا مدى الحياة من الضريبة على القيمة المضافة و لا
تؤدي الضريبة على الشركات الى بعد انقضاء 5 سنوات الاولى من خلقها و بعد دلك بمعدل
زهيد 8.75% ثم الاعفاء من الضريبة المهنية لمدة 15 سنة. في هده المناطق تتركز الشركات
متعددة الجنسيات و التي تحول كل ارباحها الى الشركات الام في الخارج عدا النفقات التي
تؤديها لشركاتها الام عبر ما يسمى "management fees".
في مقابل دلك فان
الفقراء هم من يؤدون الضرائب. فمثلا غالبا ما تصل الضريبة على القيمة المضافة 20% من
ثمن اي سلعة او خدمة يشتريها المواطن. اما ال"اجور" الزهيدة التي يتقاضاها
المحظوظون ممن استطاعوا الحصول على "عمل" فيتم خصم نسبة عالية منها كضريبة
على الدخل. و ادنى معدل لهده الضريبة في وطننا الحبيب هو 10%، ليصل الى 38%.
واد تتم السيطرة و
نهب خيرات المغرب الهائلة، فان المورد الرئيسي للميزانية يبقى هو الضرائب التي يؤديها
المواطنون من جيوبهم و من عرق الجبين. فميزانية 2015 مثلا تتشكل من 268 مليار درهم
من الواردات يتم تمويل 178 مليار درهم منها من واردات الضرائب اي اكثر من 66%. و تؤكد
الاحصاءات ان المغرب من بين اكبر البلدان في العالم التي تطبق ضرائب مرتفعة جدا على
المواطنين. فبعد خوصصة معظم الشركات العمومية، التي هي ملك للشعب، و تم نهب اموالها،
لم يعد هناك من حل سوى الرفع المهول في الضرائب و مزيدا من الهجوم على مكتسبات الجماهير
الشعبية : المرور للفصل الاخير من خوصصة القطاعات الحيوية مثل التعليم و الصحة ثم حدف
صندوق المقاصة و مزيد من "الاصلاحات" التخريبية لنهب ما تبقى من ما يسمى
"صناديق التقاعد". و دلك طبعا انسجاما مع ما تمليه الامبريالية عبر مؤسساتها
المالية العالمية على النظام القائم. كيف لا و المستفيد الوحيد من ثروات الشعب هو من
جهة النظام و حلفائه الرجعيين ثم الامبريالية التي يرتبط بها ارتباطا وثيقا.
لنعد ادن الى قطاع
الفوسفاط و شركة OCP التي
تديره. الفوسفاط الدي يشكل 20% من صادرات المغرب ، 4،3% من PIB و يستحود على ما يقارب
ال30% من السوق العالمية.
و يعتبر المغرب اول
مصدر عالمي للفوسفاط و 3 اكبر منتج له، كما له اكبر احتياط عالمي من هدا المنتوج.
بلغ رقم معاملات شركة OCP سنة 2013 الى 46 مليار
درهم، و نتيجة سنوية صافية خيالية بلغت 7،1 مليار درهم. اؤكد بان معدل الربح هدا تحققه
هده الشركة (او اكثر منه)سنويا (نعم كل سنة!!).نتائج مالية يمكن ان نتقد ملايين العائلات
من المغاربة من الفقر مدى الحياة. على ان المرء سيصاب حتما بالجنون حينما يعلم بان
الغالبية العظمى من السكان تقبع في فقر مدقع.
ما أثار انتباهي بشكل
كبير و انا اطلع على ارقام هده الشركة (OCP)هو ان الهبات (cotisations et dons) وصلت
سنة 2013 الى 469 مليون درهم. و هو رقم خيالي تدكرت مباشرة بعده ان مبالغ طائلة تدفعها
هده الشركة (التي هي ملك للشعب) لتمويل مهرجانات الموسيقى لتمييع الشعب و تسييد الثقافة
الرجعية و من بينها مهرجان موازين سيء الدكر.
ما اثار انتباهي ايضا
هو الراتب الشهري للمدير العام للشركة الدي كانت قد نشرته احدى المجلات و الدي قدر
ب 300.000 درهم كمبلغ صافي شهري، اي ما يمكن ان يفوق 5.200.000 درهم كراتب خام سنوي،
ناهيك عن المكفاءات الخيالية التي تخصص لهدا النوع من المدراء. و هو ما يشكل حصة كبيرة
جدا من ارباح الشركة تعكس حجم النهب منقطع النظير الدين تتعرض له ممتلكات الشعب في
المغرب. على ان شركة مثل OCP لا
تحتاج اصلا الى مدير عام و مدراء يحصلون على هده المكفاءات الخيالية التي يمكن ان تشكل
مصدر دخل محترم لمئات، بل الاف العائلات مدى الحياة. خاصة و ان الفوسفاط المغربي هو
منتوج جيد يستجيب لمعايير الجودة العالمية مما يعكس حجم الطلب الدي يحضى به على الصعيد
العالمي (اول مصدر عالمي) او حتى على المستوى المحلي، فالسوق المغربية، ورغم الاثمان
الباهظة، تستوعب 13% من المنتوجات المعدنية لل OCP و 9% من المنتوجات
الكميائية. ولو كان تدبير الادارة العامة للفوسفاط جيدا لما انخفض رقم المعاملات من
56 مليار درهم سنة 2011 الى 46 مليار درهم سنة 2013، و هو انخفاض مهول يعكس انعدام
اي مجهود تجاري للادارة العامة. بل اكثر من دلك فالفائض العام للاستغلال (Exedent brut d'exploitation) انخفض
من 24،5 مليار درهم سنة 2011 الى 10،6 مليار درهم سنة 2013. تدهور كارثي يعكس سوء التدبير
و كثرة الفساد و النفقات دون جدوى. سوء التدبير يتجلى ايضا في حجم المديونية الهائل
الدي لجأت له الشركة سنة 2013: 271 مليار دولار من بنك KFW, و 150 مليار دولار
من "البنك الاسلامي للتنمية" ثم 1،2 مليار درهم من بنك SG. ديون هائلة فيما للشركة
قدرة كبيرة جدا على التمويل الداتي (Autofinancement - vu les cash flows
positifs ėnormes!).
فيما يبقى المتضرر
الوحيد هو الطبقة العاملة في القطاع التي لا يصلها سوى الفتات و هي المنتج الرئيسي
لهده الثروة. لعلمكم ايضا و في اطار التضييق على العمال و التخلص منهم باي شكل من الاشكال
فادارة ال OCP ادت
سنة 2013 مبلغ 942 مليون درهم لشركات الوساطة و هو ما يوضح سياسة مفلسة تعتمد على شركات
المناولة عوض اللجوء الى عمال رسميين بشكل مباشر. على ان شركات الوساطة هده هي بدورها
تستغل ابناء الشعب في ظروف عمل تشابه ظروف القرن 19(رواتب زهيدة جدا جدا، يمكن ان تشتغل
12ساعة يوميا و اكثر و توؤدى عن 10 فقط، الطرد في اي وقت ...).
في المحصلة ارى ان
نضالات الشعب المغربي ينبغي ان توجه ايضا و بشكل اهم للسيطرة على مسلسل الانتاج، الوتر
الحساس للنظام القائم، و من ضمنها الشركات الاخطبوطية مثل الفوسفاط او اتصالات المغرب،
الخ. فلتوجه الاعتصامات و الاضرابات لمقار هده الشركات..
21 فبراير 2015
شارك هذا الموضوع على: ↓